جريمة التصوير الإلكتروني دون رضاء صاحبه
بقلم: الأستاذ/ فرج محمد
كانت مواقع التواصل الاجتماعي شهدت الأيام الماضية، حالة جدل بعد انتشار صورة لأحد المواطنين وهو يؤدى الصلاة على دراجته، والذي انعكس سلباً على صاحب الصورة، وتضرّره نفسياً، ووصل الأمر إلى انتشار شائعات حول وفاته أو تعرّضه لأزمة صحية لغضبه من الصورة. وقال النائب عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، إن تصوير أي مواطن دون إذنه، ونشر صوره، تُعد جريمة يعاقب عليه القانون، استناداً إلى التشريع الجديد لجرائم الإنترنت، وتصل العقوبة إلى الحبس 6 أشهر وغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه، مشيراً إلى أحقية صاحب صورة «العجلة» في إقامة دعوى قضائية، والحصول على تعويض لانتهاك حرمة حياته الخاصة.
ومن المعلوم أن الدستور الحالي قد قرر حرمة الحياة الخاصة ومنع المساس بها، وذلك في مواد عديدة به والحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة التي كفلها الدستور حيث نصت المادة 54 على حرمة الحياة الخاصة، كما نصت المادة 57 على أن للحياة الخاصة حرمة وهي مصونة لا تمس وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية.
كما نصت المادة 60 على حرمة جسد الإنسان وأن أي اعتداء عليها أو تشويهها جريمة، وقد قضت محكمة النقض بأنه: (كل اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة هي جريمة لا تسقط الدعوي عنها). (الطعن رقم1853لسنة49ق، جلسة17/5/1983م)
وقد صدر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المعروف بـ”جرائم الإنترنت”، وذلك بعدما تم التصدق عليه برقم 175 لسنة 2018، وتم نشره بالجريدة الرسمية وتنص المادة (25) منه على أن «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أىٍّ من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة الكثير من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات لنظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته».
وبذلك فان تصوير الشخص دون رضاه أو خلسة يشكل مسئولية جنائية على مرتكب هذا الفعل، وقد قرر الفقه بأنه: (يتميز قانون العقوبات عن سائر قروع القانون بأسلوبه في تقرير الحماية للحقوق والحريات والواجبات العامة والذي يتمثل في تجريم المساس بهذه الحقوق والحريات والواجبات ويعبر عن هذا التجريم بعقوبات معينة يتعرض للحكم بها من يرتكب الأفعال المخالفة للقانون).
(أستاذنا الدكتور/أحمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري، طبعة2001م،ص18) بل وقد يتم توقيع عقوبة أشد اذا ارتبط هذا الفعل بجريمة أخرى عقوبتها اشد وذلك وفقا لأحكام الارتباط بين الجرائم والتي تنص على توقيع عقوبة الجريمة الأشد طبقا لنص المادة 32 عقوبات والأمر بالطبع يخضع لتقدير القاضي .
وقد قضت محكمة النقض بانه (مناط تطبيق المادة 2/32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة )
(الطعن رقم 1724 لسنة 37 جلسة 1967/11/27 س 18 ع 3 ص 1168 ق 245)
وقد قضت محكمة النقض بأنه: (لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، كما إنه من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بِعِدَّة أفعال مُكَمِّل بعضها بعضًا، فتكوَّنت منها مُجْتَمِعَة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في هذه الفقرة).
(الطعن رقم 25649 لسنة 86 جلسة5/9/2018م)