تعليقاً على حكم “الدستورية الكويتية” في الدعوى 6 لسنة 2022

بقلم الدكتور/ محمد طرفاوي محمد المحامي 

تعليقاً على حكم المحكمة الدستورية الكويتية في الدعوى رقم (6 لسنة 2022) دستوري والصادر بجلسة 25/9/2022

بدأت أحداث الدعوى رقم (6 لسنة 2022) دستورية بقرار صدر من محكمة الاستئناف الدائرة (2 إداري) بإحالة الاستئناف إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة الثانية المضافة بالقانون (27 لسنة 2016) وتعود أحداث القضية إلى أن المستأنف أقامها بموجب صحيفة موقعة من محام ومستوفاة شروطها القانونية طالباً الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم (1030 لسنة 2022) الصادر بتاريخ 13/9/2022 وفي الموضوع إلغاؤه بما يترتب على ذلك من آثار أهمها إدراج اسم المدعى بكشوف المرشحين لانتخابات مجلس الأمة الكويتي .

وذكر شارحاً لدعواه أنه قد تقدم إلى إدارة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية لخوض انتخابات مجلس الأمة وفوجئ لصدور قرار بشطبه من الترشح لعضوية مجلس الأمة لسبق صدور حكم قضائي ضده في الجناية رقم (2880/2015 جنايات /8) بحبسه لمدة سنتين مع وقف تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم لما بدر منه من إهانة للذات الأميرية وجاء القرار تأسيساً على الفقرة الثانية من المادة الثانية المضافة بالقانون (27 لسنة 2016) تنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم (35 لسنة 1962) والمضافة بالقانون رقم (27 لسنة 2016) على أنه ( كما يحّرم من الانتخاب كل من أُدين بحكم نهائي في جريمة المساس بــ:

أ ـ الذات الإلهية.

ب ـ الأنبياء.

ج ـ الذات الأميرية.

نُظرت الدعوى أمام محكمة أول درجة التي قضت بجلسة 18/9/2022 بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها ما حدي بالمستأنف إلى إقامة الاستئناف رقم (2467/2022 إداري/2) طالباً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلغاء القرار الطعين وإدراج اسمه في كشوف المرشحين، وعند نظر الاستئناف استشعرت محكمة الاستئناف عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية المضافة بالقانون رقم (27 لسنة 2016) فقررت إحالة الاستئناف إلى المحكمة الدستورية لبحث مدى دستورية النص إذ أنه يتعارض مع حقوق أساسية في الدستور.

أسست محكمة الاستئناف الإحالة بأن النص المضاف قرر حرمان كل من أُدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الأميرية من ممارسة حق الترشح في الانتخابات حرماناً أبدياً حتى ولو رد إليه اعتباره وهو ما يخالف الدستور والشرائع السماوية ومبادئ حقوق الإنسان والتي تأتي فيها الحقوق السياسية لصيقة بالإنسان منذ ولادته حتى وفاته كذلك لا يجوز الحرمان الأبدي من ممارسة حق الترشح والانتخاب.

أُحيل الاستئناف إلى المحكمة الدستورية وقيّدت الدعوى الدستورية برقم (6 لسنة 2022 دستوري) وقد تصدت المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية القانون سالف الذكر وانتهت لرفض الدعوى ودستورية النص للأسباب الآتية:

1- المستقر عليه (في قضاء هذه المحكمة) أن الحق في الانتخاب شأنه شأن سائر الحقوق السياسية الأخري ليس حقاً طبيعياً لكل فرد بل لا يحصل عليه الأفراد إلا من الدستور وقوانين الدولة ولهذه القوانين أن لا تعترف بهذا الحق إلا لمن ترى أنهم أهل لممارسته وهذا الحق لا ينفصل عن الحق في الترشح باعتبار أن توافر شروط الناخب هو شرط أساسي لازم لمن يتقدم للترشيح لعضوية مجلس الأمة لذلك فإنه يسوغ للمشرع أن يضع شروطاً لممارسته تتفق مع طبيعة الوظيفة النيابية لعلو شأنها وأهمية مسئولياتها وخطورة واجباتها وبما يكفل صون كرامة السلطة التشريعية وحفظ هيبتها وأن تكون هذه الشروط ضماناً لاختيار أفضل العناصر لتمثيل الأمة في مجلسها النيابي .

حرم النص من الانتخاب كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية أو المساس بالأنبياء أو المساس بالذات الأميرية ودعت الحاجة إلى هذا التعديل لابتغاء تجريد من أساء إلى المعتقدات والثوابت والرموز الدستورية وأدين عنها بحكم نهائي من ممارسة حق الانتخاب، وأوردت المذكرة الإيضاحية للقانون في هذا الصدد أن: القانون أعد ليكون منسجماً مع ما تقضي به الفقرة الأولي من المادة (2) من القانون رقم (35 لسنة 1962) في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة إذ حرمت تلك الفقرة من الانتخاب من أدين بعقوبة جناية أو بجريمة مخلة بالشرف والأمانة ولو كانت جنحة لقيام سبب قانوني بشأنه يؤدي إلى حرمانه من الانتخاب ومعلوم أن تلك الجرائم تقع على أفراد عاديين أو مؤسسات عامة ذات شخصية اعتبارية وهي جرائم أخف وطأة من الجرائم الواردة في هذا القانون بما يسوغ معه (من باب أولي) امتداد ذلك المنع لمن ارتكب جريمة المساس بالذات الإلهية أو نال من قدسيتها أو مس الأنبياء أو تطاول على الذات الأميرية المحصنة بالدستور طبقاً للمادة (54) منه إذ تنص المادة (54) من الدستور الكويتي على أن ( الأمير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس).

جاء النص (طبقاً لما أورده الحكم) متفقاً مع المهام الملقاة على عاتق عضو المجلس النيابي وتمثيله للأمة إذ لا يسوغ أن يكون ممثل الأمة قد عوقب بسبب إساءته للذات الإلهية أو الأنبياء بما ينطوي على طعن في معتقدات أبناء هذه الأمة ونيل من مقدساتهم أو بسبب إساءته للذات الأميرية وهو يقسم على الإخلاص لها قبل أن يتولي أعماله في المجلس فهي جرائم تسئ إلى مرتكبها لما تفضي إليه من استهجان لهذه الأفعال ولمن يرتكبها وإيذاء الشعور العام فلا غرو أن يكون مرتكبها غير صالح لممارسة حق الانتخاب لما يحمله ذلك من اعتداء خطير على ثوابت المجتمع وقيمه السامية فلا يكون حرمان من حكم عليه بسبب ذلك من حقه في الانتخاب وما يستتبعه من حقه في الترشيح قد أخّل بمبدأ المساواة أو تضمن تمييزاً غير مبرر بين مرتكبي هذه الجرائم وبين غيرهم من مرتكبي الجرائم الاخري إذ أن المشرع في هذا المقام لا يقرر عقوبات تبعية يتعين أن يوازن بين الأثار المترتبة عليها

وإنما يحدد شروط ممارسة حق الانتخاب وبالتالي الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الأمة وهي شروط تتفق مع طبيعة مهامه وتقوم على أسس موضوعية تبررها عقلاً ومنطقاً ومن ثم لا يكون النص مناقضاً لأحكام الدستور ويكون حرياً برفض الدعوى.

التعليق:

يمكن القول أن الحكم تناول عدة مسائل قانونية نناقشها على النحو التالي:

أولاً: تناول الحكم مناقشة حق الانتخاب كحق ينظمه الدستور والقانون وأحقية المشرع في الاعتراف بهذا الحق لم يرى أنهم أهل لممارسته وهو حق لا ينفصل عن الحق في الترشح باعتبار أن توافر شروط الناخب شرط أساسي لازم لمن يتقدم للترشيح لعضوية مجلس الأمة.

وهذا القول فيه نظر ذلك لأن حق الانتخاب وحق الترشيح متلازمان ولا ينفصلان وكلاهما حق من حقوق المواطنة التي يقوم عليها المجتمع، ومع ملاحظة أن حق الانتخاب بنظمه القانون طبقاً لنص المادة (80) من الدستور إلا أن هذا التنظيم يجب أن يراعي القواعد الدستورية المستقرة وإلا جاء مخالفاً للدستور حيث تنص المادة (80) من الدستور على أن( يتألف مجلس الأمة من خمسين عضواً ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقاً للأحكام التي يينها قانون الانتخاب.) وتنص المادة (7) من الدستور على أن (العدل والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة بين المواطنين.) وتنص المادة (8) على أن ( تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين.) كما تنص المادة (29) على أن (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين.

ومؤدى ذلك أن الحقوق السياسية ومن بينها حق الترشيح الذي عنّى الدستور بالنص عليه صراحة مع حقي الانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء، اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التي حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، لضمان إسهامهم في اختيار قادتهم وممثليهم في إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن في ممارسة تلك الحقوق وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته في الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعيّن القيام به في أكثر مجالات الحياة أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية، ومن ثم فإن القواعد التي يتولى المشرع وضعها تنظيماً لهذه الحقوق يتعيّن ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاص منها، وأن لا تخل القيود التي يفرضها المشرع في مجال هذا التنظيم بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه في المادة(7، 8) من أن تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين وفي المادة (29) من أن المواطنون لدى القانون سواء،(2) وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. في ذات المعني الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجمهورية مصر العربية في الدعوى رقم (131 لسنة 6 ق) – جلسة 16/5/1987.

يؤكد ما سبق أن القيود التشريعية التي يضعها قانون الانتخابات يجب أن تتفق والقواعد الدستورية العامة ولا تخالفها وأهم تلك القواعد عد جواز الحرمان الأبدي من الحقوق السياسية لاسيما حق الانتخاب فهو حق يقوم العقد الاجتماعي (الدستور) تأسيساً عليه فالحاكم إنما يباشر أمور الحكم بسلطة استمدها من الشعب .

ونلاحظ أن نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم (35 لسنة 1962) المضافة بالقانون رقم (27 لسنة 2016) في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة أكدت حقيقة مفادها أن الحرمان من الانتخاب الناتج عن الأسباب الواردة بنص المادة ومنها الاعتداء على الذات الأميرية حرمان أبدي بمعني أنه ينتزع الحق من المواطن انتزاعاً وهو ما لا يوافق الدستور ولا يقوم عليه أساس لعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم.

ثانياً: استند الحكم إلى فكرة الموازنة بين أنواع الجرائم فقرر أن الجرائم الواردة في الفقرة الأولي من المادة (2) من قانون الانتخاب تشمل جرائم أقل وطأة من تلك الجرائم الواردة في الفقرة الثانية وعليه فمع التسليم بأن رد الاعتبار يرفع القيد في الحالة الأولي فإن الحالة الثانية لا يستقيم فيها ذلك للاعتداء على أسس الدولة وأهم مبادئها وعليه يجب أن يكون الحرمان أبدي.

وهو قول فيه نظر أيضاً ولكن لمناقشة ذلك يجب أن نتعرض لعدة حقائق وهي:

الذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية أمور بديهية الاحترام ومقدسة السيادة ولا يجوز الاعتداء على حرمتها أو النيل منها لكونها من الأسس العامة المكونة لدولة الكويت فهي دولة إسلامية وإمارة وراثية في ذرية المرحوم (بإذن الله) الشيخ/ مبارك الصباح إذ تنص المادة (2) من الدستور على أن( دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية رئيسي للتشريع) كما تنص المادة (4) على أن ( الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح، ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير ويكون تعييته بأمر أميري بناء على تزكية ومبايعة من مجلس الأمة تتم في جلسة خاصة بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس

• لا يستقيم أن ينتخب عضوا في مجلس الأمة من يعتدي على الذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية طالما كان الاتهام منظوراً أمام القضاء أو قضي فيه ولم يرد لصاحبه اعتباره ولكن لا يستقيم أن يتم سحب الحق في الانتخاب بشكل أبدي.

• جاء الحكم بحقيقة مفادها أن الجرائم العادية الواردة في الفقرة الأولي من المادة (الثانية) لا يمكن أن تعامل معاملة واحدة فيجب أن تتدرج العقوبة على أساس فداحة الجرم ولكن لا يستقيم الحرمان من حق أصيل من حقوق المواطنة وعليه كان من الممكن أن يزيد المشرع مدة الحرمان كعقوبة ردع لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذا الفعل ولكن السحب الأبدي فيه مخالفة للدستور والمواثيق الدولية التي تضمن حقوق الإنسان ومنها الحق في الانتخاب والترشيح.

وبالنظر لتلك الضوابط نجد أن الموازنة بين أمرين ضرورية وحتمية فيجب الموازنة بين المصلحة القائمة في الحفاظ على أسس الدولة الكويتية ومجتمعها الإسلامي والذات الأميرية من ناحية ، ومن ناحية أخرى صيانة والحفاظ على حق الانتخاب كحق لكل مواطن من ناحية أخرى، وقد حالف التوفيق المحكمة الدستورية فيما ساقته من قياس حول انسجام النصين الواردين بالمادة (الثانية ) (الفقر الأولي والثانية) فلا يعقل أن تتساوي الجرائم العادية (كالجرائم الماسة بالشرف والأمانة) بالجرائم التي تنال من أسس الدولة ولكن المحكمة الدستورية الموقرة قد غالت في العقاب لمرتكب الجرائم الواردة في الفقرة الثانية فمع التسليم بأن أسس دولة الكويت وعاداتها وحماية رمز الوطن (الذات الأميرية) أمر غاية في الأهمية إلا أن الموازنة تجعل العقاب على قدر الجرم مع الحفاظ على الحقوق الأساسية للمواطنين وهذا النهج فيه تشدد وغلو بل إنه يتنافى مع القرآن والسنة والدستور والقانون والمبادئ الإنسانية بشكل عام.

والدليل من القرآن قوله تَعَالَى (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْه)(سورة هود الأية 90) وَقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) (التحريم اية 8) وقوله سبحانه (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (سورة التوبة الآية 25) وقوله في سورة الفرقان (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) ثلاث كبائر أعظمها الشرك، ثم القتل، ثم الزنى، لكنه يعفو عنهم بقوله عز وجل (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)، وقوله في سورة طه (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) فهذا من رحمته وإحسانه سبحانه أنه يتوب على التائبين من الشرك، وما دونه من قتل أو زنى أو ربا أو غير ذلك، لكن المهم صدق التوبة وصحتها.

والدليل من السنة النبوية الشريفة حديث أبي هُرَيْرَةَ قالَ: سمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ( واللَّه إِنِّي لأَسْتَغْفرُ الله، وَأَتُوبُ إِليْه، في اليَوْمِ، أَكثر مِنْ سَبْعِين مرَّةً) وحديث أبي مُوسى عبداللَّهِ بنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ( إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها) وحديث أبي عبدالرَّحْمن عبداللَّهِ بنِ عُمرَ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ( إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَا لَم يُغرْغرِ).

يؤكد ذلك أنه لا توجد عقوبة مؤبدة ولا يوجد حظر أو حرمان دائم وهو ينافي مقاصد الشريعة وهي المصدر الرئيسي للتشريع كما ينافي المواثيق الدولية وينافي المبادئ الأساسية للدستور وعليه يكون اتجاه المحكمة الدستورية فيه مغالاة شديد لا طائل منها.

ثالثاً: وردت المادة (80) من الدستور لتوضح أن النظام الانتخابي بدولة الكويت هو الانتخاب العام السري المباشر وهنا يرى البعض (د/عثمان عبدالملك صالح – النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت- الجزء الأول- مؤسسة دار الكتب- الطبعة الثانية- سنة 2—3 صفحة (499) أن الانتخاب العام يعني عدم حرمان المواطن من ممارسة الانتخاب ليس بسبب فقره أو جهله فحسب بل أيضا بسبب لونه أو عرقه أو دينه أو جنسه فالانتخاب لا يكون عاماً عندما يتعلق فيه شرط من تلك الشروط التي يكون من شأنها حرمان فئة من المواطنين من ممارسة حقها الانتخابي بصورة دائمة، واستطرد موضحاً أن الحرمان من ممارسة حق الانتخاب للمحكوم عليه بعقوبة جنائية يسترد حقه في حال رد الاعتبار أي أن المنع مهما طال فهو مؤقت وبالتالي لا يؤثر على حق الانتخاب المباشر.

الخلاصة:

ما اتجهت إليه المحكمة الدستورية مغالاة في تصنيف عقوبة الحرمان من الانتخاب ويخالف مبادئ الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية بل والدستور الكويتي إذ جاء تفسيرها للدستور تفسيراً ضيقاً وكان الأفضل أن تتوسع في تفسير النصوص حتى تقف على مدي دستورية النص من عدمه ونرى أن النص غير دستوري ونوصي المشرع بتعديله حماية لحرمة حق الانتخاب فيكون المنع مؤقتاً لمدة أطول من تلك الواردة في الفقرة الأولي من المادة (الثانية) فحال رد الاعتبار يسترد المواطن حقه في الانتخاب ولكن في حالة العيب في الذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية نرى أن تزيد المدة فتكون خمس سنوات بعد رد الاعتبار حتى تكون عقوبة رادعة وبذلك نكون قد حققنا التوازن بين المصلحتين أسس الدولة ومبادئها وحماية حق الانتخاب وعدم تأبيد العقوبة والحرمان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى