اليمين الحاسمة وخطورتها في الدعوى
بقلم: الأستاذ/ علاء العيلي
يجوز لكل من الخصمين أن يُوجه اليمين الحاسمة إلى الخِصم الآخر على أنه يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم مُـتعسفاً في توجيها.
ولمن وُجهت إليه اليمين أن يَردها على خصمه على أنه لا يجوز الرد إذا انصب اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين.
المادة ١١٥ من القانون المدني: “لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مُخالفة للنظام العام ويجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين مُتعلقة بشخص من وُجهت إليه فإن كانت غير شخصية له انصبت على مجرد علمه بها”.
ويجوز للوصي أو القيم أو وكيل الغائب أن يُوجه اليمين الحاسمة فيما يجوز له التصرف فيه ويجوز أن توجه اليمين الحاسمة في أية حالة كانت عليها الدعوى”.
المادة ١١٦ من القانون المدني “لا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلف”.
المادة ١١٧ من القانون المدني: “لا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخِصم الذي وُجهت إليه أو ردت عليه على أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي فإن للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده”.
المادة ١١٨ من القانون المدني:” كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه وكل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه.”
وعلى ضوء ما أفرده المُشرع المصري لليمين الحاسمة في مواد قانون الإثبات سالفة البيان فإن اليمين الحاسمة بهذه الصورة يعنى أنها نظام تقتضيه العدالة ولم يجد القانون بـُداً من إقراره لتخويل من فاته تحصيل الدليل المطلوب حق الالتجاء إلى ذمة خصمه أو مروءته أو شعوره الديني.
وعلى ذلك فيمكن تعريف اليمين بأنها {هي استشهاد الله عز وجل على قول الحق مع الشعور بهيبة المحلوف به والخوف من بطشه وعقابه} بينما يُـعرفها الدكتور السنهوري بأنه {قول يتخذ فيه الحالف الله شاهداً على صدق ما يقول أو على إنجاز ما يعد ويستنزل عقابه إذا ما حنث}.
والغرض من اليمين.. أنها تقررت بوصفها طريقا من طرق الإثبات لإسعاف المُـدعى بالدليل عند تخلفه إذ أنه عند انتقاء الدليل لديه فإن العدالة تقتضي الترخيص له بالاحتكام إلى ذمة خصمه.
من يوجه إليه اليمين الحاسمة القاعدة العامة أنه لا يجوز التوكيل في تأدية اليمين فلا يجوز توجيه اليمين الحاسمة إلا لشخص حاضر بشخصه فى الخصومة فلا يصح توجيها لشخص بصفته وكيلاً أو نائباً عن الغير لأن اليمين مُـتعلقة بذمة الحالف فلا يستطيع شخص أن يحلف عن أمر متعلق بذمة غيره.. أما إن كانت الواقعة المطلوب الحلف عليها متعلقة بشخص الوصي أو الوكيل وداخله في حدود سلطتهما جاز توجيه اليمين لهما عنها.
كما لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة من الخصم إلا لخصمه المباشر في الدعوى فلا يجوز توجيها من المدعى لشخص أدخله المدعى عليه ضامناً في الدعوى (اليمين الحاسمة… مستشار مصطفى هرجة).
خطورة اليمين الحاسمة في الدعوى:
من المقرر قانوناً أن الحُكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة هو حُكم حاسم للخصومة لا يجوز الطعن عليه.. سواء حلفها من وُجهت إليه فحُكم لصالحه.. أو نكل عنها فحُـكم ضده أو ردها على خصمه فحلفها ذلك أن توجيه اليمين الحاسمة معناه الاحتكام إلى ذمة الحالف.
إلا أن ذلك مشروط بأن يكون توجيه اليمين أو حلفها أو النكول عنها مطابق للقانون {طعن ٣٤٠ /٤٥ قضائية مُشار إليه التعليق على قانون الإثبات مستشار عز الدين الدناصوري والأستاذ حامد عكاز صـ547}.
قضاء محكمة النقض قد استقرت أحكام النقض على الآتي:
حلف اليمين الحاسمة أثره حسم النزاع فيما انصبت عليه اعتبار مضمونها حُجة مُلزمة للقاضي تضمن الحلف إقراراً بدعوى المُـدعى يُـوجب الحكم له تضمنه إنكاراً يجب الحُكم برفض الدعوى.. سقوط من وجهها في أي دليل أخر.
{نقض ١٥٢١٩٩٨ الطعن رقم ١٤٣١ لسنة ٦١ قضائية}
وعليه فلا يجوز الطعن على أي حُكم صادر بناء على اليمين الحاسمة لأنه يصير حُكماً نهائيا حاسم ومُـنهى للخصومة لا يجوز الطعن عليه، وهذه هي خطورة اليمين الحاسمة في الدعوى والتي ربما لا يُـدرك البعض خطورتها فيحدُث من المتقاضين بعد أن يوجه اليمين الحاسمة في دعوى ما ويحلفها من وجهت إليه وتحكم المحكمة في الدعوى ترى من يقوم بالطعن على هذا الحكم باستئنافه أو نقضه غير مُدركاً لأن الحكم قد صار نهائياً ولا يجوز الطعن عليه طالما كانت إجراءات توجيه اليمين وحلفها مُتفقة وصحيح القانون وقد قضت محكمة النقض في ذلك:
إذا حلف اليمين من وُجهت إليه كان مضمون الحلف حُجة مُلزمة للقاضي ويعتبر في هذه الحالة نهائياً لا يجوز الطعن عليه عن طريق الاستئناف. وإن من وجه اليمين لا يجوز له بعد الحلف أن يطلب إبطال الحُـكم بحجة أن خصمه حلف يمين كاذبة كما لا يجوز له أن يرفع دعوى جديدة بالحق ذاته يستند فيه إلى أدلة جديدة.
{الطعن رقم ٢٣٧٨ لسنة ٥٥ قضائية جلسة ١٧٥١٩٩٢ مُشار إليه في المرجع السابق في التعليق على نص المادة ١١٧ مدني}
وعلى ذلك أن اليمين تقررت بوصفها طريقا من طرق الإثبات لإسعاف المدعى بالدليل عند تخلفه إذ أنه عند انتفاء الدليل لديه فإن العدالة تقتضي الترخيص له بالاحتكام إلى ذمة خصمه وبما أن الخصم قد ارتضى اللجوء لضمير خصمه فقد أصبح ضمير الخصم هو الحَـكم في هذه الحالة لأنه من الغير المتصور أن يكون عند الخصم دليل أو سند لدعواه ويتركه للاحتكام لضمير خصمه أن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسم هو حكم حاسم مُـنهٍ للخصومة وقد صار نهائياً ولا يجوز الطعن عليه طالما كانت إجراءات توجيه اليمين وحلفها متفقة وصحيح القانون.
وقد قضت محكمة النقض في ذلك: “إذا حلف اليمين من وُجهت إليه كان مضمون الحلف حُجة مُلزمة للقاضي ويعتبر في هذه الحالة نهائيا لا يجوز الطعن عليه عن طريق الاستئناف. وأن من وَجه اليمين لا يجوز له بعد الحلف أن يطلب إبطال الحكم بحجة أن خصمه حلف يمين كاذبة كما لا يجوز له أن يرفع دعوى جديدة بالحق ذاته يستند فيه إلى أدلة جديدة”.
وعليه فإن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة طالما انصبت اليمين عن واقعة معينة وارتض الخصم ضمير خصمه حول هذه الواقعة فلا يجوز له أن يعاود النزاع مرة أخرى حول هذه الواقعة لكن له أن يطعن في إجراءات توجيه اليمين وأنها لم تتم وِفق القانون.
والقانون لم يشترط صيغة مُعينة لليمين وقد خلا القانون من صيغة محددة أو حتى تعريف محدد لليمين نفسها كما لا يجوز رفع دعوى ابتداء باليمين الحاسمة يطالب فيها الخصم إلزام خصمه بحلف اليمين حول واقعة معينة ذلك أن اليمين الحاسمة إجراء استثنائي نصت عليه المادة ١١٧ من قانون الإثبات أنها تقررت بوصفها طريقا من طرق الإثبات لإسعاف المُدعى بالدليل عند تخلفه إذ أنه عند انتفاء الدليل لديه فإن العدالة تقتضى الترخيص له بالاحتكام إلى ذمة خصمه.