تزوير التقارير الطبية فى القضايا بين التأويل والتطبيق.. المشرع حدد 5 شروط لإثبات صحة التقرير..  و”النقض” تتصدى لأزمة كيدية الاتهام

كتب: عبدالعال فتحي

تختلف التقارير الطبية عادة باختلاف كاتبها واختلاف زمن كتابتها من حيث الكاتب فقد يكون محرر التقرير هو طبيب الاستقبال أو الطبيب الأخصائي، وبذلك يسمى ذلك تقريرا طبيا، أو قد يكون محرر هذا التقرير هو الطبيب الشرعي، وبذلك يسمى تقرير الطب الشرعي، وعليه يجب أن يتميز تقرير الطبي الشرعي بالوضوح والموضوعية ويدعم بالبراهين الطبية العضوية والأدلة المادية، ولا يجوز أن يكون مجرد إبداء رأى دون سند أو حجة.

تزوير التقارير الطبية فى القضايا بين التأويل والتطبيق

القانون المصري لم يترك مسألة كتابة التقرير الطبي أو الشرعي دون ضوابط ومعايير تحكمه، خاصة أن هناك وجهاَ آخر لهذه التقارير تتسبب فى حبس العديد من الأشخاص خاصة أن  المحاكم تنظر يوميا طبقا لآخر الإحصائيات ما يقرب من ‏400‏ حالة تعدٍ أو ضرب فى الجلسة الواحدة، ويرجع ذلك نتيجة سهولة الحصول على مثل هذه التقارير الطبية المضروبة‏.‏

ونلقي الضوء على إشكالية فى منتهى الأهمية تهم ملايين القضايا المنظورة أمام القضاء تتعلق بالتقارير الطبية وما حددته كل من محكمة النقض والنيابة العامة من شروط منصوص عليها بخصوص جرائم الجرح والضرب والأسانيد القانونية التى تكشف مدى بطلان تلك التقارير الطبية طبقا لتعليمات النيابة العامة، وثغرات التقرير الطبي في جنح الضرب ودفوعها القانونية – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد سليمان.

المشرع حدد 5 شروط لإثبات صحة التقرير وإلا كان باطلاَ

في البداية – تنص المادة 453 من التعليمات العامة للنيابات على أن: “يجب أن يبين الطبيب في التقرير الطبي الذي يقدمه وصف إصابة المصاب وسببها وتاريخ حصوله والأدلة المستعملة في إحداثها والمدة اللازمة لعلاجها بحيث يمكن معرفة مدى جسامة الإصابة، وما إذا كانت مدة علاجها تزيد أو لا تزيد على 20 يوم وعلى أعضاء النيابة أن يأمروا باستيفاء ما يكون في التقارير الطبية من نقص في هذا الشأن ليتيسر لهم التصرف في القضية على أساس قانوني.

لما كان التقرير الطبي يعد من الأوراق الأساسية في جرائم الضرب والجرح وبها يتحدد مدى جسامة الفعل والعقوبة المقررة لها، ولذلك عنى النائب العام في تعليماته الصادرة لأعضاء النيابة العامة بتوضيح أهمية تلك التقارير ووضع شروطا لازمة لصحتها وإن تخلفت أحد تلك الشروط أوجب على وكيل النائب العام استكمالها، وهذه الشروط تنحصر فيما يلى:

1- أن يكون محرر التقرير طبيبا .

2- أن يثبت بالتقرير وصف الإصابة بأن يبين ما إذا كانت كدمة أو جرح أو كسر أو تهتك فى عضو من أعضاء الجسم وعما إذا كانت تعد جرحا قابل للزوال أو أنها تخلف عاهة مستديمة للمجنى عليه .

3- سبب الإصابة سواء كان باستخدام أداة من عدمه وفى الحالة الأولى بيان نوع الأداة إذا أمكن .

4 – أن يبين تاريخ حدوث الإصابة أى أن يثبت في تقريره عما إذا كانت الإصابة حديثة أو من عدة ساعات أو قديمة منذ فترة .

5- كما يجب أن يثبت الطبيب المدة اللازمة للعلاج .

محكمة النقض تتصدى للأزمة

– وقد أرست محكمة النقض مبدأ هام فى صحة التقارير الطبية بضرورة بيان سبب الإصابة في التقرير الطبي وإلا أعتبر هذا التقرير ناقصا فقضت فى الطعن المقيد برقم 141 لسنة 44 القضائية: “إذا كانت التقارير الطبية المقدمة فى الدعوى قد خلت من بيان سبب الإصابة التي نشأت عنها العاهة كما خلا تقرير الطبيب الشرعي النهائي من بيان ما إذا كانت الإصابة تحدث نتيجة اصطدام يد المجني عليه بحائط كما جاء بالتقرير الطبي وكان الحكم المطعون فيه حيث دان الطاعن بإحداث العاهة المستديمة للمجنى عليه.

تبين واقعة الدعوى بما مؤداه أن نزاعا حدث بينهما حول حياكة ملابس الطاعن تراشقا فيه بالألفاظ، فكان أن ضربه الأخير وأمسك بالإصبع الوسطى بيده اليسرى ولواه وأصيب الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي، والتى تخلف لديه من إجرائها عاهة مستديمة هي انكيلو فى حالة بسط المفصل السلامى العلوى الوسطى بنتيجة الضيق بالمفصل المذكور، وتيبس بالفص السلامى الظفرى لتيبس الإصبع فى وضع ثنى، مما يقلل من كفائته عن العمل بنسبة عشرة بالمائة واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه وشاهده والتقرير الطبي الشرعي الذى أقتصر على بيان الإصابة ووصف العاهة المستديمة دون أن يبين سبب إحداث هذه الإصابة، فإن الحكم لا يكون قد دلل على قيام رابطة السببية بين فعل الضرب الذى دين به الطاعن والعاهة التي تخلفت بالمجني عليه استنادا إلى دليل فنى بما يعيبه بالقصور فى البيان.

ونلخص ثغرات التقرير الطبي في جنح الضرب في 7 نقاط مهمة:

1-تاريخ تحرير المحضر .

2-تاريخ تحرير التقرير الطبى .

3-التأكد من صدر المحضر “الديباجة الأولية” .

4-تحويل المجنى عليه بصحبة الحرس من عدمه مهمة جدا.

5-ملاحظة الإصابات الموجودة بالتقرير الطبي ومطابقتها بالأداة المستخدمة والتي ذكرها المجني عليه .

6-هل هناك سابقة محاضر حررت للمجنى عليه أو من الغير من عدمه لتطبيق الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه .

7-التأكد من رد المجنى عليه عندما سأل بالمحضر – متى حدث ذلك ؟ بالتاريخ والوقت لتطبيق الدفع الخاص بالتراخي في الإبلاغ .

التقرير الطبي لا يعتبر دليلا على ارتكاب الواقعة وإنما قرينة على حدوث واقعة ضرب، بمعنى أنه سبب فى تحريك جنحة الضرب وليس دليلا لها .

الدفاع في جنحة الضرب إليكم نقاط هامة فيها:

1ـ التراخي في الإبلاغ :

ساعة وتاريخ تحرير المحضر ومقارنته بساعة حدوث الواقعة وتاريخها للوقوف على التراخي في الإبلاغ .

مثال: لو أن المحضر فتح الساعة 10 مساء والشاكي قال أن الواقعة حدثت الساعة 5 مساء نفس اليوم .

هنا يكون السؤال لماذا تراخ في الإبلاغ كل هذا الوقت؟

2ـ تناقض الدليل القولى مع الدليل الفني :

كيفية حدوث الواقعة وأسلوب الضرب والأداة المستخدمة وعدد من تعدوا على المجني عليه ونقارن ذلك بالإصابات التي وردت في التقرير الطبي .

التقرير الطبي الخاص بالمتهم جاءت الإصابات فيه “سحجات مثلا أو كدمة”.

هذا يسمى تناقض بين الدليل القولى والدليل الفني، وذلك لأن المنطق يقول إذا قام 3 أشخاص بالتعدى على شخص “بدل ما يروح هو القسم لا القسم هيجي لحد عنده” .

3 ـ كيدية الاتهام :

إذا كان هناك محاضر أو خلافات سابقة على تحرير المحضر أو قضايا متداولة كل ذلك من شأنه إثبات الكيدية .

4ـ اصطناع التقرير الطبي:

غالبا عند افتتاح المحضر تجد أن الشاكية لا تحمل تحقيق شخصية والسؤال هنا ما فائدة حملها تحقيق شخصية من عدمه ؟ذلك يشكك في أنه من الممكن اصطناع التقرير الطبي مثلا، وذلك لأن التي حررت المحضر بدون إثبات شخصية وما أدرانا أن التي تم توقيع الكشف الطبي عليها هي نفسها المجني عليها، أليس من الممكن شخص أخر هذا يولد الشك والشك يفسر لصالح المتهم ؟

5ـ خلو المحضر من المناظرة:

والمناظرة هي قيام محرر المحضر بإثبات إصابات المجني عليه ويذكر ما عاينه بعينيه من إصابات ظاهرة أن وجدت بالمجني عليه، فهناك إصابات يصعب معاينتها، لأنها في أماكن غير ظاهرة وقد تمس عورة الشاكي مثل الإصابات الموجودة في المجني عليها كسيدة .

6 ـ عدم حمل المجني عليه إثبات شخصية:

من أدرانا أن من وقع على المحضر هو من تم الكشف الطبي عليه في التقرير الطبي ؟

زر الذهاب إلى الأعلى