«النقض»: عبء إثبات عدم صحة سبب الفصل يقع على العامل

أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 1077 لسنة 90 القضائية، أنه إذا ذكر صاحب العمل سبب فصل العامل فليس عليه إثبات صحة هذا السبب، وإنما يكون على العامل عبء إثبات عدم صحته وأن الفصل لم يكن له ما يسوغه.

وأضافت المحكمة أن النص في المادة 56 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 نصت على أنه يجب على العامل  أن يؤدي بنفسه الواجبات المنوطة به بدقة وأمانة وذلك وفقًا لما هو محدد بالقانون ولوائح العمل وعقود العمل الفردية والجماعية، وأن ينفذ أوامر وتعليمات صاحب العمل الخاصة بتنفيذ الواجبات التي تدخل في نطاق العمل المنوط به إذا لم يكن في هذه الأوامر والتعليمات ما يخالف العقد أو القانون أو اللوائح أو الآداب العامة، ولم يكن في تنفيذها ما يعرض للخطر يدل على أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به بشرط أن يكون ذلك راجعًا إلى خطئه سواء عن عمد أو إهمال، وقد جاء هذا النص عامًا ليشمل جميع الواجبات الملقاة على عاتق العامل ومنها وجوب التحلي بالأمانة طوال مدة خدمته وعدم الخروج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته فإذا أخل العامل بأيٍ منها كان لصاحب العمل فسخ العقد.

الوقائع

في يوم 16/1 /2020 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 19/ 11/2019 في الاستئناف رقم 1316 لسنة 23 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي اليوم ذاته أودع الطاعن مذكرة شارحة.

وفي 28 / 1 / 2020 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن.

وفي 10 / 2 / 2020 أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها.

ثم أودعت النيابة مذكرتها، وطلبت فيها قبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع برفضه.

وبجلسة 31/ 8 / 2022 عُرِضَ الطعن على المحكمة ـــــــ في غرفة مشورة ـــــــ فرأت أنه جدير بالنظر؛ فحددت لنظره جلسة للمرافعة.

وبجلسة 8 / 3 / 2023 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ـــــ حيث صمم كل من محامي الطاعنة والمطعون ضدها والنيابة على ما جاء بمذكراتهم ـــــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه الســيد القاضي المقرر / محمد إبراهيم الشرقاوي، والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الواقعات- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وجميع الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة – شركة أسترازينيكا مصر للصناعات الدوائية أقامت الدعوى رقم 1060 لسنة 2018 عمال القاهرة الجديدة الابتدائية ضد المطعون ضدها بطلب الحكم بفصلها من العمل، وقالت بيانًا لها إن المطعون ضدها تعمل لديها بوظيفة مندوب دعاية طبية وقد أثبتت بتقاريرها على خلاف الحقيقة قيامها بالزيارة المطلوبة منها إلى أحد الأطباء، ومن ثم فقد أقامت الدعوى بطلبها المبين سالفًا، وبتاريخ 28/1/2019 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1316 لسنة 23ق، وبتاريخ 19/11/2019 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستانف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه. وإذ عُرِضَ الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

 

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والبطلان، وفي بيان ذلك تقول:- إن المطعون ضدها – وهي تشغل وظيفة مندوب دعاية طبية – أخلت بواجبات وظيفتها لإثباتها بالتقارير المقدمة منها قيامها بزيارات إلى أحد الأطباء بالرغم من عدم قيامها بهذه الزيارات، مخالفة بذلك شروط عقد العمل وهو ما يسوغ طلب فصلها من العمل إعمالًا للمادة 36 من لائحة جزاءات الشركة والمادتين 56 و69 من قانون العمل، إلا أن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي لأسبابه قد قضى برفض دعواها بطلب فصل المطعون ضدها من الخدمة بمقولة أن الخطأ الذي وقع منها ليس من الجسامة التي تسوغ فصلها من الخدمة، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.

 

وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن النص في المادة 56 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 – المنطبق على واقعة النزاع – على أنه يجب على العامل أ أن يؤدي بنفسه الواجبات المنوطة به بدقة وأمانة وذلك وفقًا لما هو محدد بالقانون ولوائح العمل وعقود العمل الفردية والجماعية … ب أن ينفذ أوامر وتعليمات صاحب العمل الخاصة بتنفيذ الواجبات التي تدخل في نطاق العمل المنوط به إذا لم يكن في هذه الأوامر والتعليمات ما يخالف العقد أو القانون أو اللوائح أو الآداب العامة ولم يكن في تنفيذها ما يعرض للخطر يدل على أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به بشرط أن يكون ذلك راجعًا إلى خطئه سواء عن عمد أو إهمال، وقد جاء هذا النص عامًا ليشمل جميع الواجبات الملقاة على عاتق العامل ومنها وجوب التحلي بالأمانة طوال مدة خدمته وعدم الخروج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته فإذا أخل العامل بأيٍ منها كان لصاحب العمل فسخ العقد.

 

ومن المقرر أيضًا – في قضاء هذه المحكمة – أنه إذا ذكر صاحب العمل سبب فصل العامل فليس عليه إثبات صحة هذا السبب، وإنما يكون على العامل عبء إثبات عدم صحته وأن الفصل لم يكن له ما يسوغه.

لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة قد أقامت الدعوى الراهنة بطلب فصل المطعون ضدها من العمل لإخلالها بالتزاماتها الجوهرية بأن سلكت مسلكًا يتنافى مع الأمانة التي يجب أن يتحلى بها العامل، بأن أثبتت زيارتها إلى أحد الأطباء على الرغم من عدم قيامها بهذه الزيارة، وهو – وعلى نحو ما أورده الحكم الابتدائي بمدوناته – ثابت من التحقيق الإداري الذي أجرته الطاعنة، وكان ما وقع من المطعون ضدها يمثل إخلالًا جسيمًا بالتزاماتها الجوهرية المترتبة على عقد العمل اهتزت به ثقة الطاعنة فيها وكانت الثقة في العامل غير قابلة للتجزئة فإذا ما فقد صاحب العمل الثقة في العامل في إحدى الوظائف فإنه يفقدها في أي وظيفة أخرى، وهو الأمر الذي يسوغ للطاعنة طلب فصل المطعون ضدها من العمل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى بقالة أن الخطأ الذي ارتكبته المطعون ضدها ليس من الجسامة التي تسوغ الفصل فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 1316 لسنة 23 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بفصل المطعون ضدها من العمل.

لذلــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 1316 لسنة 23 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبفصل المطعون ضدها من العمل، وألزمت المطعون ضدها مصــروفات الطعن ودرجتي التقاضي، ومبلغ ثلاثمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفتها من الرسوم القضائية.

أمين السر نائب رئيس المحكمة

زر الذهاب إلى الأعلى