تسبيب الأحكام المدنية
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي
بعد أن ينتهي القاضي من نظر الدعوى، وإكمال الإجراءات الشكلية، وتوافر عناصرها القانونية، ثم يقوم بحجز الدعوى للحكم، يبدأ في بناء الأسباب التي يبني عليها حكمه مستعينا في ذلك بالسند القانوني من النصوص القانونية التي تنطبق على الواقعة، إذا لم يبين الحكم هذا السند القانوني، كان الحكم قاصرا، قصورا يبطله.
قضت محكمة النقض، انه اذا كان الحكم لم يبين سنده القانوني لما قضى به، أو يورد النصوص القانونية التي طبقها على واقعة الدعوى أو يناقش الأساس الذي بني عليه الحكم الابتدائي الذي قضى بإلغائه، فإن هذا يكون من شأنه أن يجهل بالأساس الذي أقام عليه الحكم مما يوفر لمحكمة النقض مراقبة صحة تطبيقه لأحكام القانون، ويتعين لذلك نقض هذا الحكم الذي خلا من بيان الأسباب والأسانيد القانونية التي بني عليها وتطبيقها لذلك نسوق مثال بشأن تسبيب دعوى استرداد المنقولات المحجوز عليها، حيث يقع عبء الإثبات لملكية المنقولات على المسترد وهي غالبا الزوجة أو الأم.
إن القرينة القائمة على العرف تجري على أن المنقولات الموجودة تخص الزوجة المدخول بها، وتلك في حقيقتها قرينة قضائية لا تكفي بذاتها دليلا كاملا على الملكية، إلا أنها تعزز الأدلة الأخرى التي تقدمها الزوجة.
دعوى استرداد المنقولات المحجوزة، باعتبارها منازعة موضوعية في التنفيذ يختص بها قاضي التنفيذ أيا كانت قيمة الدين أو المنقولات المحجوز عليها عملا بنص المادة ٢٧٥ من قانون المرافعات، إذا رفع الغير دعوى باستحقاقه للمنقول المحجوز عليه، أو للمال المحمل بحق عيني تبعي فإنها تكون دعوى متعلقة بالمال وليس بالدين، فتقدر بقيمة المال.
وهكذا الحال في التسبيب في دعاوى البطلان وفسخ عقود البيع وكذلك في صحة ونفاذ العقود ودعاوي الشفعة وغيرها إذا كانت ضوابط تسبيب الأحكام وفقا للأحكام الشكلية والموضوعية تدخل في صميم اختصاص القاضي، إلا أن هذا يمثل لكل محام أهمية قصوى في قياس مدى نجاح دعواه التي قام برفعها أو المرفوعة ضد موكلة، كما أن الإلمام بضوابط تسبيب الأحكام المدنية يكشف للمحامي أسباب اللجوء للطعن بالنقض أن كان له مقتض، وبذلك تكون النظرة أكثر بعدها وعمقا وخبرة.