بعض التطبيقات القضائية لمسئولية موزع الأدوية

هاني عنتر – محام

    – تفاوت موقف التشريعات الأوربية في مسألة بيع الادوية عن طريق الإنترنت وقرار محكمة العدل الأوربية
الصادر في 11 ديسمبر سنة 2003م بهذا الخصوص:

– لا تتفق التشريعات الاوربية علي حكم واحد بخصوص بيع الادوية او بعض المنتجات الدوائية عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) فبينما يسمح القانون الهولندي ببيع كل المنتجات الدوائية عن طريق الانترنت ، فإن التشريع البريطاني يقيد الأمر بالحصول علي تصريح بشأن عدد من المنتجات الدوائية فقط ، أما التشريع الفرنسي و الأسباني و الألماني فيحظرون هذه الطريقة في البيع ، أي البيع من الصيدلي الدواء لشخص طلبه عن طريق الإنترنت أو بأي وسيلة أخري للاتصال والتوصيل مع أوبدون تذكرة طبية.

وبمناسبة هذا التضارب في موقف التشريعات الأوربية طرحت أمام محكمة العدل الأوربية هذه المسألة في الدعوي الأتي وقائعها :-

رفعت منظمة الصيادلة الألمان و التي تضم حوالي (19) ألف صيدلي ألماني ، دعوى ضد الدكتور موريس الصيدلي البولندى الأصل ، والمقيم بقرية صغيرة قرب الحدود الألمانية ؛ وكان المدعي قد أنشأ في 9 يونيه سنة 2000م موقعا له علي شبكة الإنترنت لبيع الأدوية للمستهلكين مباشرة ، مع أو بدون تذكرة طبية ، وكل الأدوية معدة لأمراض الإنسان ، ومرخص بتداولها فى ألمانيا وهولندا ، في هذا الموقع علي الشبكة قام الصيدلي بتجميع الأدوية بأنواعها المختلفة بحسب الأمراض التي تعالجها، مع وصف الدواء و تركيبه وسعره ، بحيث يسهل علي المريض إختبار الدواء المناسب للحالة بالتلفون أو الاتصال بالصيدلي مباشرة لإستشارته في الدواء المناسب للحال أو عن طريق الإنترنت، وكذلك بعض الأطباء المدون أسمائهم و تليفوناتهم علي الموقع، وتسليم الأدوية المطلوبة باليد (التوصيل للمنازل) أو بطرد بريدي، إلا أن الأدوية الموصوفة بتذكرة طبية يجب إبراز هذه التذكرة للصيدلي؛ وهذه الطريقة في بيع و تسليم الأدوية تخالف النصوص الصريحة في القانون الألماني.
لم يقتنع الصيدلى (د. موريس) بأسانيد الإدعاء، ودفع بمخالفة تلك النصوص لقانون الإتحاد الأوربي، ولما رأت المحكمة الألمانية جدية الدفع أحالت الأمر لمحكمة العدل الأوربية تطبيقا للمادة (234) من قانون الإتحاد الأوربي .

وبتاريخ 11 ديسيمبر سنة 2003م أصدرت المحكمة الأوربية قرارها بمخالفة التشريع الألماني للقواعد الموحدة للمجلس الأوربي ، خاصة المادة (28) والتي تحظر على الدول الأعضاء وضع قيود كمية تؤثر على حركة التبادل بين المجموعة ، مما يعني مخالفة أي قواعد تحظر بيع الأدوية عن طريق وسائل الإتصال جميعها بما فيها الإنترنت للقانون الأوربي .
إلا أن المحكمة قد سمحت للدول أعضاء المجموعة بوضع ضوابط علي بيع الأدوية للجمهورعن طريق الإنترنت، كتطلب وجود تذكرة طبية دائما، تطبيقا للمادة رقم (30) من القانون الأوربي (والتي تسمح للدول الاعضاء بوضع قيود لحماية الاداب العامة أو السلامة أو الصحة العامة وحياة الانسان والحيوان والنبات أو حماية الموروثات القومية ذات الطبيعة الفنية أو التاريخية أو الجغرافية أو حماية الملكية الصناعية أو التجارية)(1).

وعلي الرغم من من مرور ما يقرب من 22عاما من تاريخ هذه الواقعة ويليها صدور قرار محكمة العدل الأروبية وما شهده العالم من تطور هائل في في إستخدام شبكة الإنترنت في تداول وبيع جميع المنتجات بإختلاف أشكالها وأنواعها إلا أن القانون المصري في ظل القانون رقم 127 لسنة 1955م بشأن مزاولة مهنة الصيدلة مازال يحظر ويجرم تداول وبيع الأدوية عن طريق الانترنت ويقتصر علي البيع داخل المؤسسات الصيدلية فقط.

 

 (1) راجع د. رضا عبد الحليم "المسئولية القانونية عن إنتاج وتداول الادوية والمستحضرات الصيدلية" – الطبعة الثانية 2021.

زر الذهاب إلى الأعلى