«النقض» توضح معنى الاستجواب المحظور قانونًا

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 51732 لسنة 73 القضائية، أن الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكرًا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف. ومن المقرر أن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذها.

المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه …….
من حيث إن البين من الاطلاع على مذكرة أسباب الطعن أنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من الأستاذ/ …… المحامي، إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضحة بحيث يتعذر قراءتها ومعرفة اسم صاحبها ولم يحضر المحكوم عليه أو أحد عنه لتوضيح صاحب هذا التوقيع. لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض وكان البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها محام مقبول أمام هذه المحكمة مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً.

ثانيا: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما ……, …….
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة على غرار العملة الورقية الصحيحة المتداولة قانونًا داخل البلاد وترويج تلك العملة مع علمهما بأمر تقليدها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة – ضمن ما عول عليه – على الدليل المستمد من استجوابهما الباطل في محضر جمع الاستدلالات واطرح دفعه ببطلان الاستجواب برد غير سائغ بمقولة أن ما قام به المستجوب مجرد تسجيل لاعترافات تلقائية من المتهمين مما يعيبه بما يستوجب نقضه.

ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وبين دور كل من المتهمين فيها استمد الدليل على ثبوت الاتهام في حق المتهمين من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير أبحاث التزييف والتزوير واعتراف الطاعن الأول بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة ثم عرض للدفع المبدى ببطلان الاستجواب واطرحه في قوله: ” وحيث إنه عن بطلان الاستجواب فالمقرر بأن الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بأدلة ومناقشته تفصيلاً كيما يفندها أو يعترف بها إن شاء وإن تسجيل مأمور الضبط ما يبديه المتهم أمامه من أقوال واعتراف في حق نفسه وغيره من المتهمين لا يعد استجوابًا ولا يخرج عن اختصاصه، وإذ كان ذلك وكان الثابت أن مأمور الضبط القضائي قد سجل ما أبداه كل متهم من أقوال واعتراف في حق نفسه وغيره من المتهمين فلا يعد استجوابًا ويتعين رفض الدفع “.

لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقًا لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصرًا من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه وكان الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكرًا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف. ومن المقرر أن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي اتخاذها. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقًا لوجه الطعن، أن مأمور الضبط القضائي أثبت في محضر الضبط ما أسفرت عنه تحرياته من أن الطاعنين يقلدون أوراق مالية ويحوزونها بقصد ترويجها مع علمهم بأمر تقليدها وبعد صدور إذن النيابة العامة بضبط وتفتيش مساكن الطاعنين انتقل لتنفيذ الإذن حيث أسفر التفتيش عن ضبط أوراق مالية مقلدة في حوزتهم ثم استرسل مأمور الضبط القضائي في مناقشة الطاعنين تفصيليًا ومواجهتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط ثم خلص إلى توجيه الاتهام بحيازة وإحراز عملات مقلدة وترويجها.

لما كان ذلك، وكان ما صدر عن مأمور الضبط القضائي – على النحو سالف البيان – من مواجهة الطاعنين بالأدلة القائمة ضدهم ومناقشتهم تفصيليًا وتوجيه الاتهام إليهم، إنما هو بعينه الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند – ضمن ما استند إليه في إدانة الطاعنين – إلى الدليل المستمد مما أسفر عنه استجواب الطاعن الأول، فإنه يكون معيبًا بالقصور في التسبيب ولا يغنى في ذلك ما ساقه الحكم في أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي التي خلصت إليه أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.

لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الثاني والثالث بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعنهما وكذلك بالنسبة للطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً. لاتصال وجه الطعن الذي بنى عليه النقض به عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وأيضًا بالنسبة إلى المحكوم عليه الرابع …… الذي لم يقرر بالطعن بالنقض لاتصال وجه الطعن به لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى