بحث للدكتور حسن صادق المرصفاوي رحمه الله من كنوز مجلة المحاماة في «بعض اتجاهات قوانين العقوبات في الدول الاشتراكية»

بحث للراحل الأستاذ الدكتور/ حسن صادق المرصفاوي رحمه الله

مقدمة

لم يكن القانون في يوم من الأيام مجرد نصوص مدونة وضعها أخصائيون ليطبقها أخصائيون غيرهم، وإن كان ظاهر الأمر يوحي بذلك.

القانون في حقيقته؛ نتيجة تفاعلات عديدة في وقت معين على أقليم معين، تجمعت له عناصر عديدة -اجتماعية وسياسية واقتصادية- جعلت من صدوره مجرد تعبير عنها، والباحثون في أصل القانون لن يصلوا إلى حقيقته إن بنوا الصلة بينه وبين جميع الملابسات والظروف المحيطة به وقت إعداده. ولن يهتدي ممارس التشريع إلى مرامه؛ مالم يتتبعه، راجعًا إلى وقت نشأته. ولهذا كانت العناية دائما مبذولة لتقصي تاريخ كل قانون والتطورات التي مرت به.

وإنه ليكاد يكون مؤكدًا أن القوانين جميعًا تنبت عن أصول وجذور واحدة، وإن اختلفت أحيانًا في تفريعاتها وتفاصيلها، ذلك لأن منبتها الأصيل هو البشرية، أما اختلافها فمرجعه تباين الزمان والمكان والظروف الملابسة لها. ولعلنا نجد مصداقًا لهذا ما يحدث في اقتباس بعض الدول تشريعات مطبقة في دول أخرى، مع تعديلها بما يوائم حاجاتها وظروفها، فإذا فشلت تلك القوانين فيما وضعت من أجله، فلا يعني هذا عيبًا أصيلًا فيها، بل لأنها أُنبتت في تربة غير صالحة لها، أو أن يد التعديل لم تتناولها لتتفق مع الأرض الجديدة المستنبتة فيها.

فالقانون إذًا وليد المجتمعات، وأكثر ما تصدق هذه العبارة على القانون الجنائي بسبب ارتباطه الوثيق بالمجتمع. وهناك من الآراء ما يعتبر القانون الجنائي من بين المواد الاجتماعية. وعلى كل حال؛ فإن من بين العلوم المساعدة للقانون الجنائي ما له طبيعة اجتماعية بسبب المواضيع التي يتناولها، كعلم الإجرام، والقانون الجنائي بوجه خاص وثيق الصلة بالظروف الخاصة بكل مجتمع، بل أنه يكاد يمثل انعكاسًا صادقًا لتلك الظروف.

فالنواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لها انطباعاتها الخاصة على التشريعات الجنائية، ومن هنا كان اختلاف قوانین العقوبات من دولة إلى أخرى. ومن المعروف أن لكل دولة ظروفها الخاصة بها سياسية كانت أم اقتصادية أم أجتماعية. وهي لا تتطابق في دولتين، وإن قامتًا على أسس مشتركة، بل أن ظروف الدولة الواحدة قد يدخل عليها التغيير جزئيًا أو كليًّا حسب مختلف التطورات التي تمر بها.

ومن المعلوم أيضًا أن الدولة في أنظمتها قد تتبع النظام الرأسمالي أو الشيوعي أو الاشتراكي أو تكون الدولة في طريق النمو لم يتضح نظامها بعد. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو معرفة ما إذا كان اختلاف تلك الأنظمة من شأنه أن يؤثر في القواعد الأساسية التي يقوم عليها القانون الجنائي، أم أن أصالة الأسس تجعلها واحدة وإن اختلفت صور التطبيق.

البحث..

بعض اتجاهات قوانين العقوبات في الدول الاشتراكية دكتور حسن المرصفاوي مجلة المحاماة 1971

https://egyls.com/wp-content/uploads/2021/03/بعض-اتجاهات-قوانين-العقوبات-في-الدول-الاشتراكية-دكتور-حسن-المرصفاوي-مجلة-المحاماة-1971.pdf

زر الذهاب إلى الأعلى