جرائم الاعتداء على العلامة التجاريَّة في القانون المصري
بقلم: الدكتور فرج الخلفاوي
عرف المشرع المصري بالمادة 63 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 العلامة التجاريَّة : بأنها “هي كل ما يميز منتجا سلعة أو خدمة عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا مميزا ، والإمضاءات ، والكلمات والحروف ، والأرقام والرسوم ، والرموز ، وعناوين المحال والدمغات ، والأختام والتصاوير ، والنقوش البارزة ، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصًّا ومميزًا، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي أو استغلال زراعي ، أو استغلال الغابات أو لمستخرجات الأرض ، أو أية بضاعة ، وإما لدلالة على مصدر المنتجات أو البضائع أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها واما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات” ، ولابد أن تدرك العلامة التجاريَّة بالبصر.
كما عرف المشرع المصري بالمادة69 من قانون رقم 82 لسنة 2002 العلامة التجاريَّة الجماعية بأنها “تمييز منتج ينتيجه مجموعة من الأشخاص ينتمون إلى كيان معين، ولو كان لا يملك بذاته منشأة صناعية أو تجاريَّة.
– تزوير أو تقليد العلامات التجاريَّة :
نصت المادة 113 من القانون رقم 82 لسنة 200 على جريمة تزوير أو تقليد العلامة، حيث نصت على أنه” يعاقب المتعدي (بالحبس مدة لا تقل عن شهرین وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرین ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتین).
1- كل من زور علامة تجاريَّة تم تسجيلها طبقًا للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور”.
والمقصود بتزوير العلامة : هو نقل العلامة المسجلة نقلا حرفيا وتاما بحيث تبدو مطابقة تماما للعلامة الأصلية .
ويرى جانب من الفقه أن التزوير : هو” اصطناع علامة مطابقة تمام للعلامة الأصلية” والتزوير يمكن أن يقوم بالنسخ الكامل أو الجزء الأساسي المميز للعلامة.
والتَّقليد : هو اتخاذ علامة تشبه في مجموعها العلامة الأصلية؛ مما قد يؤدي إلى تضليل الجمهور أو خداعه لظنه أنها العلامة الأصلية.
وعرفت المحكمة الادارية العليا التَّقليد بأنه :” تشابه بين العلامة غير المشروعة والعلامة الأصلية يؤدي إلى تضليل الجمهور”، وقد قضت محكمة النقض بأنه” لا يلزم في التَّقليد أن يكون هناك ثمة تطابق بين العلامتين، بل يكفي لتوافره وجود تشابه بينهما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات”.
(طعن رقم 6507لسنة 48ق ، جلسة 17مارس 2007)
ويعتبر جانب آخر من الفقه أن النسخ الحرفي هو التزوير والنسخ للعناصر الأساسية للعلامة هو التَّقليد، أو أن التَّقليد هو مشابهة العلامة الأصلية في المظهر العام بطريقة من شأنها إحداث لبس.
(حكم محكمة القضاء الادارى ، الدعوى رقم 12650لسنة 54ق ، جلسة 28ديسمبر 2002)
– والتَّقليد هو درجة نسخ أقل إتقانا من التزوير..
والعبرة في تزوير أو تقليد العلامة بالمظهر الإجمالي وليس بالتفصيل.
(حكم محكمة القضاء الادارى ، الدعوى رقم 41189 لسنة 59 ق ، جلسة 13ديسمبر 2008)
وبالتالي فان إضافة الجاني لاسمه الشخصي على العلامة المزورة أو المقلدة أو اختلافها في عنصر أو أكثر عن العلامة الأصلية لا يمنع من قيام التَّقليد.
وقضت محكمة النقض : بأن” تقليد العلامة التجاريَّة يقوم على محاكاة تتم بها المشابهة بين الأصل والتَّقليد بغرض إيقاع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل”.
(طعن رقم 6611لسنة 62ق جلسة 18 أبريل 2000 المستحدث في المبادئ التي قررتها الدوائر التجارية بمحكمة النقض في المواد التجارية والضرائب ص 62. وفى ذات المعنى المحكمة الادارية العليا ، الطعن رقم 5758لسنة 56 قضائية عليا ،جلسة 15ابريل 2017)
” ويتحقق التزوير أو التَّقليد باصطناع علامة مطابقة أو مشابهة لحد كبير للعلامة الأصلية، وقد يكون ذلك بصنع ختم أو غلاف يحمل العلامة المزورة أو المقلدة؛ حيث قضت محكمة النقض بأن ” المراد بالتَّقليد المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور، والعبرة في استظهاره هي بأوجه الشبه بين العلامتين الصحيحة والمقلدة دون أوجه الاختلاف”.
(طعن رقم 6611لسنة 62ق جلسة 18 أبريل 2000 المستحدث في المبادئ التي قررتها الدوائر التجارية بمحكمة النقض في المواد التجارية والضرائب ص 62. وفى ذات المعنى المحكمة الادارية العليا ، الطعن رقم 5758لسنة 56 قضائية عليا ،جلسة 15ابريل 2017)
ويكون التشابه بين العلامة الأصلية والعلامة المزورة تاما على خلاف التَّقليد الذي يقتضي إجراء المقارنة بين العلامتين لتحديد أوجه الاختلاف والتشابه بينهما.
وقد قضت محكمة النقض بأن : ألعبرة بألصورة العامة التى تنطبع فى الذهن نتيجة لتركيب ألحروف أو الصور أوالرموز على بعضها…..”.
(حكم محكمة النقض الدوائر المدنية: الطعن رقم 6507لسنة 81 ق جلسة 17مارس 2007)
– ولا يشترط أن توضع العلامة المزورة أو المقلدة على المنتجات ، ويجمل جانب من الفقه القواعد التي يمكن للقاضي الاسترشاد بها لمعرفة ما إذا كانت العلامة التجاريَّة المعروضة عليه تمثل تزويرا أو تقليدا لعلامة أصلية من عدمه، وذلك على الوجه الآتي:
1- العبرة بأوجه الشبه بين العلامتين لا بأوجه الاختلاف.
(محكمة النقض ،الطعن رقم 25248لسنة 86ق جلسة 28مارس 2017. وفى ذات المعنى محكمة النقض ، الطعن رقم 82ق جلسة 26اكتوبر2014)
2- العبرة بالمظهر العام في العلامتين لا بالعناصر الجزئية.
(محكمة القضاء الادارى ، الدعوى رقم 29276 لسنة 57 ق جلسة 12مارس 2005. وفى ذات المعنى محكمة القضاء الادارى ، دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار ، الدعوى رقم 20275 لسنة 61 ق جلسة 15 نوفمبر 2008)
3- العبرة بتقدير المستهلك العادي.
(محكمة القضاء الادارى ، دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار ، الدعوى رقم 27069 لسنة 59 ق جلسة 13مايو 2006)
4- عدم النظر إلى العلامتين متجاورتين، بل الواحدة تلو الأخرى.
(محكمة القضاء الادارى ، الدعوى رقم 10117 لسنة 50 ق جلسة 26 يوليو2003)
5- نوع البضاعة التي تحمل العلامة.
(محكمة القضاء الادارى ، دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار ، الدعوى رقم 30450 لسنة 60 ق جلسة 11اكتوبر 2008.وفى ذات المعنى محكمة النقض ، الدوائر المدنية ،الطعن رقم 5867لسنة 81ق جلسة 3ديسمبر 2014)
6 – احتمال وقوع التباس بينهما وبين العلامة الأخرى عن طريق النظر إليها أو سماع اسمها.
وقد اشترط المشرع لقيام جريمة تزوير أو تقليد العلامة التجاريَّة أن يقع على علامة مسجلة وان تكون مدة التسجيل سارية .
وقضت محكمة النقض: في ظل القانون رقم 57لسنة 1939 الخاص بالعلامات التجاريَّة: بأن” …. مناط الحماية التي أسبغها المشرع على ملكية العلامة التجاريَّة بتأثيم تقليدها أو استعمالها من غير مالكها هو تسجيلها والذى يعتبر ركنا من أركان جريمة تقليدها …. فإن الحكم المطلوب فيه إذا لم يظهر ما إذا كانت العلامة المؤثم تقليدها قد سجلت …. فإنه يكون معيبا بالقصور…..”. ولابد أن يكون التشابه بين العلامتين الصحيحة والمقلدة يدعو إلى تضليل الجمهور.
(حكم نقض : طعن رقم 13696 لسنة 59 ق جلسة 17فبراير 1991 قاعدة رقم 45 مجموعة أحكام جنائية سنة 42 ص336. وفى ذات المعنى محكمة النقض ، طعن جنائى رقم 12954لسنة 65 ق جلسة 19 فبراير 2004)
وقضت محكمة النقض : بأن ” الأصل في جرائم العلامات التجاريَّة هو الاعتداد في تقدير التَّقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الاختلاف، وأن المعيار هو ما ينخدع به المستهلك المتوسط الحرص والانتباه وأن وحدة التشابه بين العلامتين الذي ينخدع به جمهور المستهلكين أو عدمه هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض…”.
(محكمة القضاء الادارى ، دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار ، الدعوى رقم 24399 لسنة 57 ق جلسة 11اكتوبر 2008)
(وفى ذات المعنى محكمة النقض ،الطعن جنائى رقم 6278لسنة 82 ق جلسة 2يونية 2013)
(وحكم نقض : طعن رقم 4314 لسنة 81 ق جلسة 12 ديسمبر 2011)
ولا يشترط في التَّقليد أن يؤدي إلى التضليل الفعلي، وإنما يكفي احتمال وقوع التضليل كما لا يشترط استخدام أو وضع العلامة المزورة أو المقلدة على المنتجات.
كما نص المشرع في المادة 113على تجريم استعمال العلامة التجاريَّة المزورة أو المقلدة دون وجه حق مع تماثل نوع السلعة الموضوع عليها العلامة المزورة أو المقلدة مع نوع السلعة الموضوع عليها العلامة الأصلية.
وتوسع المشرع المصري في حماية العلامات التجاريَّة لمواجهة صور المنافسة غير المشروعة ؛ حيث نصت المادة (113الفقرة4) على تجريم التعامل في منتجات عليها علامة تجاريَّة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بدون وجه حق، وتشمل هده الجريمة وقوع إحدى الجريمتين التاليتين:
1- الجريمة الأولى: هي جريمة تزوير أو تقليد علامة بمعنى ( اصطناع علامة مطابقة أو مشابهة لعلامة أصلية مسجلة). وقضت محكمة النقض بعقاب ” كل من باع أو عرض للبيع أو تداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة تجاريَّة مزورة أو مقلدة بغير حق مع علمه بذلك”.
(حكم نقض: طعن رقم 6491لسنة 59ق جلسة 28 مارس 1994 قاعدة رقم 69 مجموعة أحكام جنائية سنة 45 ص451)
وقد اشترطت للعقاب فضلًا عن البيع أو العرض للبيع أو للتداول توافر ركنين، الأول التزوير أو التَّقليد، والثاني سوء النية.
2- الجريمة الثانية: هي وضع علامة مملوكة للغير بدون وجه حق، وتقوم في حالة البيع أو العرض للبيع أو الحيازة لهذه المنتجات.
ونص المشرع في المادة (114 فقرة 2) من القانون رقم 82لسنة 2002على تجريم وضع بيان يؤدي إلى الاعتقاد الخاطئ بحصول تسجيل العلامة بدون وجه حق . واشترط المشرع أن يرد ذكر البيان المخالف على العلامة ذاتها أو على الأوراق التجاريَّة، وتقع الجريمة سواء كان البيان يوحي بتسجيل العلامة التجاريَّة في مصر وفي الخارج، والهدف من ذلك هو منع تضليل الجمهور وحفاظًا على الثقة التي ينبغي أن يتمتع بها نظام تسجيل العلامات.
وبالنسبة للعلامات غير المسجلة، فقد جرم المشرع بنص المادة (114الفقرة 3) من القانون رقم 82 لسنة 2002، حيث نصت على أنه يعاقب ” كل من استعمل علامة غير مسجلة في الأحوال المنصوص عليها في الفقرات (2و3و5و7و8) من المادة 67 من هذا القانون،” حيث جرم المشرع استعمال علامات مخالفة للنظام العام والآداب أو الرموز المطابقة أو المشابهة لرموز الدول أو المنظمات الدولية أو الصليب الاحمر أو الهلال الاحمر أو التي تتضمن بيانات أو مؤشرات جغرافية مضللة أو كاذبة.