بسبب غيرة الضرائر.. زوجة الأب طلبت تسجيل طفلة ضرتها باسمها.. والأم الحقيقية في ورطة.. والقضاء قال كلمته الأخيرة
كتب: اشرف زهران
الغيرة بين زوجات الرجل الواحد يعد أمر طبيعي في المجتع المصري، خاصة وإن كانت إحداهن عاقر ولها سطوتها على الأب والأخرى مغلوبة على أمرها ورزقت بنعمة الولد، فقد تبلغ نيران الغيرة إلى أقصى درجاتها، وقد يؤدّي ذلك إلى متاعب وعدم استقرار في الحياة الزوجية، وتنشأ العديد من الخلافات والنزاعات وصلت في هذه القضية إلى درجة اشتراط زوجة الأب تسجيل طفلة ضرتها باسمها دون أمها الحقيقة.
نيران الغيرة
تعود القصة التي سجلتها المحكمة عندما تزوج شريف عوض من نجاح معاذ وأنجبت له طفلتها “منة” على فراش الزوجية، لكن زوجته الأولى التى لم يكن لها نصيب فى أن تنجب اشترطت عليه عدم تسجيل الطفلة في الوحدة الصحية باسمه، إلا إذا كانت الطفلة باسمها أيضًا دون أمها الحقيقية، وعليه لم يتم تسجيل الطفلة ولم يتمكن السجل المدني من إصدار شهادة ميلاد لها.
الأم الحقيقة تلجأ للقضاء
لجأت أم الطفلة للقاضي الذي استدعى والد الطفلة لمعرفة الأسباب، فقال والد الطفلة ” منة ابنتي لكن زوجتي الأولى طلبت مني عدم تسجيلها باسمي إلا باسمها هي كأم دون أمها الحقيقية بسبب الغيرة وأنا حائر بينهما ” فأصدر القاضي حكمه آخر الجلسة.
القضاء ينقذ الطفلة
وحصلت المواطنة نجاح معاذ عبد الحليم على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، تفيد أن الجهة الإدارية لم تطعن على الحكم الصادر لصالح طفلتها منة عوض من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بأحقيتها فى الأوراق الثبوتية فى شهادة الميلاد باسم أبيها المعترف بها واسم أمها الحقيقية دون اسم زوجة الأب للإضرار بالطفلة، وأصبح حكم القضاء الإداري نهائيا وباتا.
وقضت المحكمة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه السلبي بالامتناع عن إثبات واقعة ميلاد ابنة المدعية الطفلة “منة” فى السجلات المعدة لقيد المواليد، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام جهة الإدارة بتسليم السيدة نجاح معاذ سليمان أم الطفلة شهادة قيد ميلاد طفلتها باسم والديها الشرعيين (المدعية وزوجها عوض ناجى شريف) دون الاعتداد باعتراض ضرتها فى الإضرار بالطفلة وحرمانها من حقها الدستوري فى الاسم والأوراق الثبوتية وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
حيثيات الحكم
قالت المحكمة إن الدستور ارتقى بحقوق الطفل خاصة اللصيقة بشخصه كإنسان وجعل لكل طفل الحق فى الاسم والأوراق الثبوتية وألزم الدولة أن تعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التي تتخذ حياله.
كما أن المشرع العادي جعل لكل طفل الحق فى أن يكون له اسم يميزه، ويسجل هذا الاسم عند الميلاد فى سجلات المواليد والاسم من بين عناصر الشخصية القانونية، فهو ليس مجرد رقم قيد وانما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة.
وأضافت المحكمة أنه للأم الحق فى الإبلاغ عن وليدها، وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له مدونا بها اسمها، ولا يعتد بهذه الشهادة فى غير إثبات واقعة الميلاد، ولم يجز القانون لوالد الطفل وحده احتكار الابلاغ عن ولادة الطفل وإنما جعله حقا كذلك لأم الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية وفي ذلك تيسير على الأسرة المصرية حتى تتمكن من تسجيل ولادة الطفل مما يستتبعه ذلك من تمتع الطفل بالحق فى الاسم، والشخصية القانونية طبقا للدستور والقانون .
وذكرت المحكمة أن المدعية تزوجت من المدعو عوض ناجي شريف، زوجة ثانية بعقد شرعي صحيح بموجب وثيقة زواج مؤرخة 3/8/2014 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها الطفلة (منة) علي فراش الزوجية بتاريخ 9/5/2015 وهو مالم تنكره الإدارة ولم ينكره الزوج ونطقت الأوراق بوجود خلافات زوجية بين الطرفين وامتنع والد الطفلة عن إثباتها نكاية في المدعية واستجابة لضرتها زوجته الأولى التي اشترطت عليه عدم قيد الطفل إلا باسمها هي وليس باسم المدعية الأم الحقيقية للطفلة، فحررت نجاح محضرا برقم 4414 لسنة 2015 إداري مركز شرطة الدلنجات بتاريخ 27/5/2015 بالواقعة وأكدت صحتها التحريات التى أجرتها مباحث مركز شرطة الدلنجات المؤرخة 10/6/2015 بوجود الخلافات الزوجية، وعلى أثرها تركت المدعية منزل الزوجية وأقامت المدعية بمنزل والدها بعزبة النقيب قمحة بالدلنجات بينما يقيم زوجها بعزبة بريك طيبة بالدلنجات.
وأشارت المحكمة إلى أنه يتعين على الرجل أن يدرك أن الزوجة تتغير كرها لغيرها بحكم الطبيعة البشرية إذا تزوج بزوجة أخرى، وهى التي تعرف في الأوساط الاجتماعية “بالضرة”، وحينئذ لا يسلم من مكائدها، وتصبح زوجتاه ضَرَّتَينِ مَتَى أَرْضَى إِحْدَاهُمَا أَسْخَطْ الأُخْرَى , ومن ثم بات التزاما على الوالدين أن يوفرا الرعاية والحماية الضرورية للطفل ولا يجوز للجهات الإدارية الاستجابة لمكائد الضرائر لحرمان الطفل من حقوقه الدستورية اللصيقة بشخصه كانسان كالحق فى أن يكون له اسم وأوراق ثبوتية تميزه عن غيره، خاصة وأن الدستور قد تصون لحقوقه بالحماية والرعاية وألزم الدولة بالعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله .
واختتمت المحكمة حكمها الذى انتصر للطفلة الصغيرة أن الخلافات الزوجية الناجمة عن الزواج بأخرى دون رضاء الأولى تؤدى فى كثير من الحالات إلى أن يكون الخلاف مستحكما والشقاق عميقا وبنيان الأسرة متهادما وصرحها متداعيا ورباطها متاَكلا يكاد أن يندثر انحرافا من أحدهما أو كليهما عن مقاصد الزواج الذى كان من ثمرته إنجاب الأطفال فإن صدعهما مازال غائرا يقيم بينهما جفوة فى المعاملة لا يكون العدل والإحسان قوامها بل يذكيها التناحر والتصارع فلا تكون حياتهما إلا سعيرا يمتد أوزاره إلى الأطفال، ولا يؤول أمر الأسرة إلا هشيما ولا يكون اُلفها ووفاقها إلا حسيرا، دون عدول من أهلهما يسعيان بينهما معروفا بشأن التصدى لرغبة الأب فى حرمان طفلته من الاسم والأوراق الثبوتية لصالح زوجته الأخرى نكاية لها عندا ونفيرا، بل يجب أن يكون الزوج للحق عضدا وللمروءة نصيرا ولإباء النفس وشممها ظهيرا , فبقاء العلاقة النفسية والاجتماعية للزواج ترتهن بمودتها ورحمتها وبعدلها وإحسانها، وأن تمزيق أوصالها بالشحناء إيهان لها ومروق عن إدراك حقيقتها، وكلما استجاب الرجل لمكائد الضرائر واستبد بزوجته ضعفا أمام الأخرى فلا يجوز أن يمتد أوزاره إلى حرمان الأطفال من أدلتهم الثبوتية فى الشخصية القانونية حتى لا يحال مسراهم ضلالا وهم زينة الحياة الدنيا.