إعْفَاء الْإِدَارَةِ مِنْ جَزَاءِ المسئولية ( التَّعْوِيض ) 

بقلم / زكريا فام رياض

بادئ ذى بدء يجب الأشارة إلى أن الإعفاء أو عدم الإعفاء من جزاء المسئولية ( التعويض )

لا يثور إلا إذا انعقدت هذه المسئولية ، وذلك بتوافر اركانها أما قبل ذلك فإن المناقشة تكون حول قيام أو عدم قيام المسئولية.

وجزاء المسئولية هو الأثر المترتب على توافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية ، ويتمثل هذا الجزاء فى التعويض الذى يستحقه صاحب الشأن قبل الإدارة.

ولقد تعددت الأراء فى هذا الشأن فقد ذهب رأى إلى القول بأن حق الفرد فى التعويض لا يقوم إذا تنازل من جانبه عن الإجراء أو الشكل الذى تقرر لمصلحته

ولم يكن الإجراء من النظام العام ،

أو إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها أو إذا كان من الممكن أن تقوم بتدارك ما فاتها دون أن يكون ذلك مؤثرآ فى موضوع القرار المعيب ،

أو كان الإجراء أو الشكل قد شرع لمصلحة الإدارة.

وذهب رأى آخر إلى القول أن توافر الأسباب التى ذكرت فى الرأى الأول لا تؤدى إلى إعفاء الإدارة من المسئولية بصفة مطلقة ، ولكنها تراعى فقط عند تقدير التعويض.

إلا أن هناك حالة يقتضيها المنطق وطبيعة الأمور وهى حالة إذا كانت الشكلية مقررة لمصلحة الإدارة

إذ ليس من المعقول أن يتمسك الفرد بعدم القيام بإجراء أو شكل لم يقصد منه حماية مصلحته.

ومن حيث أنه وقد بان مما تقدم أن الإدارة تعفى من جزاء المسئولية وهو التعويض فى الحالات الآتية :

1- إذا تنازل صاحب الشأن من جانبه عن الإجراء أو الشكل الذى تقرر لمصلحته ولم يكن الإجراء من النظام العام.

2- إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها أو إذا كان من الممكن أن تقوم بتدارك ما فاتها دون أن يكون ذلك مؤثرآ فى موضوع القرار المعيب

3- إذا كانت الشكلية مقررة لمصلحة الإدارة.

وعليه فالبنسبة للحالة الأولى فإن المستقر عليه فقهآ وقضاء سواء فى القانون المدنى أو الإدارى ، أنه لا يوجد خلاف بالنسبة لركن السببية بين المسئولية المدنية والمسئولية الإدارية.

وحتى تقوم المسئولية يجب أن تتوافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر ، إلا أن هذه الرابطة قد تنتفى وبالتالى فلا تقوم المسئولية ، ونفى رابطة السببية يكون عن طريق إثبات السبب الأجنبى الذى يرجع إليه الضرر الذى لحق بالمضرور ،

والسبب الأجنبى أما أن يكون القوة القاهرة ، أو الحادث الفجائى ، وأما أن يكون خطأ المضرور ، وأخيرآ قد يكون خطأ الغير.

” دكتور أنْوَر سُلْطَان ، النَّظَرِيَّة الْعَامَّة لِلِالْتِزَام – الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مَصَادِر الِالْتِزَام ، ص 502 ”

وعليه فإن تنازل صاحب الشأن عن الإجراء أو الشكل الذى تقرر لمصلحته من شأنه نفى علاقة السببية بين الخطأ وهو عيب الإجراء ،

وبين الضرر الذى لحق بصاحب الشأن ومن ثم فإن المسئولية فى هذه الحالة لا تنعقد ، وبالتالى يكون إعفاء الإدارة من التعويض فى هذه الحالة راجعآ لعدم توافر أركان المسئولية ، وليس لاعفائها من التعويض بعد انعقاد هذه المسئولية.

أما بالنسبة للحالة الثانية فإنه إذا قامت الإدارة بتدارك الإجراء أو الشكل بتصحيحه فإن من شأن ذلك إزالة العيب الذى شاب القرار وبذلك ينتفى ركن الخطأ. وبانتفاء الخطأ لا تقوم المسئولية وعليه فإن عدم إلزام الإدارة بالتعويض فى هذه الحالة يرجع إلى عدم انعقاد المسئولية ، وليس لإعفاء الإدارة من التعويض.

وبالنسبة للحالة الثالثة الخاصة بالشكل المقرر لمصلحة الإدارة

فإنه لايجوز المطالبة بالتعويض عنه فى حالة إغفاله ، لأن ركن الضرر فى هذه الحالة لا يتصور قيامه لإنتفاء التعدى على صاحب الشأن وبالتالى عدم انعقاد المسئولية.

” دُكْتُور مُحْسِنٌ خَلِيل ، الْقَضَاء الإدارى ورقابته لِأَعْمَال الْإِدَارَة ، دِرَاسَة مُقَارَنَة ، الطَّبْعَة الثَّانِيَة 1968 ، ص 110 وَمَا بَعْدَهَا ”

بقى حالة أخيرة وهى حالة الضرورة ، والظروف الاستثنائية وأثر توافرها على إعفاء الإدارة من جزاء المسئولية.

ذهب الفقه إلى أن هذه الحالة لا تعفى الإدارة من المسئولية بصفة مطلقة ، لأنه من المقرر أن الضرورة تقدر بقدرها وعليه فإن مسئولية الإدارة فى هذه الحالة تقوم ويترتب عليها جزاء التعويض ولكن بشروط أكثر تشددآ منها فى الظروف العادية.

 

” د . سُلَيْمَان الطماوى ، النَّظَرِيَّة الْعَامَّة للقرارات الإدَارِيَّة ، الطَّبْعَة الرَّابِعَة ، ص 118 وَمَا بَعْدَهَا ”

وأخيرآ فإن الإدارة تعفى من جزاء المسئولية ( التعويض )

إذا ما تنازل صاحب الشأن عن هذا الجزاء أو إذا نص المشرع على إعفاء الإدارة من التعويض عن بعض قرارتها غير المشروعة.


 

زر الذهاب إلى الأعلى