«النقض»: لا يجوز تدخل القاضي لتحديد مدة العقد تبعاً لظروف وملابسات التعاقد
أكدت محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم ٦٤٨٤ لسنة ٨٢ قضائية، دوائر الإيجارات بجلسة 28 يناير 2018، أنه لا يجوز تدخل القاضي لتحديد مدة العقد تبعاً لظروف وملابسات التعاقد أو انتهاء العقد بانقضاء ستين عاماً قياساً على حق الحكر، ذلك أن الأصل أنه يمتنع على القاضي إعمالاً لنص المادة ١٤٧ من القانون المدنى التدخل لتعديل إرادة المتعاقدين إلاّ لسبب يقره القانون ولو ارتأى المشرع أن يتدخل القاضي لتحديد مدة العقد، أو تحديد حد أقصى للمدة في عقد الإيجار.
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر / ياسر قبيصى أبو دهب ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها المرحوم / عمرو عبد الستار حداد الدعوى رقم ٨٥ لسنة ٢٠١٠ إيجارات الإسماعيلية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء عين التداعى المبينة بالصحيفة ، وقالت بياناً لذلك إنه وبموجب عقد إيجار مؤرخ ٤ / ١ / ٢٠٠١ استأجر منها مورث المطعون ضدها شقة النزاع لقاء أجرة مقدارها ٢٠٠ جنيه شهرياً ، وقد نص في العقد على أن مدته مشاهرة دائمة ولرغبتها في إنهائه فقد نبهت عليه بالإخلاء ، وإذ لم يمتثل فقد أقامت الدعوى . وجه مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها طلباً عارضاً
بتحديد مدة الإيجار تسعة وخمسين عاماً . حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وفى موضوع الطلب العارض بتحديد مدة إيجار شقة النزاع بتسعة وخمسين عاماً من تاريخ ١ / ٢ / ٢٠٠١ . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٢١ لسنة ٣٦ قضائية الإسماعيلية وصححت الطاعنة شكل الاستئناف باختصام ورثة المدعى عليه ” المستأنف عليه ” وهم المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على القصر مهند ، مهاب ، ملك عمرو عبدالستار حداد ، وأحالت المحكمة الاستئناف إلى التحقيق واستمعت إلى شهود الطرفين وبتاريخ ٥ / ٣ / ٢٠١٢ قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ، وفى بيان ذلك تقول إن عقد الإيجار سند الدعوى قد نُص فيه على أن مدته مشاهرة دائمة فيضحى غير محدد المدة ويتعذر معرفة تاريخ انتهائه ، ومن ثم فإنه يكون منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة وهى شهر عملاً بنص المادة ٥٦٣ من القانون المدنى وينتهى بانتهاء هذه المدة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا قام بالتنبيه على الطرف الآخر بالإخلاء في الميعاد المقرر قانوناً ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحدد مدة ذلك العقد ٥٩ عاماً ، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن النص في المادة ٥٥٨ من القانون المدنى على أن ” الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة ….” ، والنص في المادة ٥٦٣ في هذا القانون على أن ” إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهى بانقضاء هذه الفترة بناءً على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الأتى بيانها ….” يدل وعلى ما انتهت إليه الهيئة العامة للمواد المدنية لمحكمة النقض على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه ، وأنه إذا عُقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهى فيه الإيجار أو تعذر ( ٤ )
إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبلى غير محقق الوقوع تعيين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة ٥٦٣ سالفة البيان ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضاً أن مفاد المادة ١٥٠ / ١ من القانون المدنى أنه متى كانت عبارة العقد واضحة في إفادة المعنى المقصود فيها فلا يجوز إخضاعها لقواعد التفسير للحصول على معنى آخر باعتباره هو مقصود العاقدين ، والمقصود بالوضوح في هذا المقام هو الإرادة الحقيقية لهما .
لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق ومما حصله الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار المؤرخ ٤ / ١ / ٢٠٠١ سند الدعوى النافذ اعتباراً من ١ / ٢ / ٢٠٠١ خاضع لأحكام القانون المدنى طبقاً لنصوص القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٦ ، ولئن كانت مدة هذا العقد مشاهرة دائمة ، وأن الأجرة مائتا جنيه شهرياً تُسدد كل شهر بيد أن المستأجر ” مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها ” قد سدد مقدم إيجار مقداره سبعة آلاف جنيه على أن يُدفع نصف القيمة الإيجارية المتفق عليها ويُخصم النصف الآخر من مقدم الإيجار لحين نفاده .
ومن ثم فإن إرادة طرفيه قد اتجهت إلى انعقاده إلى نهاية المدة المحددة لنفاد مقدم الإيجار المذكور ( في ٣٠ / ١١ / ٢٠٠٦ أي ٧٠ شهرياً ) وبعد انقضاء هذه المدة يكون من العقود غير المحددة ويكون منعقداً للمدة المعينة فيه لدفع الأجرة وهى ” شهر ” وينتهى بانقضائها بناءً على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة ٥٦٣ من القانون المدنى فإن لم يحصل التنبيه يتجدد العقد لمدة مماثلة وهكذا طالما بقى المستأجر منتفعاً بالعين المؤجرة بعلم المالك ودون اعتراض منه عملاً بالمادة ٥٩٩ / ١ من ذات القانون إلى أن يحصل التنبيه المشار إليه ، ولا يسوغ استبعاد نص المادة ٥٦٣ المشار إليها ولا محل للقول بوجوب تدخل القاضي لتحديد مدة العقد تبعاً لظروف وملابسات التعاقد أو انتهاء العقد بانقضاء ستين عاماً قياساً على حق الحكر ، ذلك أن الأصل أنه يمتنع على القاضي إعمالاً لنص المادة ١٤٧ من القانون المدنى التدخل لتعديل إرادة المتعاقدين إلاّ لسبب يقره القانون ولو ارتأى المشرع أن يتدخل القاضي لتحديد مدة العقد
أو تحديد حد أقصى للمدة في عقد الإيجار كما هو في حق الحكم لنص على ذلك صراحة ، ومن ثم فلا محل للقياس أو الاجتهاد مع وجود نص المادة ٥٦٣ من القانون المدنى سالف البيان ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى الأصلية للطاعنة المؤجرة بإخلاء العين المؤجرة لانتهاء عقد الإيجار بانقضاء مدته ، وفى الطلب العارض المقام من مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بتحديد مدة الإجارة بتسعة وخمسين عاماً ابتداءً من تاريخ نفاذه في ١ / ٢ / ٢٠٠١ استناداً من الحكم إلى سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود والمحررات ، وأنه استخلص من ظروف وملابسات التعاقد أن إرادة المتعاقدين قد اتجهت إلى جعل مدة العقد أقصى مدة ممكنة قانوناً ورتب على ذلك قضاءه آنفاً ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسماعيلية ، وألزمت المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر نائب رئيس المحكمة