ثبوت جريمة السرقة كما وضحتها محكمة النقض
أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 995 لسنة 92 قضائية، أنه لا يلزم لثبوت جريمة السرقة ضبط الجاني متلبساً بارتكابها أو ضبط المسروقات، أو الادوات المستخدمة في ارتكابها، فإن ما يثار في هذا الصدد يكون على غير سند.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن قد استوفي الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان – بمذكرتي أسباب طعنهما – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم السرقة بالإكراه فى الطريق العام مع تعدد الجناة وحمل سلاح، وحيازة وإحراز سلاح ناري مششخن، والقبض والحجز بدون وجه حق، والتداخل فى وظيفة عمومية، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أسباب الحكم جاءت مجملة مبهمة، ولم يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت، إذ أورد أقوال الشهود بصورة مبتورة ، واجتزأ منها ما برر به قضاءه ، ولم يستظهر أركان جريمة السرقة ، وظرف الإكراه فيها ، وعول الحكم فى قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم عدم معقوليتها، والتناقض فيما بينها، فضلاً عن تعدد روايات المجنى عليه بمراحل الدعوى المختلفه، وتراخيه فى الإبلاغ، وتأخره فى الإدلاء بشهادته، بما يقطع بأن للواقعة صورة أخرى مغايرة، مطرحاً بما لا يسوغ دفاعهما فى هذا الشأن، ولم يعن بتحقيقه.
كما استند إلى التحريات وأقوال مجريها رغم عدم جديتها ، هذا ولم تأبه المحكمة بدفوع الطاعنين بقصور تحقيقات النيابة العامة ، و في واقعة تزوير محضر جمع الاستدلالات، وشيوع التهمة، وتلفيق الاتهام وبعدم التواجد على مسرح الجريمة و اضاف الثاني بعدم ضبطه متلبساً بها، و بدلالة المستندات المقدمة بجلسة المحاكمة من الطاعن الأول، و اضافا الطاعنان أن الاتهام لم يوجه لآخرين, وأخيراً دانت المحكمة الطاعن الأول عن جريمة حيازة سلاح ناري رغم عدم ضبط السلاح وفحصه فنياً ، كل ذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح فى سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو تخالفت أو عدل عنها، كما أن تأخر الشاهد في الإبلاغ عن الحادث أو الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بها متى اطمأنت إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات الثلاث التى حصلها بغير تناقض وبصحة تصويرهم للواقعة ووثق بروايتهم، فإن كافة ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال شهود الإثبات وما يسوقه الطاعنان بالنسبة لأقوالهم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى وتقدير أدلتها تأدياً لمناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدانها بالدليل الصحيح، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة تحقيق فى هذا الخصوص، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.
لمَّا كان ذلك، وكان من المقرر أنَّه لا يجدي الطاعنين النعي بمساهمة آخرين في الجريمة أو عدم توجيه الاتهام إلى آخرين بفرض صحته مادام ذلك لم يكن ليحول دون مساءلتهما عن الجريمة المسندة إليهما والتي دلل الحكم على مقارفتهما إياها تدليلاً سائغاً.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر – ضمنا- الجرائم المسندة إلى الطاعن الأول جريمة واحدة وعاقبه بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وهي عقوبة تدخل في الحدود المقررة لجريمة السرقة بالطريق العام مع التعدد وحمل السلاح- أيا كان نوعه – التي دانه الحكم بها، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بأسباب طعنه بعدم فحص السلاح لبيان إذا كان مششخناً من عدمه، ومن ثم يكون النعي بشأنه غير مقبول.
فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا يلزم لثبوت جريمة السرقة ضبط الجاني متلبساً بارتكابها أو ضبط المسروقات أو الادوات المستخدمة في ارتكابها، فإن ما يثار في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
أميـــــن الســــــــــر رئــيــــس الدائــرة