«النقض» توضح نوعًا من الدفوع لا يستوجب ردًا صريحًا
أوضحت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 5501 لسنة 92 القضائية، أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن كل ما يثيره الطاعن من تراخى المجني عليه في الإبلاغ أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمـــداولة قــــانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تعمد مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهـا، قـد شـابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه تساند إلى إقرار الطاعن بمحضر الضبط رغم إنكاره للاتهام بالتحقيقات وملتفتا عن المستندات المقدمة والتي تنفى عنه الاتهام، وعول على أقوال المجني عليها رغم تراخيها عن الإبلاغ مما ينبئ عن كيدية الاتهام وتلفيقه، وتساند إلى تحريات الشرطة بالرغم من الدفع بعدم جديتها ومكتبتها وعدم صلاحيتها كدليل إدانة، ولم تجبه المحكمة إلى طلب ندب خبير لقصور تقرير الفحص الفني لأنه سُطر قبل طلب الفحص وأن هاتفه لا يدعم الاتصال بالإنترنت كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
من حيث إن البين من الحكم الابتدائي الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه أنه استعرض واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأقام على ثبوتهمــا فـي حقـه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها.
لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من تعويل الحكم على إقراره بمحضر الضبط رغم عدم صحته بدلالة إنكاره له بالتحقيقات مردودا بما هو مقرر من أن للمحكمة أن تأخذ بإقرار المتهم بمحضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع دون بيان السبب، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى إقرار الطاعن بمحضر الضبط بارتكابه للواقعة، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم التفاته عما قدمه من مستندات تنفي الاتهام عنه يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وأنها متى أخذت بأقوال شاهد الإثبات ــــ المجني عليها ـــ فإن ذلك يفيد اطراحها كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، وكان الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن كل ما يثيره الطاعن من تراخى المجني عليه في الإبلاغ أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، فإن ما ينعاه الطاعن من تعويل الحكم على تحريت الشرطة رغم عدم جديتها وأنها مكتبية يتمخض جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لمــــا كـــــان ذلـــك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلـــى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه لا يجافي العقل والمنطق- كما هو الحال في الدعوى الراهنة– ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير قويم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.