جرائم القتل ” الجزء السابع “
بقلم/ الأستاذ: ياسر الحسنين القواس
– قد يكون الترصد فى مكان خاص بالجاني نفسه ” أمام بيته مثلاً ” نقض 15/6/1953 أحكام النقض س4 رقم 346 ص 964 ، ويكون الترصد متوافراً ولو كان تنفيذ الفعل معلقاً على تحقق شرط أو حدوث أمر ، ولا يؤثر فى قيامه حصول خطأ فى شخصية المجنى عليه أو حيدة عن الهدف ، أو كونه غير محدود .. وفى غالب الأحوال ينم الترصد عن سبق الإصرار وإن كان من المتصور أن يتحقق بدونه، فلا يشترط لوجود الترصد أن يكون مقترنا بسبق الإصرار.
– الترصد وسبق الإصرار :-
– الترصد هو تربص الجاني للمجنى عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه دون أن يؤثر فى ذلك أن يكون الترصد بغير استخفاء / جلسة 18/4/1967 ، مجموعة أحكام النقض س 37 ق ص 544 ، ويبدو من تلك التعريف أن الترصد متعلق بطريقة تنفيذ الجريمة بينما سبق الإصرار كما تحدثنا عنه فى المقالات السابقة يتعلق بقصد الجاني ، وبمعنى آخر أن الأول واقعة مادية بينما سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني وقد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية، كما يمكن القول أن سبق الإصرار يختلف عن الترصد في أن الأول في طبيعته يعد ظرف شخصياً بينما الترصد هو ظرف عيني، وفى ذلك فقد أكدت محكمة النقض المصرية أن ” الترصد ظرف عيني مشدد وصفته لاصقة بذات الفعل المادي المكون للجريمة، و يكفى لتوافر ظرف الترصد – كما هو معروف به في القانون – فى حق المتهم ما استخلصه الحكم من تربصه بالمجنى عليه وانتظار إياه على مقربة من الدار التي يعلم بوجوده بها ، وانتظار مغادرته لها للاعتداء عليه ومباغته بضربه بالعصا عندما ظفر به، وذلك بصرف النظر عن حالة المتهم الذهنية وقت مقارفته الجريمة إذ أن هذه الحالة لا يعتد بها إلا فى صدد التدليل على ظرف سبق الإصرار / جلسة 26/3/1963 مجموعة أحكام النقض س 32 ق ص 245 ”
– فيختلف الترصد عن سبق الإصرار من حيث الطبيعة القانونية ، فالأول يتعلق بماديات الجريمة ، ولا شأن له بقصد الجاني ، أما عن سبق الإصرار فهو ظرف شخصي يتعلق بقصد الجاني، ولهذا كان ظرف الترصد يسرى على المساهمين فى الجريمة جميعاً من علم به ومن لم يعلم ، فإذا اتفق شخصاً مع آخر على قتل ثالث فتربص له الجاني فى طريق عودته حتى إذا ظفر به أطلق عليه النار عد مسؤولا عن قتل مع الترصد وسئل الشريك عن نفس الجريمة، وإذ كان الترصد يتعلق بالركن المادي فى الجريمة لا بالركن المعنوي كما هو الحال في سبق الإصرار، فإن أثره يمتد إلى غير المترصد من الفاعلين أو الشركاء في الجريمة ، ومن هذا فقد أكدت أحكام محكمة النقض المصرية أن :- ” الترصد ظرف عينى ، وحكم هذه الظروف أنها تسرى على جميع المفارقين للجريمة سواء أكانوا فاعلين أصليين أم مجرد شركاء فيها ، وسواء أعلموا بها أم لم يعلموا ، وذلك باعتبارها صفات لاصقة بالفعل المادي ، فهي عناصر داخلة فى تكوين ذات الجريمة / نقض 9/11/1965 أحكام النقض س16 رقم 159 ص 833.
– كما أنه من الغالب أن يسبق الترصد الإصرار والتصميم السابق ، لكن ليس من الضروري أن يقترن سبق الإصرار دائماً بالترصد ، وفى غالب الأحوال ينم الترصد عن سبق الإصرار ، وإن كان من المتصور أن يتحقق بدونه / نقض 31 /10/1938 مج س 40 رقم 49 ، إن القانون إذ نص فى المادة 230 عقوبات على العقاب على جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد فقد غاير بين الظرفين وأفاد أنه لا يشترط لوجود الترصد أن يكون مقترنا بسبق الإصرار بل يكتفى بمجرد ترصد الجاني للمجنى عليه بقطع النظر عن كل اعتبار آخر / الطعن رقم 1403 لسنة 12 ق جلسة 18/5/1942 مجموعة القواعد القانونية ج5 ص 664 ، كما أكدت محكمة النقض المصرية في أحكامها ” غاير الشارع بين ظرف سبق الإصرار وظرف الترصد ، ولم يستلزم اجتماعهما لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 230 / نقض 12/12/1961 س12 ص 985 ، ولما كانت المادة 230 من قانون العقوبات إذ نصت على العقاب على جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد ، فقد غايرت بذلك بين الظرفين ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إذا استبقى ظرف سبق الإصرار مع استبعاد ظرف الترصد / الطعن 505 لسنة 46ق – جلسة 17/10/1976 س 27 ص 738 ، وتحقق أحد الظرفين المشددين دون الآخر يكفى لشديد العقاب / نقض 23/11/1942 القواعد القانونية ج6 رقم 20 ص 11 ، فإن المادة 232 من قانون العقوبات صريحة في أن الترصد هو التربص لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة أو قصيرة ، للتوصل إلى قتله أو إيذائه وإذ كان الترصد ظرفا مستقلاً حكمه في تشديد العقوبة كحكم سبق الإصرار فإن قيامه وحده يكفى ولو لم يتوافر ظرف سبق الإصرار / الطعن رقم 745 لسنة13 ق جلسة 10/5/1943 .