«النقض»: ثبوت تهمة التهديد بإفشاء صور المجنى عليها حال إثبات ملكية المتهم لخط الهاتف.. والحيثيات تؤكد انتفاء شرط علم الحائز أو المستعمل لهذا الخط

كتب: عبدالعال فتحي

أصدرت دائرة السبت “د” بمحكمة النقض، حكما قالت فيه: “جريمة التهديد بإفشاء صور المجنى عليها، يكفى فى الإدانة ثبوت أن خط التليفون يخص المتهم ولا يشترط معرفة الحائز أو المستعمل لهذا الخط”، وذلك في الطعن المقيد برقم 2092 لسنة 79 القضائية.

الوقائع.. الزوج يهدد زوجته بفضحها ونشر صورها بعد الطلاق

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 213 لسنة 2007 جنايات شبرا الخيمة، والمقيدة بالجدول الكلى رقم 651 لسنة 2007 جنوب بنها، بوصف أنه في يوم 12 مارس سنة 2008 بدائرة قسم أول شبرا الخيمة – محافظة القليوبية، هدد المجنى عليها “س.ع” كتابة بارتكاب جريمة ضدها بإفشاء أمور مخدشة بالشرف وكان التهديد مصحوباَ بطلب دفع مبلغ نقدى، اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها بأن التقط لها عبر أحد الأجهزة صور شخصية لها وهى عارية الجسد في حجرة نومها حال قيام العلاقة الزوجية بينهما وكان ذلك بغير رضاها، واستعمل المستندات المتحصل عليها محل الجريمة الثانية بغير رضاء المجنى عليها في تهديدها لحملها على القيام بدفع مبلغ نقدى له.

وأحالته النيابة إلى محكمة جنايات شبرا الخيمة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، من قانون الإجراءات الجنائية والمواد 309 مكرر/ 5، 309/ مكرر أ/1، 2، 327/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة عما أسند إليه وإثبات ترك المدعى بالحق المدنى دعواه، فطعن وكيل المحكوم عليه على هذا الحكم بطريق النقض، كما طعن المحكوم عليه على هذا الحكم بطريق النقض.

المحكمة تقضى على الزوج بالحبس سنة مع الشغل والزوج يطعن

الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى التقاط صور للمجنى عليها في مكان خاص وتهديدها كتابة بإفشاء أمر تلك الصورة المصحوب بطلب مبالغ نقدية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أغفل دفاعه بانتفاء الركن المادى للجريمة التي دانه بها، وعول في الإدانة على أقوال المجنى عليها رغم كذبها وتناقضها وتراخيها في الإبلاغ وتلفيقها للاتهام وكيديته – لشواهد عددها – والمؤيد بالمستندات المقدمة بجلسة المحاكمة والتي التفت الحكم عنها وعن دفاعه في هذا الشأن، ودفاعه بتواطؤ حارسى العقار مع المجنى عليها، كما استند على تحريات المباحث وأقوال مجريها رغم عدم جديتها وقصورها وصدورها من غير مختص.

واستند أيضاَ على الشهادة الصادرة من شركة المحمول والتي أفادت بأن خط الهاتف المستخدم في ارسال الرسائل لهاتف المجنى عليها يخص الطاعن في حين أن تلك الشهادة لا تؤكد بأنه هو الحائز والمستعمل لهذا الخط، وأخيراَ لم تقم النيابة العامة والمحكمة بطلب ضم أصل عقد خط الهاتف من شركة المحمول المرسل منه رسائل التهديد للطعن عليه بالتزوير لكونه غير موقع منه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

المحكمة في حيثيات الحكم، قالت أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: “تتحصل في أن المتهم كان زوجا للمجنى عليها وأثناء العلاقة الزوجية قام بالتقاط صور عارية لها وأنه بعد انتهاء العلاقة الزوجية بينهما وطلاقها، فوجئت المجنى عليها بقيام المتهم بتهديدها بتلك الصور، وطلب مبالغ مالية نقدية نظير عدم نشر تلك الصورة والتشهير بها”، وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن بما ينتجها من وجوه الأدلة التي انتقاها من معينها الصحيح من الأوراق بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها.

جريمة التهديد بإفشاء صور المجنى عليها يكفى فى الإدانة ثبوت أن خط التليفون يخص المتهم

لما كان ذلك – وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف تؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وأنها متى أخذت بأقوال شاهد الإثبات – المجنى عليها – فإن ذلك يفيد أطراحها كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان التناقض في أقوال شاهد الإثبات وتضاربه في أقواله – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاَ سائغاَ لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وكان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها وكان الدفع بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحاَ من الحكم مادام الرد مستفاداَ ضمناَ من القضاء بالإدانة استناداَ إلى أدلة الثبوت التي أوردها، فإن كل ما يثيره الطاعن من تناقض أقوال المجنى عليها أو تراخيها في الأبلاغ أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعى حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة الموضوع.

ولا يشترط معرفة الحائز أو المستعمل للخط

لما كان ذلك – وكان المقرر أن القضاء في المواد الجنائية يقوم على حرية التقاضى في تكوين عقيدته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينه يرتاح إليها دليلاَ لحكمه، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان لا يشترط لإثبات جريمة التهديد كتابة بإفشاء أمر صور المجنى عليها المصحوب بطلب مبالغ نقدية المنصوص عليها في المادة 327 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال الهعامة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الاثبات، ولها أن تأخذ بالشهادة الصادرة من شركة المحمول كدليل في الدعوى إذا ما اطمأنت إلى صحتها، فإنه لا محل لتعييب الحكم لتعويله في إدانة الطاعن على تلك الشهادة، ولا على المحكمة أن هي لم تجبه إلى طلبه ضم أصل عقد خط الهاتف من شركة المحمول المرسل منه رسائل التهديد ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم ترمى من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.

لما كان ذلك – وكان ما يثيره الطاعن من وجود نقض بتحقيقات النيابة العامة لعدم ضم أصل عقد خط الهاتف من شركة المحمول لا يعدو أن يكون تعييباَ للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن، مما يضحى ما يثيره الطاعن غير مقبول، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناَ رفضه موضوعاَ.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى