“النقض” لسلطة التحقيق تقدير جدية التحريات اللازمة لإصدار إذن التفتيش
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 16302 لسنة 89 قضائية، أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
وأضافت: ” متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون”.
الوقائع
تتلخص الوقائع في أن النيابـة العامـة اتهمت الطاعن فـي قـضـية الجنايـة رقـم ٥٧٠٨٨ لسـنة ٢٠١٨ قسـم الهـرم (والمقيـدة بالجدول الكلي بـرقم ٥٣٩٢ لسنة ٢٠١٨ جنوب الجيزة)، بأنـه فـي يـوم 29 من سبتمبر سنة ۲۰۱۸ بـدائرة قســم شـرطة الهـرم ــــ محافظة الجيزة، أجـروا أعمــال حـفـر فـي المنـاطق المتاخمـة لمـنـاطق أثريــة بقصـد الحصول على أثر دون ترخيص من الجهات المختصة قانونًا، وأحالتـه إلـى محكمـة جنايـات الجيـزة لمعاقبتـه طبقًا للقيـد والوصـف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمـة المـذكورة قضـت حضـوريًا بجلسة ۱۱ مـن إبريـل سـنة ۲۰۱۹ وعمـلًا بــالمواد ۱، ۲، ۲۰، 42/3 بنـد2 مـن القــانون ۱۱۷ لسـنة ١٩٨٣ المعـدل مع إعمـال مقتضى المــادة 17 مـن قـانون العقوبـات ــــ بمعاقبته بـالحبس مـع الشـغل لمـدة سـنـة واحـدة وغرامـة خمسـمائة ألـف جنيـه ومصادرة الأدوات المضبوطة والمصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 22 من مايو سنة 2019، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض بتاريخ 2 من يونيه سنة 2019 موقعًا عليها من المحامي
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن أسباب الحكم جاءت في عبارات مجملة، ورد بما لا يصلح على دفعه بطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها، كما التفت عن أوجه دفاعه، بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمئن إليها وجدانها وارتاح لها ضميرها مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها ومستنداتها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ 29/9/2018 نفاذا لإذن النيابة العامة الصادر للرائد/ …………. انتقل لمسكن المتحرى عنه ……….. فتقابل معه عند الباب وبالتفتيش عثر على أعمال حفر على يسار الداخل من الصالة الرئيسية للمسكن كما تم العثور على أدوات حفر بالرديم المنتشر حول الحفرة أعدت اللجنة الأثرية تقرير بالمعاينة وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وتقرير اللجنة الأثرية.
لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان المتهم بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور يكون لا محل له.
لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق، وكان الخطأ في اسم الطاعن أو محل إقامته في محضر الاستدلال ــــ بفرض حصوله ــــ لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له.
هذا إلى أنه لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات للأسس التي يتحدث عنها بأسباب طعنه، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا.
وكان الطاعن لم يبين في طعنه ماهية دفاعه الذي يقول أنه أبداه والتفت الحكم عنه بل أرسل القول إرسالًا مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله وهل كان دفاعًا جوهريًا مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل ردًا بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولًا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بقبول الطع
ن شكلًا وفي الموضوع برفضه.