تفتيش الضابط أمتعة المتهم التي وضعها بحقيبة السيارة الأجرة

قالت محكمة النقض المصرية بأن تفتيش الضابط أمتعة المتهم التي وضعها بحقيبة السيارة الأجرة، التي استوقفها للوقوف على أشخاص مستقليها، بقالة تنصله منها، وكونها في حكم المتروكات والأموال المباحة، بما يبيح تفتيشها دون توافر مظاهر تنبئ عن وقوع جريمة، خطأ.

وتابعت: «العثور بها على المخدر المضبوط.، لا تتوافر به حالة التلبس، ولا تبيح القبض على المتهم، ومخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر، خطأ في تطبيق القانون. وأوضحت النقض أساس وعلة ذلك في الطعن رقم 63297 لسنة 73 القضائية. 

المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات “الحشيش” المخدر بغير قصد من القصود الخاصة، قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إجراءات القبض عليه وتفتيشه لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفى غير حالات التلبس التى تجيزها قانونًا ولكن الحكم رد على ذلك مما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله ” أن المتهم ” ……. ” استقل سيارة أجرة من “…….” إلى “……” وكان يحمل حقيبتين الأولى فى يده وتحوى بعض الملابس والأوراق الخاصة به وبعمله وظلت معه أثناء استقلاله للسيارة والثانية حقيبة سوداء بها بعض الملابس وكتب قانونية وأسفل ما تقدم لفافتين كبيرتين بداخل كل منهما كمية كبيرة من نبات “الحشيش” المخدر قام بوضعها بحقيبة السيارة الخلفية وفى الطريق وعند كمين “……..” على طريق “………” استوقف الملازم أول “……” السيارة للوقوف على أشخاص مستقليها فنزلوا جميعًا من السيارة وحمل كل منهم حقيبته إلا المتهم الذى ترك الحقيبة السوداء محاولاً التنصل منها إلا أن قائد السيارة وبعض الركاب أكدوا أن الحقيبة تخص المتهم وأنها كانت بحوزته قبل استقلاله للسيارة وأنه وضعها بنفسه فى حقيبة السيارة وهنا استراب الضابط فى أمر تلك الحقيبة واعتبرها من المتروكات التى تخلى عنها حائزها اختياريًا وقام بفضها وتبين وجود كمية من النبات المخدر بها وبمواجهته المتهم انهار وأقر للضابط بحيازته”.

وعول الحكم فى إدانة الطاعن على ما اسفر عنه الضبط باعتبار الجريمة متلبس بها وذلك بعد أن عرض للدفاع ببطلان إجراءات القبض واطرحه فى قوله ” من حيث أنه من المقرر قانونًا أن إيقاف مأمور الضبط القضائى لسيارة معدة للإيجار وهى سائرة فى طريق عام بقصد مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح فى شأنها واتخاذ إجراءات التحرى للبحث عن مرتكبى الجرائم كما هو الحال فى دعوانا الماثلة لا ينطوى على تعرض لحرية الركاب الشخصية ولا يعتبر فى ذاته قبضًا فى صحيح القانون والثابت من التحقيقات أن ركاب السيارة بعد أن غادروها بما فيهم المتهم وحمل كل منهم ما يخصه من حقائب كانت بحقيبة السيارة تبين لضابط الواقعة أن هناك حقيبة تركها صاحبها متنصلاً منها ولم يدّع أحدًا سواء السائق أو الركاب ملكيته لها فأصبحت فى حكم المتروكات والأموال المباحة التى يجعل لرجل الضبط إزاء هذا التنكر لها والتنصل منها أن يفضها لإستكناء أمرها والوقوف على محتوياتها إذ قد يكون فيها ما تعد حيازته جريمة أو يشكل خطرًا على الأرواح أو الأموال أو الامن العام فتبين أن بداخلها لفافتى النبات المخدر.

وبهذا تكون بصدد مظاهر خارجية تنبىء بذاتها عن وقوع جريمة وأدركها الضابط بحاسة من حواسه – النظر – وبوسيلة مشروعة وتتوافر بها حالة التلبس كما هى معرفه فى القانون، إذ التلبس حالة عينية تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع بشأن بطلان الاستيقاف والتفتيش وما تلاهما من إجراءات “.

وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه فى معرض بيانه لواقعة الدعوى وما حصله من أقوال الضابط على السياق المتقدم – لا يبين منه أن الضابط قد تبين أمر المخدر أو محتوى اللفافة قبل فضها،كما وأن تخلى الطاعن عن الحقيبة كان إجباريًا وليس اختيارى، إذ أنه لم يتخلى عنها إلا بعد أن استشعر أن الضابط لا محال من القيام بتفتيش حقائب الركاب جميعًا، فإن الواقعة على هذا النحو لا تعد من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر فى المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ولا تعد – فى صورة الدعوى – من المظاهر الخارجية التى تنبىء بذاتها عن وقوع الجريمة، وتبيح بالتالى لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه.

لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه فى المادة (41) منه من أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهو معنوية لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر مـن القاضـى المختـص أو النيـابة العامـة وذلـك وفقـًا لأحكـام القانـون “.

وكــان الحكـم المطعـون فيـه قـد خـالـف هـذا النـظـر وجـرى فـى قضائه علـى صحـة هـذا الإجـراء، فإنـه يكـون قـد أخطـأ فـى تطبيـق القانــــون وتأويله بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانونًا عدم التعويل – فى الحكم بالإدانة – على أى دليل مستمد منه، وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن – عملاً بالفقرة الأولى من المادة (39) من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون 182 لسنة 1960 وتعديلاته.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى