جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة.. (القصد الجنائي فيها ـ مناط تحققها ـ تعريف المكان الخاص)

كتب: علي عبدالجواد

تناولت المبادئ القانونية المقررة حديثًا من الدوائر الجنائية لمحكمة النقض جريمة (التعدي أو الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة)، حيث أوضحت القصد الجنائي فيها، ومناط تحققها، وعرفت المكان الخاص وماهيته، وذلك الطعن رقم (1955 لسنة 88 ق – جلسة 11/10/2020)، وأكدت في الطعن رقم (528 لسنة 89 ق – جلسة 24 / 9/ 2020)، أن العبرة في تحديد عقوبة أشد الجرائم تكون بتقدير القانون ذاته لها لا حسب ما يقدره القاضي بالحكم فيها.

تحقق جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة

قالت المحكمة في قاعدتها بالحكم في الطعن رقم (1955 لسنة 88 ق – جلسة 11/10/2020)، إنه لما كانت جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجني عليه المنصوص عليها في البند (ب) من المادة 309 مكررًا من قانون العقوبات تتحقق بالتقاط بجهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.

المكان الخاص

وتابعت: “والقانون وإن استلزم أن يكون التقاط الصور في مكان خاص إلا أن المشرع لم يشأ أن يورد تعريفًا محددًا للمكان الخاص أو أن يقرنه بمدلول معين، وكان المكان الخاص هو المكان المغلق الذي لا يسمح بدخوله للخارجين عنه أو الذي يتوقف دخوله على إذن لدائرة محدودة صادر ممن يملك هذا المكان أو من له الحق في استعماله أو الانتفاع به أو يحول دون اطلاع من يوجدون في خارجه على ما يجرى بداخله”.

القصد الجنائي

أشارة المحكمة إلى أن كان القصد الذي يتطلبه الشارع في جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة المنسوبة إلى الطاعن والمحاسب عليها بنص المادة 309 مكررًا من قانون العقوبات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادي وتستوي البواعث التي دفعت المتهم إلى فعله، وأن مجرد الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بالتقاط بجهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص يفترض فيه القصد إذا ما توافر عنصراه العلم والإاردة.

وقالت: إذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي لجريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجني عليها بالتقاط الطاعن بجهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه صورتها عارية في مكان خاص بعد أن اقتادها المحكوم عليهما األول والثاني إلى إحدى المناطق النائية وأشهر المحكوم عليه الأول سلاحًا أبيض في وجهها وحسر عنها مالبسها وتناوب والمحكوم عليه الثاني الاعتداء عليها جنسيًا حال قيام الطاعن بتصويرها عارية مهددين إياها بافتضاح أمرها، وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بيانًا لواقعة الدعوى ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركان جريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجني عليها بالتقاط صور لها في مكان خاص تتحقق به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها ، كما هي معرفة به في القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.

تحديد عقوبة أشد الجرائم

قالت محكمة النقض في موجزها بالطعن رقم (528 لسنة 89 ق – جلسة 24 / 9/ 2020)، إن العبرة في تحديد عقوبة أشد الجرائم بتقدير القانون ذاته لها لا حسب ما يقدره القاضي بالحكم فيها، وأن عقوبة جريمة استعمال صور المجني عليها في غير علانية عن طريق الحاسب الآلي بغير رضاها أشد من تلك المقررة لجريمة تزوير وسيط إلكتروني.

وتابعت: “إعمال الحكم الارتباط بين الجرائم وإلغائه عقوبة الحبس الوجوبي وقضاءه بالغرامة، خطأ في تطبيق القانون، لا تملك
محكمة النقض تصحيحه”.

القاعدة:

من المقرر أن العبرة في تحديد عقوبة أشد الجرائم المنسوبة إلى الجاني هي بتقدير القانون، ذاته لها – أي العقوبة المقررة لأشدها في نظر القانون من العقوبات الأصلية وطبقًا لترتيبها في المواد ۱۰ ، ۱۱ ، ۱۲ من قانون العقوبات – لا حسب ما يقدره القاضي بالحكم فيها.

وبالتالي فإن القانون الذي يقرر للفعل المؤثم عقوبة الحبس بغير تخيير مع عقوبة أخرى أخف أشد من ذلك الذي يقرر له عقوبة الحبس أو الغرامة.

ولما كانت العقوبة المقررة لجريمة استعمال صور المجني عليها في غير علانية عن طريق الحاسب الآلي بغير رضاها المنصوص عليها في المادة ۳۰۹ مكر ار ” أ ” فقرة 1 من قانون العقوبات هي الحبس وحده وجوبًا على القاضي ، فهي أشد من العقوبة المقررة لجريمة تزوير وسيط إلكتروني المنصوص عليها في المادة 23/1 بندي ب، ج فقرة أخيرة من القانون رقم 15 لسنة 2004 وهي الحبس أو الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه تخييرًا للقاضي مما مفاده انفساح الأمل والرجاء للجاني في هذه الحالة الأخيرة بتوقيع الغرامة عليه بدل الحبس بعكس الجريمة الأولى التي يتعين فيها توقيع عقوبة الحبس إلزامًا.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى قيام الارتباط بين الجرائم المسندة إلى الطاعن فتكون جريمة استعمال صور المجني عليها في غير علانية بغير رضاها هي الواجبة التطبيق باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد، وإذ كانت عقوبة هذه الجريمة هي الحبس وجوبًا مدة لا تقل عن ثمان وأربعين ساعة، وفقا لنص المادة ۳۰۹ مكررًا ” أ ” فقرة 1 من قانون العقوبات والمادة 11٦ مكررًا من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، وكان الحكم المطعون فيه قد ألغى عقوبة الحبس وقضى بالغرامة والتي لم يضاعف حدها الأدنى بمقدار المثل تطبيقا للمادة 11٦ مكرر من قانون الطفل سالف البيان، ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى