جريمة إصدار شيك بدون رصيد

كتبه: محمود حسن المحامي

تنص المادة 374 من قانون العقوبات على أن يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن قيمة الشيك أو عن النقص في الرصيد..
ـ كل من أصدر بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم و قابل للصرف أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو قام بسحب الرصيد كله أو بعضه بعد إصدار الشيك أو منع المسحوب عليه من صرفه .
ـ كل من قبل أو ظهر شيكا صادر في الظروف المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.

ـ كل من أصدر أو قبل أو ظهر شيكا و اشترط عدم صرفه فورا بل جعله كضمان.

يستفاد من نص المادة 374 ق ع أنّ جريمة إصدار شيك بدون رصيد قد ترتكبها الساحب في آلة إصداره شيكا لا يقابله رصيد ، و قد يرتكبها المستفيد في حالة قبوله للشيك أو تظهيره و هو يعلم أنه لا يوجد لرصيد يقابله . و لتتكلم فيما يلي في جنحة الساحب في جريمة إصدار شيك دون رصيد م ف ي جنحة المستفيد في هذه الحالة .

ـ جنحة الساحب في جريمة إصدار شيك دون رصيد.
يتضح من نص المادة 374 ق ع أنّ جنحة الساحب في جريمة إصدار شيك بدون رصيد تطلب لتحققها توافر أركان ثلاثة و هي :-
أ ـ أن يكون محل الجريمة شيك .
يعرف الشيك بأنه أمر مكتوب من الساحب إلى المسحوب عليه ، أحد البنوك أو المؤسسات المالية بأن يدفع بمجرد الإطلاع عليه مبلغا من النقود لمصلحة من عدد الأمر أي المستفيد ، وتصف الشيك بأنه أداة وفاء فحسب ، و لا يمكن أ ن يكون أداة ائتمان ، و يجب أن تحتوي الشيك الذي تعنيه المادة 347 ق ع على البيانات الواردة في المادة 472 من القانون التجاري حتى يستوفي شروطه الشكلية ، وتتمثل هذه البيانات أساسا في البيانات التالية :
ـ ذكر كلمة شيك مدرجة في نص السند نفسه باللغة التي تكتب بها .
ـ أمر غير معلق على شرط يدفع مبلغ معين .
ـ اسم الشخص الذي يجب عليه الدفع ( المسحوب عليه ) .
ـ بيان المكان الذي يجب فيه الدفع.
ـ بيان تاريخ إنشاء الشيك و مكانه.
ـ توقيع من أصدر الشيك ( الساحب ).
وتنص المادة 473 من القانون التجاري على أنّ خلو السند من أحد البيانات المذكورة في المادة 472 من نفس القانون ، فلا تعتبر شيكا إلاّ في الأحوال التالية :
ـ إذا خلا الشيك من بيان مكان الوفاء ، فإنّ المكان المبين بجانب اسم المسحوب عليه فيكون الشيك واجب الدفع في المكان المذكور أولا .
ـ إذا لم تذكر هذه البيانات أو غيرها يكون الشيك واجب الدفع في المكان الذي به المحل الأصلي للمسحوب عليه .
ـ إنّ الشيك الذي لم يذكر فيه مكان إنشائه يعتبر إنشاؤه قد تم في المكان المبين بجانب اسم الساحب.
والراجح أنّ ليس من العدل أن يلفت من العقاب من استغل لمعرفته لأحكام القانون التجاري وأعطى سندا له مظهر الشيك و أغفل أحد البيانات التي تجعله باطلا أو تحوله إلى سندا ، إذ يكفي لاعتبار الأمر شيكا في نظر القانون الجنائي متى كان لهذا الأمر مظهر الشيك و لو أنّه لا يعد كذلك في نظر القانون التجاري . كما لا يؤثر على اعتبار الشيك شيكا تضمنية بيانات غير صحيحة أو مخالفة للحقيقة طالما أنّ السند أخذ مظهر الشيك و جرى التعامل به على هذا الأساس.

ـ أن ترتكب أفعال معينة يترتب عليها عدم إمكان صرف الشيك :

تتطلب المادة 374 ق ع لتحقق جريمة إصدار شيك بدون رصيد ارتكاب فعل الأفعال المادية الآتية :
أ ـ إصدار شيك بدون رصيد أو برصيد غير كاف .
يقتضي توافر السلوك المادي للجريمة أن يقوم الساحب بعد كتابة الشيك بلا رصيد بتسليمه تسليما رضائيا إلى المستفيد ، و على وجه يتخلى فيه الساحب نهائيا عن ملكية الشيك ، ويشترط عند إصدار الشيك أن يكون للساحب رصيد في ذمة المسحوب عليه بقيمة الشيك وقابل للصرف .
و العبرة في تقرير وجود الرصيد و كفايته هي بالتاريخ . لموضوع على الشيك ، فإذا وضع الساحب على الشيك تاريخ لاحق حتى يتمكن من وضع الرصيد أو تكملته قبل حلول هذا التاريخ فالجريمة لا تقوم ، لأنّ الشيك يكون غير قابل للصرف قبل حلول لتاريخ الموضوع عليه ، و ترتيبا على ذلك يتحقق الركن المادي لجريمة إصدار شيك غير موجود ، أو كان موجودا ولكنه غير قابل للصرف ، أو كان موجودا و لكنه غير كاف.

ـ إصدار شيك ثم سحب الرصيد قبل صرفه .

يتحقق الركن المادي لجري مة إصدار شيك بدون رصيد أن يصدر الشيك سليما و يكون الرصيد كافيا و قابلا للصرف ، ثم يتعمد الساحب سحب الرصيد كله أو بعضه قبل صرف الشيك بلا يترك مقابلا كافيا للوفاء.
وتتحقق الجريمة حتى و لو كان الساحب قد سحب الرصيد بعد أن تأخر المستفيد في صرف الشيك مدة طالت أو قصرت ، بل حتى و لو تأخر عن الميعاد المقرر في المادة 501 من القانون التجاري.

جـ ـ إصدار شيك ثم إصدار أمر بعدم صرفه .

يتحقق الركن المادي في الجريمة بأن يصدر الشيك سليما و يكون الرصيد وقت الإصدار كافيا و قابلا للصرف ، و لكن يصدر الساحب أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع دون اعتبار للأسباب التي دفعت الساحب إلى ذلك باعتبارها من قبيل البواعث التي لا تؤثر على قيام المسؤولية .

د ـ إصدار شيك و جعله أداة ضمان.

يتحقق الركن المادي للجريمة أن يصدر الشيك سليما ، و لكن الساحب يشترط على المستفيد عدم صرفه فورا : أي جعله مجرد ضمان ، لما ينطوي عليه مثل هذا الفعل من تعد على الشيك باعتباره أداة وفاء لا أداة ائتمان.

هـ ـ إصدار شيك مقابل رصيد غير قابل للسحب .

يتحقق الركن المادي للجريمة إذا كان م قابل الوفاء غير قابل للسحب أو لإشهار إفلاسه شريطة أن يكون الساحب عالما بذلك قبل إصدار الشيك : و الراجح أنّ وضع الرصيد تحت الحراسة بعد إصدار الشيك فعلا لا يؤدي إلى قيام الجريمة .

و لا خلاف في أنّ الأفعال المختلفة السابق بيانها واردة على سبيل الحصر لا المثال ، و أنّ الجريمة تتحقق بإتيان أحدها ، و أنّ جريمة إصدار شيك بدون رصيد تتم بمجرد تسليم الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب ، و لا ينفي الجريمة تقديم المستفيد الشيك للبنك في تاريخ لاحق لتاريخ إصداره ، و يظل الساحب ملتزما بتوفير الرصيد إلى حين صرف قيمة الشيك ، و ذلك بصرف النظر عن مصير الشيك أو عن الشخص الذي آل إليه .

زر الذهاب إلى الأعلى