«النقض»: جريمة حيازة عملة مقلدة بقصد الترويج تستلزم قصدًا خاصًا

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 26214 لسنة 74 القضائية، جريمة حيازة عملة مقلدة بقصد الترويج، تستلزم قصدًا خاصًا هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول.

المحكمة

عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول…….
حيث إن الطاعن الأول قد تنازل عن طعنه بمقتضى إقرار موقع عليه من المحامى….. عن المحامى….. بصفة الأخير وكيلاً عن المحكوم عليه بتوكيل خاص محضر تصديق رقم….. لسنة….. وبتاريخ….. يبيح ذلك، ولما كان التنازل عن الطعن هو ترك للخصومة يترتب عليه وفق المادة 143 مرافعات إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما فى ذلك التقرير بالطعن، فإنه يتعين إثبات تنازل الطاعن عن طعنه.
عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث…..

حيث إن الطاعن الثالث وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يودع أسباب طعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

وحيث إن الطاعن الثانى ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عملات ورقية مقلدة متداولة قانونًا خارج البلاد بقصد الترويج قد شابه قصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم قد شابه غموض وإبهام واضطراب وتخاذل فى بيان الواقعة والتدليل على توافر أركانها ولم يورد مؤدى الأدلة التى عول عليها فى الإدانة ولم يدلل على أن حيازة الطاعن للأوراق المالية المضبوطة كان بقصد ترويجها وأنه يعلم بتقليدها رغم دفعه بعدم علمه وانتفاء صلته بها والتفت الحكم عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ….. لابتنائه على تحريات غير جدية وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما، واطرح الحكم الدفع ببطلان الإقرار المنسوب للطاعن بمحضر الضبط لصدوره وليد إكراه مادى من الضابط تمثل فى تغير به ووجود آثار دماء أثبتها وكيل النيابة المحقق إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ دون أن تجرى النيابة العامة تحقيقًا فى شأن تغير به هذا إلى تعارض المصالح بينه وبين الطاعن الأول إذ حضر محام واحد عنهما هو الأستاذ….. الذى حضر عنه محاميان عن المتهم الأول بجلسة….. وحضر نفس المحامى عن الطاعن بجلسة….. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله “إن المتهم….. ومتهمين آخرين سبق الحكم عليهما غيابيًا قد جلبوا من خارج البلاد عدد….. ورقة مالية مقلدة فئة المائة دولار أمريكى مقلدة بطريقة الطبع مع علمهم بأمر تقليدها وذلك لترويجها داخل البلاد واستلمها المتهم….. ليقوم بترويجها عن طريق استبدالها من أحد البنوك بعمله وطنية صحيحة، وتعرف على المتهم….. الذى يعمل مصرفى (ب) ببنك….. فرع….. وتسلم الأخير الأوراق المالية السالفة، وعندما توجه المتهم….. إلى….. رئيس الخزينة بالبنك لاستبدال عدد….. ورقة منها بعملة وطنية صحيحة، بقصد ترويج الأوراق المالية المقلدة، فاكتشف رئيس الخزينة بحكم خبرته فى التعامل بالنقود بأمر تقليدها وأبلغ المختصين بالبنك، وتم إبلاغ الشرطة وضبط الأوراق وتم ضبط الباقى منها وقدره….. ورقة داخل الحقيبة الخاصة بالمتهم….. المودعة داخل صوانه الخاص بالبنك. وثبت من تقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى أن الأوراق المالية المضبوطة مقلدة بطريق الطبع باستخدام أسطح طباعية مصطنعة ومزيفة بطريقة لا بأس بها بحيث من الممكن أن ينخدع بها بعض الفئات من الناس فيقبلونها فى التعامل على غرار الأوراق المالية الصحيحة.

وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. فإن هذا بحسب الحكم بيانًا لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها فى حق الطاعن وكاف لحمل قضاء الحكم لما هو مقرر من أن القانون وإن أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التى استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التى وقعت فيها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من غموض واضطراب الحكم وتخاذله فى بيان الواقعة وأدلتها يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج وإن استلزمت فضلاً عن القصد الجنائى العام، قصدًا خاصًا هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول مما يتعين معه على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته فى حكمها على استقلال متى كان ما أوردته عن تحقق الفعل المادى يكشف بذاته عن توافر تلك النية الخاصة التى يتطلبها القانون وذلك ما لم تكن محل منازعة من الجانى فإنه يكون متعينًا حينئذ على الحكم بيانها صراحة وإيراد الدليل على توافرها وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أنه حاز بقصد الترويج الأوراق المالية المقلدة المضبوطة وأورد على ذلك أدلة سائغة من أقوال الشهود واعتراف المتهمين من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها لما أورد فى تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعن تسلم الأوراق المالية المقلدة من المتهم الأول لترويجها باستبدالها بعملة وطنية صحيحة وتسليمها المتهم الثالث الذى يعمل مصرفيًا ببنك…… فرع……. لاستبدالها فتم ضبطه آنذاك، وكان الطاعن لا يدعى أن هناك هدفًا غير الترويج من حيازته للعملة المضبوطة فإن منعاه فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم الطاعن بتقليد الأوراق المالية التى يتعامل بها لا يعيبه مادامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه وكان ما أورده الحكم فى مدوناته وتحصيله لاعتراف المتهم الأول من تسليمه للطاعن الأوراق المالية المضبوطة لترويجها مقابل ثمن متفق عليه ما يوفر علم الطاعن بتقليد هذه الأوراق وهذا العلم من حق محكمة الموضوع تستقل به تستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن ضبط الطاعن كان نفاذًا لإذن النيابة العامة الصادر بتاريخ….. بناء على اعتراف المتهمين….. و….. بتحقيقات النيابة العامة من أنه مصدر الأوراق المالية المقلدة المضبوطة وهو ما لا ينازع الطاعن فيه. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن بطلان إذن النيابة السالف لعدم جدية التحريات يكون ولا محل له ولا على المحكمة إن التفتت عن الرد عليه.

لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بالقبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما إنما هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة بالأدلة السائغة التى أوردتها إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. فإن ما أثاره الطاعن من أن القبض عليه تم بتاريخ….. قبل الحصول على إذن النيابة العامة استنادًا إلى تاريخ محضر الشرطة المؤرخ….. مردودًا بأن ما ورد بشأن تاريخ المحضر السالف لا يعدو أن يكون خطًا ماديًا وسهوًا بدلالة أن محرره استهل افتتاحه بأنه حرر استكمالاً لإجراءات ضبط الواقعة محل الاتهام والتى حصلت فى….. ونفاذًا لإذن النيابة العامة الصادر بتاريخ….. بضبط المتهم – الطاعن – بالإضافة إلى أنه دون قرين تاريخ المحضر المشار إليه عبارة بالمداد الأحمر الجاف “….. أحوال فى….. ” وكان لا عبرة بالخطأ المادى الواقع فى تاريخ محضر الشرطة المشار إليه آنفًا إنما العبرة هى بحقيقة الواقع بشأنه وكان الطاعن لا ينازع فى أن ضبطه كان نفاذًا لإذن النيابة العامة الصادر بتاريخ….. فأن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره المدافع عن الطاعن من بطلان إقراره بمحضر الضبط لصدوره وليد وطأة تعذيب رجال الضبط له مردود بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التى قام عليها ولم يعول على أى دليل مستمد من إقرار الطاعن بمحضر الضبط، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلال على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة….. أن المدافع عن الطاعن نعى على النيابة العامة قعودها عن تحقيق واقعة تعذيب الطاعن على الرغم من وجود آثار للتعذيب ثبتت بالمناظرة دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين فى هذا الخصوص، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان لا محل لما ينعاه الطاعن من سماح المحكمة بحضور الأساتذة….. و….. و….. المحامين عن الأستاذ….. المحامى مع المتهم الأول بجلسة….. ثم حضور الأستاذين الأول والثانى المحاميين مع المتهم الأول وحضور….. المحامى مع المتهم الثانى – الطاعن – بجلسة….. مادام أنها لم يتخذ فى حضورهم بجلسة….. أى إجراء من إجراءات المحاكمة فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه……….. يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى