«النقض» في حكم لها توضح شروط اكتساب ملكية أملاك الدولة الخاصة بوضع اليد المدة الطويلة
كتب: أشرف زهران
أكددت محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم723 لسنة 85 قضائية – الدوائر المدنية – جلسة 21 يونيو 2021، أن المقرر في قضاء محكمة النقض أن مفاد نص المادة ٩٧٠ من التقنين المدني المعدل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ أنه لا يجوز تملك أموال الدولة الخاصة أو كسب حق عيني على هذه الأموال بالتقادم، إلا إذا ثبت وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية في تاريخ سابق على العمل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧، وكان يشترط لكسب ملكية العقار بوضع اليد المدة الطويلة وفقًا لِمَا تقضي به المادة ٩٦٨ من القانون المدني أن يستمر وضع يد الحائز لمدة خمس عشرة سنة مقرونًا بنية التملك وأن يكون مستمرًا وهادئًا وظاهرًا غير غامض.
كما أكدت أن المقرر في قضاء محكمة النقض – أنه يجب على الحكم المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض للشروط السالفة ويبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدي إلى توافرها، بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها وثبوت أو نفي الحيازة بشرائطها القانونية التي تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم والتي تُعدُّ من المسائل القانونية التي يتعين على المحكمة الفصل فيها ولا يجوز أن تنزل عنها لأنها ولايتها وحدها.
الـــــمــــحـكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد راضي ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة، وبعد المداولة.
حيثُ إنَّ الطعنَ استوفى أوضاعَهُ الشكليِّةَ.
وحيثُ إنَّ الوقائعَ – على ما يبينُ مِّنَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى التي آل قيدها إلى رقم ١٤٨ لسنة ٢٠٠٩ لدى محكمة المنصورة الابتدائية على الطاعن بصفته وآخر غير مختصم في الطعن – محافظ الدقهلية بصفته – بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للأرض الموضحة الحدود بالصحيفة، وقال بيانًا للدعوى: إنه يمتلك قطعة أرض مقامًا عليها منزلًا بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية استمرارًا لوضع يد والده لمدة تزيد عن ثلاثين عامًا سابقة على صدور القانون رقم ١٤٧ لسنة ١٩٥٧، ولمَّا كان الطاعن ينازعه في هذه الأرض بزعم أنها من أملاك الدولة، في حين أنه يمتلكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، ومن ثم فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم ٣٥٥٢ لسنة ٦١ ق، قضت المحكمة بإلغاء الحكم الابتدائي وإعادة الأوراق إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها. حكمت المحكمة للمطعون ضده بالطلبات. استأنف الطاعن ومحافظ الدقهلية بصفتيهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم ٥٠٦٦ لسنة ٦٢ ق، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ ١٨/١١/٢٠١٤ بعدم قبول الدعوى بالنسبة لمحافظ الدقهلية وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابةُ مذكرةً أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعنُ على هذه المحكمة، منعقدة في غرفة مشورة، فرأت أنه جديرٌ بالنظر، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه تمسك بأن أرض النزاع من أملاك الدولة الخاصة التي لا يجوز تملكها بالتقادم من تاريخ سريان القانون ١٤٧ لسنة ١٩٧٥، وبأن المطعون ضده لم تتوافر له شروط وضع اليد المكسب للملكية بالتقادم قبل العمل بهذا القانون، فأطرح الحكم هذا الدفاع، وقضى بثبوت ملكية المطعون ضده لأرض النزاع بالتقادم المكسب استنادًا إلى أقوال شاهديه أمام خبير الدعوى المضمومة رقم ٦٤٣ لسنة ٢٠٠٦ مدني كلي المنصورة، برغم أنها لا تعدو أن تكون قرينة لا تصلح وحدها لحمل قضاء الحكم، مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعي في محله، ذلك بأنه لمَّا كان مفاد نص المادة ٩٧٠ من التقنين المدني المعدل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ أنه لا يجوز تملك أموال الدولة الخاصة أو كسب حق عيني على هذه الأموال بالتقادم، إلا إذا ثبت وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية في تاريخ سابق على العمل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧. وكان يشترط لكسب ملكية العقار بوضع اليد المدة الطويلة وفقًا لِمَا تقضي به المادة ٩٦٨ من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يستمر وضع يد الحائز لمدة خمس عشرة سنة مقرونًا بنية التملك وأن يكون مستمرًا وهادئًا وظاهرًا غير غامض. ويجب على الحكم المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض للشروط السالفة ويبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدي إلى توافرها، بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها وثبوت أو نفي الحيازة بشرائطها القانونية التي تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم والتي تُعدُّ من المسائل القانونية التي يتعين على المحكمة الفصل فيها ولا يجوز أن تنزل عنها لأنها ولايتها وحدها. وكان التحقيق الذي يصح للمحكمة أن تتخذه سندًا لقضائها هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الذي تجريه بنفسها أو تنوب أحد قضاتها لإجرائه، وفقًا للقواعد والضوابط والإجراءات المنصوص عليها في المادة ٦٠ وما بعدها من قانون الإثبات بما قررته من ضمانات تكفل حسن سير التحقيق، أمَّا سماع الخبير الأقوال التي يدلي بها غير الخصوم إليه بترخيص من المحكمة فلا يعدُّ تحقيقًا بالمعنى القانوني يجوز للمحكمة أن تستمد منه وحده اقتناعها وتتخذه دليلًا تبني عليه حكمه، إذْ هو مجرد إجراءٍ ليس الغرض منه إلَّا أن يستهدي به الخبير في أداء مهمته، لأنه طبقًا لنص المادة ١٤٨ من قانون الإثبات ليس مخولًا إلا في إثبات الأقوال التي يدلي بها غير الخصوم إليه إذا صرحت له المحكمة بذلك، وكان سماع هذه الأقوال من شأنه أن يعينه على بحث المسائل الفنية موضوع مأموريته. لمَّا كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المحكمة ركنت في قضائها بثبوت ملكية المطعون ضده لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة قبل العمل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧ إلى اطمئنانها لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى المنضمة رقم ٦٤٣ لسنة ٢٠٠٦ مدني كلي المنصورة وما بني عليه من أسس فنية وقانونية سليمة، واطمئنانها إلى أقوال شاهدي المطعون ضده اللذين سمعهما الخبير بغير يمين، وما قدمه المطعون ضده من مستندات رسمية – إيصالات سداد عوائد وأجرة ترجع لعام ١٩٤٧ وإيصالات سداد استهلاك المياه والكهرباء للعقار المقام على أرض التداعي ترجع لعام ١٩٧٩- من أن عقار النزاع موجود منذ عام ١٩٤٢ في وضع يده ومورثه من قبله وضع يد ظاهر وهادئ ومستمر وبنية التملك، فإنها تكون قد جعلت التحقيق الذي أجراه الخبير في مرتبة التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وأسبغت عليه ذات القيمة في الإثبات، ودون أن يبين الحكم ماهية الأسس الفنية والقانونية التي بني عليها تقرير الخبرة واطمأنت إليها المحكمة، وبرغم أنه لا يجوز للخبير أن يتطرق إلى المسائل القانونية، ولا للمحكمة أن تنزل عنها، لأنها ولايتها وحدها، كما وأن ما عولت عليه المحكمة من مستندات المطعون ضده، والتي يعود أقدمها لعام ١٩٤٧، لا تؤدي إلى القول باكتمال مدة التقادم الطويل قبل العمل بالقانون ١٤٧ لسنة ١٩٥٧، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه.
لـــــــــذلــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة وألزمت المطعون ضده المصاريف.