«النقض»: قرابة الشاهد للمجنى عليه أو تأخره فى الإدلاء بأقواله لا تمنع من الأخذ بها

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ۷۸۲۹ لسنة ۸۹ قضائية، أن قرابة الشاهد للمجنى عليه أو تأخره فى الإدلاء بأقواله لا تمنع من الأخذ بها، ما دامت محكمة الموضوع قد اقتنعت بصدقها واطمأنت إليها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، وكان ما أوردته من شهادة الشهود تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التى دانت الطاعن بها – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له محل.

المحكمـــــــــــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً:

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون.

حيث إن الطاعن ينعى – بمذكرتى أسباب طعنه – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وحيازة سلاح نارى مششخن “مسدس” وذخائره بغير ترخيص قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب، والفساد فى الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن حرر فى صورة مجملة مجهلة لا يبين منها واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والباعث على ارتكابها، معتنقاً عدة صور متناقضة لها ولكيفية حدوثها بما يدل على اختلال فكرته عنها، وأغفل بيان مضمون الأدلة التى عول عليها فى الإدانة ومؤدى كل منها.

كما أغفل إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية ووصف الإصابات الواردة به وكيفية حدوثها اكتفاء بإيراد نتيجته، وقعدت المحكمة عن إيراد مضمون مذكرة النيابة المعروضة على الطب الشرعى، وعول فى الإدانة على أقوال شهود الإثبات على الرغم من تناقضها بشأن عدد مرتكبى الواقعة، وعلى أقوال الشاهدين الأول والثانى على الرغم من كونها سماعية، وعلى أقوال الشاهدين الثانى والثالث على الرغم من عدم مشاهدتهما واقعة قتل المجنى عليه، وعلى أقوال الشاهد الرابع على الرغم من إدلائه بأوصاف للطاعن لا تنطبق عليه.

وعلى أقوال الشاهد الخامس على الرغم من وجود علاقة مصاهرة مع المجنى عليه نشأت بعد الواقعة وخلو أقواله مما يفيد أن الطاعن هو مطلق الأعيرة النارية على المجنى عليه والتى حددها بعيارين فقط بما يناقض أقوال باقى الشهود وتقرير الصفة التشريحية من وجود ثلاث فتحات دخول لأعيرة نارية، وإغفاله وجود الشاهد الأول بمحل الواقعة وقت حدوثها، كما عول فى الإدانة على تحريات الشرطة دون إيراد مضمونها متخذاً منها دليلاً أساسياً معتمداً فى تكوين عقيدته على رأى محررها على الرغم من تناقضها مع أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية والتفت عن الرد على دفاع الطاعن فى هذا الشأن، ودان الحكم الطاعن بجريمة حيازة وإحراز سلاح نارى على الرغم من عدم ضبطه وفحصه للوقوف على طبيعته اعتماداً على أقوال الشهود.

وخلو الأوراق من عرض الطاعن عرضاً قانونياً على شهود الإثبات للتعرف عليه سواء خلال مرحلة التحقيق والمحاكمة، وجاء تدليله على توافر نية القتل وظرفى سبق الإصرار والترصد قاصراً، ورد بما لا يسوغ على الدفع بعدم جدية التحريات وتناقضها مع أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، وأغفلت المحكمة الاطلاع على معاينة النيابة ومصلحة الأدلة الجنائية ومعاينة الشرطة لمحل الواقعة، والتفتت عن طلبه الانتقال لمعاينة مكان ارتكاب الواقعة لتحديد المسافات بين الأماكن التى أشار إليها به لكشف عدم مطابقة أقوال الشهود عدا الثالث بشأنها وبشأن وصف الطاعن والتعرف عليه للواقع، ولمسكن المتهم الخامس التى أشارت التحريات لتردد الطاعن وباقى المتهمين عليها للتخطيط لارتكاب الجريمة.

والتفتت عن طلب استخراج شهادة تحركات للشاهد الخامس من مصلحة الجوازات، وعن طلب سماع شهود الإثبات على الرغم من تأجيلها نظر الدعوى استجابة لهذا الطلب، وعن دفاع الطاعن بعدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها، وانتفاء أركان الجريمة فى حقه، وعما  قدمه من مستندات مؤيدة لدفاعه وما تضمنته مذكرة دفاعه من أوجه دفاع ودفوع، كما أغفلت إيراد أسماء المدعين بالحق المدنى على الرغم من قضائها بإلزام الطاعن بالتعويض المؤقت، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

لما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يشترط فى شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذى رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولها أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، وكان المقرر أن قرابة الشاهد للمجنى عليه أو تأخره فى الإدلاء بأقواله لا تمنع من الأخذ بها، ما دامت محكمة الموضوع قد اقتنعت بصدقها واطمأنت إليها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، وكان ما أوردته من شهادة الشهود تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التى دانت الطاعن بها – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له محل.

لما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يلزم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشهود بالقدر الذى رووه لا يتناقض مع النتيجة التى انتهى إليها تقرير الصفة التشريحية ويتلاءم مع ما أورده من وصف إصابات المجنى عليه، فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد لا يكون سديداً.

لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل ما دلت عليه تحريات الشرطة بما يكفى لتحقيق مراد الشارع الذى استوجبه فى المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التى يستند إليها الحكم فى الإدانة، كما أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً فى الإدانة على نحو ما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه، بل عول على أقوال مجريها بالإضافة لما ساقه من أدلة أساسية أخرى استقاها من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية.

وكان المقرر أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة بالإضافة لما اعتمدت عليه من أدلة أساسية فى الدعوى اطمئناناً منها لتلك التحريات للأسباب السائغة التى أوردتها بما لها من سلطة فى تقدير الدليل شأنها فى ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت محكمة الموضوع  قد ردت على الدفع بعدم جدية التحريات بما أثبتته من اطمئنانها إلى أقوال الضابط مجرى التحريات حول ما أسفرت عنه تحرياته فى منطق سائغ وتدليل مقبول، وهو ما يكفى رداً على ما دفع به الطاعن فى شأنها.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض طبقاً لنص المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فى الحكم أنه مبنى على مخالفة القانون أو على خطأ فى تطبيقه أو تأويله، ودون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع، ما دام العوار لم يرد على بطلان أثر فى الحكم مما كان سيقتضى التعرض لموضوع الدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه إعمالاً لنص المادة ٣٩ من القانون المذكور بإلغاء ما قضى به فى الدعوى المدنية، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب

      حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به فى الدعوى المدنية ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى