«النقض»: نفي التهمة وانتفاء الصلة بالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2124 لسنة 91 قضائية، أن نفي التهمة وانتفاء الصلة بالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهري الحشيش والأفيون المخدرين بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها ولم يورد مضمون ومؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة.
ولم يستظهر القصد الجنائي في حقه وعلمه بكنه المخدر المضبوط ، ورد بما لا يسوغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وعول على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم معقولية تصويره لها وانفراده بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة له عنها ، وقضت المحكمة بمصادرة السيارة محل الضبط رغم أن تحريات الشاهد الثاني لم تتوصل لتوافر مدى علم مالكها باستخدامها في نقل المخدر المضبوط ، ولم تعرض لدفاعه بانتفاء صلته بالمضبوطات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي ومعاينة النيابة العامة لمكان الضبط ، وسرد مضمون كل دليل منها ومؤداه في بيان كاف لا يماري الطاعن في أن له معينه الصحيح من أوراق الدعوى، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجوهر المخدر هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة – كما هو الشأن في الدعوى الراهنة – هذا فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ.
لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد أضفى على رجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أو مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره.
ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور ، بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري حق تفتيشه ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما أورده الحكم أن الطاعن كان يعبر نقطة تفتيش نفق الشهيد أحمد حمدي باعتبارها منطقة حدودية متجها إلى النفق بالسيارة قيادته حيث تم استيقافه وتفتيش سيارته وتم ضبط المخدر آنذاك بمعرفة ضابط الواقعة – الملازم أول/ ………. ضابط بالقوات المسلحة بقوات حرس الحدود – قائد كمين النفق، فإن هذا القبض والتفتيش يكون صحيحاً ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على أساس ذلك قد اقترن بالصواب.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له وانفراده بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك ، وكان لا يقبل من الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بمصادرة السيارة التي ضبط بها المخدر رغم كونه مجرد قائد لها فحسب وإنها ملك لآخر ، ذلك بأن هذا الأخير وحده هو صاحب المصلحة في ذلك وعليه أن يتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاستردادها إن كان لذلك وجه ، وذلك لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز له أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.
هذا فضلاً ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السيارة المضبوطة قد استخدمها الطاعن في نقل المواد المخدرة فإن قضائه بمصادرة السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة وانتفاء الصلة بالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
أمين الســـر رئيس محكمة النقض