حجية الأحكام الجنائية الغيابية في دعوى التعويض المدنية 

بقلم: الأستاذ/ محمد عبدالسميع

يحدث كثيراً  أمام المحاكم  الخلط بيـن المفهوم القانوني لنصوص المواد265  والتي تنص على « إذا رفعت الدعوي المدنية أمام المحكمة المدنية،  يجب وقف الفصل فيها حتى  يحكم نهائياً في الدعوي الجنائية المقامة قبل رفعها  أو  أثناء السير فيها»، وبيـن فوات مواعيد الطعن المقررة للحكم الجنائي من تاريخ الإعلان أذا كان غيابيا، أو التقرير به خلال العشرة أيام المقررة إذا كان حضورياً  والذي يكون حينها بات ونهائي بفوات مواعيد الطعن المقررة له.

الطعن رقم 3130لسنة 68قضائية

وعلى ذلك يفرض الواقع العملي أمام المحاكم أسئلة مهمة جدا:ـ

س1/هل من اللازم أن يظل المجني عليه  منتظرا   قيام المتهم باستخدام حقه بالطعن علي الحكم حتى  يصير نهائيا في كل مرحلة من مراحل الطعن؟

س2/وماذا لو تم انقضاء الدعوي الجنائية جراء انتظار المجنى علية المتهم استخدام حقة في طرق الطعن المقررة قانونا وأصبح حكم الانقضاء حجة امام القضاء المدني؟

س3/وهل هناك حلول قانونية تفصل بيـن حالة عدم الطعن من المتهم  علي الحكم الغيابي وصولا ً لانقضاء للدعوي الجنائية بالتقادم  طبقا للمادة 456 إجراءات جنائية،  وتقادم دعوي التعويض الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 752 مدني ،  عن الخطأ والاضرار الناشئة عن الفعل المجرم جنائيا؟

س4/ وماذا لو تم الاعلان بالحكم الغيابي للمتهم ولم يقرر بالطعن في الحكم طبقا لطرق الطعن في الاحكام الجنائية المقررة قانونا؟

القاعدة تنص على أن الأحكام الجنائية لها حجية في دعوي التعويض أمام القضاء المدني ومن ثم فإن إدانة المتهم جنائيًا يكون قد توافر في حقة ركن الخطأ، حينها لا يكون أمام القاضي المدني إلا أن ينظر  ويبحث الأضرار التي أصابت المجنـى عليه وعلاقة السببية بينهما .

مع العلم أن هناك احكام جنائية لا يكون لها حجية امام المحكمة المدنية رغم القضاء فيها بالبراءة

* مثال ذلك قضاء الحكم الجنائي بالبراءة من تهمة تبديد المنقولات ،  وحق المجنـى عليها في التعويض أمام القضاء المدني عن الاضرار وفقاً لأحكام المسؤولية التقصيرية  ، وحق المجنـي عليها في المطالبة بالرد والتسليم أمام محاكم الاسرة وفقا لأحكام المسؤولية العقدية ، وبين دعوي التبديد جنائيًا،  لاختلاف الموضوع في كل منهما إلا أذا كان حكم البراءة بُنى على ثبوت تَسلُم المجني عليها المنقولات وأصبحت في حيازتها وتحت سيطرتها المادية.

وعلي ذلك فلا شك أن الواقع العملي أن بعض الأحكام المدنية يشهد تضارب بَين في الاحكام القضائية المدنية من حيث حجية الاحكام الجنائية ،وقد يقضي بعضهم بالوقف التعليقي وأحكام أخرى تقضى بالإحالة إلي التحقيق لبحث الاضرار التي أصابت المجنى عليه.

النصوص القانونية:

نصت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية «يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها . ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة ،  ولا تكون له هذه القوة اذا كان مبنيا على ان الفعل لا يعاقب عليه القانون».

وفي ذلك نصت المادة ١٠٢من قانون الاثبات «لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريًا».

وبتفويت المتهم لمواعيد الطعن المقررة فان كان الحكم حضوريا فانه يصبح نهائيا بمرور العشرة ايام المقررة للطعن عليه بالاستئناف ويصبح باتا بمرور الستين يوما المقررة للطعن بالنقض ومن ثم يحق للمجنى عليه بهذا التفويت أن يرفع دعوى التعويض او تكملته امام القضاء المدني وان كان الحكم الجنائي غيابيا فان الحكم يكون باتا بمرور العشرة ايام المقررة للمعارضة من تاريخ اعلان المتهم بهذا الحكم الغيابي وبمرور العشرة ايام المقررة للاستئناف ويكون باتا بمرور الستين يوما المقررة للطعن بالنقض يصبح الحكم الجنائي باتا اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ انقضاء ميعاد الطعن فيه فان كان ابتدائيا فان ميعاد استئنافه يكون عشرة ايام من اليوم التالي لتاريخ صدوره فان انقضى هذا الميعاد دون رفع الاستئناف فان الحكم يصبح باتا اعتبارا من اليوم التالي لانقضاء العشرة ايام المحددة للاستئناف.

المستشار انور طلبة – الاثبات – ص 6۰۰ – طبعة نادي القضاة ۲۰۱۱

الحكم يكون باتا ولو لم يطعن على الحكم بالاستئناف والنقض اذا فوت المتهم الميعاد المحدد لكل منهما اذا يصبح الحكم نهائيا بفوات ميعاد الاستئناف وباتا بفوات ميعاد النقض ”

مشار اليه د. عبد الحكم فوده – المسئولية المدنية والتعويضات – طبعة ۲۰۰6 ص ۲۹۹ ج ۱

ان الحكم الجنائي لا تكون له حجية الشيء المحكوم فيه امام المحاكم المدنية الا اذا كان باتا لا يقبل الطعن بالنقض اما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة او لعدم الطعن عليه رغم فوات مواعيده }

نقض ۱۹۸۹/۱۲/۲۰ المكتب الفني س ۳۰ رقم 413 ص ۲۱۸۰

فالمشرع اجاز للمضرور والمجنى عليه أن يقوم بإعلان الحكم الجنائي الغيابي ليقطع على المتهم مواعيد الطعن فان لم يتخذ الاخير مواعيد الطعن صار الحكم باتا ويحق معه للمضرور والمجنى عليه رفع دعوى التعويض او تكملته أمام القضاء المدني المقرر أن المشرع اجاز للمضرور والمجنى عليه القيام بإعلان الحكم الجنائي الغيابي ليحوز بهذا الاعلان حجية الأمر المقضي وبدء مواعيد الطعن فيه بالمعارضة والاستئناف وتمكينا للمضرور والمجنى عليه من الحصول على حكم بات يتمكنا معه من رفع دعوى بالتعويض ان لم يتضمن قضاء بالتعويض وان تضمن تعويضا مؤقتا تمكنا من رفع دعوى بتكملته أمام المحكمة المدنية.

المستشار انور طلبة – الاثبات – طبعة نادي القضاة ۲۰۱۱ – ص 614

انه أن قام المضرور بإعلان المتهم بالحكم الغيابي زال التلازم بين الشق الجنائي والشق المدني بحيث اذا لم يطعن المتهم في الحكم بالمعارضة او الاستئناف حاز الحكم في شقه المدني ” قوة الأمر المقضي ” واصبح باتا عملا بالمادة ۲۱۳ من قانون المرافعات والتزمت المحكمة التي تنظر دعوى تكملة التعويض هذه الحجية دون اعتداد بمصير الشق الجنائي “.

المستشار انور طلبة – الاثبات – ص ۹۱۹، ۹۲۰ – طبعة نادي القضاة ۲۰۱۱

وعلى ذلك وبناء على ماتقدم من طرح

فأنهُ  يجب الأخذ في الاعتبار واتأكيد على مراعاة المواعيد القانونية المقررة سواء من حيث المقرر منها لطرق الطعن وأثر تفويتها من حيث النهائية والبيتوته وأثر ذلك في الحقوق المقررة امام القضاء المدني للتعويض عن الاضرار وخشية عد السقوط بالتقادم الثلاثى.

ولكن مع الاخذ في الاعتبار الأتي:

  • الأحكام الجنائية الغيابية – يجب أعلانها للمتهم ويفضل أن يكون الاعلان شخصيا قبل اللجوء للقضاء المدني بالتعويض مع السماح له بمواعيدة المقررة للطعن في الحكم الجنائي. مادة 454/1.
  • يجب مراعاة المواعيد المقررة طبقا لنص المادة 752 من القانون المدني لسقوط دعوى التعويض بالتقادم
  • يجب مراعاة أن الميعاد المقرر للطعن على الحكم الجنائي للمتهم عشرة ايام من تاريخ اعلان الحكم الجنائي وذات المدة للحكم الحضوري للطعن بالاستئناف. مادة 406/1 أجراءات جنائية.
  • مدة الثلاثين يوم المقررة للنائب العام أو للمحامى العام في دائرة اختصاصة من وقت صدور الحكم، ومقررة فقط للمحامي العام والنائب العام ولايتعلق بها حق لمرتكب الفعل الضار الذى صار الحكم الجنائي نهائياً وباتاً في حقه بفوات مواعيد الطعن المقرر له بالمادة 406/1 إجراءات جنائية.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى