ثقافة الاختلاف
بقلم: أ: صابر شعبان أبو على
يُجمع الفلاسفة وعلماء الاجتماع على أنه كلما كثرت أطياف مجتمع ما وفئاته وتياراته تعددت فيه الآراء لاعتبارات كثيرة: ثقافية، وأيديولوجية ومتصلة بالعادات والتقاليد، وبمنسوب الوعي والرأي نفسه ليس ثابتًا بل متحولٌ دائمًا يتبع تحول الظروف وتغير المعطيات.
ولا شك أن اختلاف الرؤى والآراء هو أبرز ما يميز الجنس البشري ولكن للأسف الشديد لا يدرك البعض الفارق بين الخلف والاختلاف فشتان بين الأمرين فالاختلاف شيء محمود والخلف الذى يؤدى إلى التشاحن والبغضاء أمر مذموم اجتماعيا ودينيا.
إن اختلاف الناس واختلاف طبائعهم وأفكارهم إرادة ربانية وسنة كونية غرضها الأسمى التكامل والتضافر لا الخلف والتنافر فقد قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ الآية 13 من سورة الحجرات
وقال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ). ( سورة هود)
فالاختلاف في الرأي لا يفسد ولا ينبغي له أن يفسد للود قضية فاحترام آراء الآخرين وتفهمها هو الطريق الأقصر إلى إرساء تفاهمات وحلول وسط تعزز فهمنا جميعًا لحياتنا ومعتقداتنا ولأسلوب حياة لا يُفسد فيه الاختلاف للود قضية حقيقة لا قولا أجوف.
ونتيجة لسوء الفهم وعدم التنشئة الصحيحة على تقبل الرأي والرأي الآخر وأساليب التحاور العقلانية والالتزام بآداب الحوار والخلط بين احترام الآخر كشخص وبين تقبل أرائه، وإدراك أن لكل شخص آراءه وقناعاته والتي من المؤكد أنه راض عنها، بل وربما مقتنع تماما أنها الصواب يتحول الاختلاف في الرأي لدي البعض إلى خلاف شخصي أو اجتماعي أو سياسي أو عائلي أو أيا كان نوع الخلاف، فلكل شخص رأياً ووجهة نظر خاصة به تختلف من شخص لآخر وعلى كل إنسان أن يحترم كل وجهات النظر الموجودة وعدم التشدد برأيه.
وهذا دأب العلماء والمفكرين وديدنهم فها هو الإمام الشافعي يعلمنا ثقافة الاختلاف وأدب الحوار حين قال: «ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة».
وقال: «ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجرِ الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته».
وقال غاندي: «الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء».
وعلى الرغم من مقولة إن “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية” فالحاصل اليوم أن أي اختلاف في الرأي يفسد القضايا كلها داخل المجتمع نفسه أو بين المجتمعات المختلفة، نسأل الله العافية.