«النقض» توضح معنى تعرض البائع للمشتري في المادة 439 مدني
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٩٨١٧ لسنة ٨٤ قضائية ـ الدوائر المدنية – بجلسة 12 مارس 2020، أن عقد البيع عقد تبادلي يُنشئ بين طرفيه التزامات متقابلة، وقد أوجبت المادة ٤٣٩ من القانون المدني على البائع أن يمتنع عن كل تعرض من جانبه للمشترى في حيازته للمبيع، وكان التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع في مفهوم هذه المادة هو كل عمل يعكر على المشترى حقه فى حيازة المبيع والانتفاع به، وهذا الالتزام المستمر على عاتق البائع يقابله التزام المشترى بأداء الثمن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسمـــــــاع التقريـر الذي تلاه السيــــــد القاضي المقـــــرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الهيئة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم … لسنة ٢٠٠٤ مدنى كلى الجيزة على الطاعنة بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ فى ٩/٩/١٩٩٦ وتسليمها العين محل التداعى وإلزامها بسداد الريع المستحق عن العين منذ استلامها لها بواقع ٤٩.٣٢ جنيه شهرياً وإلزامها بسداد مبلغ ٢٠٠١ جنيه كتعويض مدنى مؤقت، وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب عقد البيع سالف الذكر خصص للطاعنة الوحدة السكنية محل التداعى المبينة بالأوراق لسكناها وأسرتها بدعم الوحدات السكنية بقروض ميسرة واستلمتها فى ١٤/٣/١٩٩٥.
وإذ قامت الطاعنة بتحويل الوحدة إلى محل تجارى فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره، حكمت بفسخ عقد البيع المؤرخ فى ٩/٩/١٩٩٦ والتسليم وبالريع الذي قدرته وبعدم اختصاصها قيمياً بنظر طلب التعويض وإحالته للمحكمة الجزئية المختصة والذي قيد برقم … لسنة ٢٠٠٧ مدنى جزئى أكتوبر، عدلت الهيئة المطعون ضدها طلباتها إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدى لها مبلغ ٦٦٠٠٠ جنيه ( ستة وستون ألف جنيه ) تعويضاً مادياً وأدبياً. حكمت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر هذا الطلب وإحالته إلى محكمة الجيزة الابتدائية والذي قيد بذات الرقم السابق، وبتاريخ ٣٠/٦/٢٠٠٨ حكمت المحكمة بالتعويض الذي قدرته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم … لسنة ١٢٥ ق القاهرة “مأمورية الجيزة”. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ ١٧/٩/٢٠١٤ بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً، عرض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون وتقول بياناً لذلك إن عقد البيع سند الدعوى قد نشأ صحيحاً بين طرفيه وقد أوفت فيه بكامل الثمن وصار فيه البيع باتاً وناقلاً للملكية بكافة عناصرها وبالتالى يكون لها الحق فى استعمال واستغلال والتصرف فى العين المباعة لها، وأن تغييرها لنشاط العين من سكنى إلى تجارى تكون قد استعملت حقاً مقرراً لها فى القانون والقرار الوزراى رقم ٧٢٣ فى ٢٧/٥/٢٠١٠ كما أن هذا التغيير الجزاء فيه الغرامة طبقاً لقانون المحال العام ولا تخضع فيه للجزاء المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بفسخ عقد البيع سند الدعوى والتسليم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن عقد البيع عقد تبادلى يُنشئ بين طرفيه التزامات متقابلة، وقد أوجبت المادة ٤٣٩ من القانون المدنى على البائع أن يمتنع عن كل تعرض من جانبه للمشترى فى حيازته للمبيع، وكان التعرض الشخصى الذي يضمنه البائع فى مفهوم هذه المادة هو كل عمل يعكر على المشترى حقه فى حيازة المبيع والانتفاع به، وهذا الالتزام المستمر على عاتق البائع يقابله التزام المشترى بأداء الثمن.
وأنه من المقرر أيضاً – فى قضاء هذه المحكمة – أن من أحكام البيـع المنصوص عليها فى المادة ٤٣٩ من القانون المدنى التزام البائـع بضمان عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيـع أو منازعته فيه وهو التزام مؤبد يتولد عن عقد البيـع بمجرد انعقاده – ولو لم يشهر – فيمتنع على البائع التعرض للمشترى لأن من وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض.
ومن المقرر بنص المادة ١٤ من القانون رقم ٥٩ لسنة ١٩٧٩ فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة “يكون الانتفاع بالأراضى والمنشآت الداخلة فى المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً للأغراض والأوضاع ووفقاً للقواعد التى يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن، وفى حالة المخالفة يكون لمجلس إدارة الهيئة إلغاء تراخيص الانتفاع أو حقوق الامتياز إذا لم يقم المخالف بإزالة المخالفة خلال المدة التى تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وينفذ قرار الإلغاء بالطريق الإداري”.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الهيئة المطعون ضدها قد باعت للطاعنة الشقة محل التداعى بموجب عقد البيع المؤرخ فى ٩/٩/١٩٩٦ وقد أوفت المشترية – الطاعنة – بكامل الثمن واستلمت الشقة المباعة لها بموجب محضر استلام فى ١٤/٣/١٩٩٥ ومن ثم يكون عقد البيع سند الدعوى قد نفذ بين طرفيه، وأصبح للطاعنة الحق فى استغلال واستعمال والتصرف فى العين المباعة لها طبقاً للقانون.
وإذ أقامت الهيئة المطعون ضدها – البائعة – الدعوى الراهنة على الطاعنة بغية القضاء لها بفسخ عقد البيع سند الدعوى وتسليم العين المباعة لها والريع والتعويض على سند من القول بأن الطاعنة قامت بتغيير نشاط العين المباعة لها من سكنى إلى نشاط تجاري، فإن ذلك يُعد منافياً لإلزامها بضمان عدم التعرض للمشترية فى العين المباعة لها وهو التزام مؤبد عليها يتولد عن عقد البيع، وبالتالى فإن قضاء الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بفسخ عقد البيع والتسليم والريع الذي قدَّره والتعويض للهيئة المطعون ضدها استناداً إلى آثار عقد البيع المؤرخ فى ٩/٩/١٩٩٦ فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه لاسيما وأن الهيئة المطعون ضدها تملك إزالة المخالفة – تغيير النشاط – بالطريق الإداري، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالحٌ للفصل فيه. ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم … لسنة ١٢٥ ق القاهرة – مأمورية الجيزة – بإلغاء الحكمين المستأنفين وبرفض الدعوى المبتدأة.