«النقض» توضح مدى جدوى القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى

 

أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 61510 لسنة 73 القضائية، أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى، وجمع الأدلة، لا يعدو أن يكون قرارًا تحضيريًا، لا تتولد عنه حقوق للخصوم حتمًا للعمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق، وإذ كانت المحكمة قد رأت عدم حاجة الدعوى إلى مناقشة خبير الأصوات فهذا من حقها، ولا محل للنعي عليها عدم توليها إجراء هذه المناقشة مادام أن الطاعن الأول لم يطلب منها ذلك.

المحكمة

ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الرشوة قد شابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه لم يورد مضمون الأدلة المستمدة من التسجيلات وحكم الاستجواب والقضايا المضبوطة بمسكن الطاعن الأول واستقالته وقرار قبولها فى بيان كاف، ولم يعرض للمستندات المقدمة من الطاعن الأول ويورد مضمونها ولم يرد على دفاعه الموضوعى المكتوب، ولم يبين العلة من عدول المحكمة عن مناقشة خبير الأصوات رغم إعلانه كطلبها وحضوره بجلسة المحاكمة.

ورد على دفاع الطاعن الثانى بتمتعه بالإعفاء من العقاب عملاً بنص المادة 107 مكررًا من قانون العقوبات، وعلى ما دفع به الطاعن الأول من عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى، وعدم دستورية نص المادتين 45، 91 من قانون الإجراءات الجنائية، وبطلان الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية، وبطلان إذن مجلس القضاء الأعلى بالمراقبة والتسجيل والقبض والتفتيش لافتقاره إلى دعامات جدية تحمله، وبطلان تحقيقات النيابة العامة وما بُنى عليها من إجراءات وما تولد عنها من أدلة لحصولها قبل صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى بما لا يسوغ ولا يصلح ردًا ويخالف صحيح القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وخلافًا لما يذهب إليه الطاعن الأول بأسباب طعنه قد أورد مضمون التسجيلات التى عول عليها فى قضائه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده التسجيلات بكل فحواها، ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور فى هذا المنحى.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على فحوى الأدلة المستمدة من حكم الاستجواب والقضايا المضبوطة بمسكن الطاعن الأول واستقالته وقرار قبولها وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو لم يورد مؤدى هذه الأدلة على نحو مفصل مادام أنه قد عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها ولم يتخذ منها دليلاً أساسيًا على ثبوت الاتهام قبل الطاعن الأول ومن ثم فإن ما يثيره هذا الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا وكان الطاعن الأول لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع التى ساقها أمام محكمة الموضوع فى دفاعه المكتوب.

ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن الأول فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارًا تحضيريًا لا تتولد عنه حقوق للخصوم حتمًا للعمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق، وإذ كانت المحكمة قد رأت عدم حاجة الدعوى إلى مناقشة خبير الأصوات فهذا من حقها ولا محل للنعى عليها عدم توليها إجراء هذه المناقشة مادام أن الطاعن الأول لم يطلب منها ذلك.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الثانى إعمال المادة 107 مكررًا من قانون العقوبات ورد عليه فى قوله: ” أنه لا محل لما يتذرع به الدفاع عن المتهم الثانى من طلب تطبيق الإعفاء المقرر بالمادة 48 عقوبات عليه لما نص عليه ذات القانون من نص خاص فى مادة 107 مكرر، وارتأت المحكمة وأقامت الدليل فى موضع آخر من هذا الحكم على أنه يعد مرتشيا لا وسيط وأنه لا محل لتطبيق الإعفاء الوارد بالمادة سالفة الذكر عليه “، وما ساقه الحكم فيما تقدم صحيح فى القانون، ذلك أن المشرع قد منح الإعفاء الوارد فى المادة 107 مكررًا من قانون العقوبات للراشى باعتباره طرفًا فى الجريمة.

ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها سواء كان يعمل من جانب الراشى وهو الطالب أو يعمل من جانب المرتشى وهو ما يتصور وقوعه أحيانًا دون أن يمتد الإعفاء للمرتشى، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن الثانى يوفر فى حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشيا وليس وسيطًا فإنه لا موجب لإعمال الإعفاء المقرر فى المادة 107 مكررًا المشار إليها، ويكون منعى الطاعن الثانى فى هذا الشأن غير سديد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى ورد عليه بما أورده من أن الطاعن الأول زالت عنه صفة القاضى بقبول استقالته قبل رفع الدعوى.

وكانت الفقرة الرابعة من المادة 96 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 قد نصت على أنه: ” وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضى أو رفع الدعوى الجنائية عليه فى جناية أو جنحة إلا بإذن من اللجنة المذكورة وبناء على طلب من النائب العام “، وقد آل اختصاص اللجنة المشار إليها بهذه الفقرة إلى مجلس القضاء الأعلى بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 35 لسنة 1984 بشأن تعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية، وكان لفظ القاضى بالفقرة الرابعة آنفة البيان إنما ينصرف لغة ودلالة إلى من يشغل منصب القاضى بالفعل بحسبانه عضوًا فى السلطة القضائية باعتبار أنها أضفت عليه حصانة خاصة مقررة لمنصبه لا لشخصه.

فإذا انحسرت عنه هذه الصفة أصبح شأنه شأن أى موظف زالت عنه صفة الوظيفة لأى سبب من الأسباب وبالتالى فإن لفظ القاضى لا يمكن أن ينصرف إليه، ولما كانت الدعوى الماثلة قد رفعت بعد أن زالت عن الطاعن الأول صفة القاضى بقبول استقالته فإن إحالتها من النيابة العامة إلى المحكمة دون إذن مجلس القضاء الأعلى تكون قد تمت صحيحة وفقًا للطريق الذى رسمه القانون ويكون منعى الطاعن الأول على الحكم فى هذا الوجه فى غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم دستورية نص المادتين 45، 91 من قانون الإجراءات الجنائية ورد عليه بقوله: ” لما كان من المقرر قانونًا وعلى سند من نص المادة 29/ ب من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا.

والذى يقرر أنه: ” إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع بعدم الدستورية أمام المحاكم المختصة بنظر موضوع النزاع وأن تتبين المحكمة جدية الدفع وكونه منتجًا ولازمًا للفصل فى الدعوى فإذا كان ذلك، وكان الأصل فى النصوص التشريعية.

هو افتراض تطابقها مع أحكام الدستور أى حملها على قرينة الدستورية ويتعين بالتالى إعمالاً لهذا الافتراض وكشرط مبدئى لإنفاذ محتواه أن تكون المطاعن الموجهة إلى هذه النصوص جلية فى معناها واضحة الدلالة على المقصود منها لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض إذ يتعين على من أثار هذا الدفع أن يبين على وجه التحديد ما وقع منها منافيا لأحكام الدستور.

لما كان ذلك وكان ما ينعاه الدفاع الحاضر مع المتهم الأول على نص المادتين 45، 91 أ.ج مخالفتهما لنص المادة 41 من الدستور القائم بزعم أنهما لم تتعرضا لأمر جوهرى هو وجوب أن يكون إذن القبض والتفتيش أو قيد الحرية مبنيا على تحريات جدية حسبما ورد على لسان مبدى الدفع وهو على ما يبين جاء مجهلاً مشوبًا بالغموض لم يرد محددًا وقاطعًا وجليا فى المقصود منه، هذا فضلاً عن أن نص المادة 45 أج المدفوع بعدم دستوريتها منبت الصلة بموضوع الدعوى إذ أنها تحظر على رجال السلطة العامة الدخول فى أى محل مسكون إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبالتالى يكون الدفع فى خصوصيتها غير منتج وغير لازم للفصل فى الدعوى المطروحة.

كذلك فإن نص المادة 91 من ذات القانون جاء تأصيلاً وتطبيقًا وترديدًا لنص المادتين 41، 45 من الدستور وذلك فى شأن الرقابة والاطلاع على المراسلات البرقية والبريدية والمحادثات التليفونية، وكفلت لصيانة حرية المواطنين عدم الاطلاع عليها إلا بناء على أمر مسبب، ولمدة محددة ” ثلاثين يومًا ” قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة، الأمر الذى يكون معه هذا الدفع – وقد جاء مجهلاً من ناحية وغير منتج فى الدعوى من ناحية أخرى ويفتقر إلى الجدية من ناحية ثالثة – خليق بالرفض “.

لما كان ذلك، وكان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قد نص فى المادة 29 منه على أن: ” تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى….. (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادًا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا.

فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن “، ويبين من هذا النص أنه يتسق مع القاعدة المقررة فى المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل، ومفادها أن محكمة الموضوع وحدها هى الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازى لها ومتروك لمطلق تقديرها، وهو المعنى الذى كان يؤكده القانون 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا والقانون رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمامها قبل إلغائهما بالقانون رقم 48 لسنة 1979 لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة رأت للأسباب السائغة المار بيانها.

وفى حدود سلطتها التقديرية عدم جدية الدفع بعدم الدستورية، فإنه لا تثريب عليها إن هى استمرت فى نظر الدعوى المطروحة عليها دون أن تمنح مبديه أجلاً لرفع الدعوى بعدم الدستورية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول فى هذا الصدد يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية ورد عليه بقوله: ” الدفع الأخير بطلان الدليل المستمد من تسجيل المحادثات لما أصاب تقرير التفريغ من عوار تمثل فى الإشارة إلى وجود عبارات غير مفهومة وأخرى غير واضحة وذلك دفع فى غير محله ذلك أن إثبات الخبير فى محاضر تفريغ التسجيلات لوجود عبارات بالحوار غير واضحة هو تقرير لواقع فى بعض جمل هذا الحوار لا دخل للخبير أو تقريره فيه الذى نقل بأمانة عن هذه التسجيلات.

كما وأنه من ناحية أخرى فإن المحكمة عندما أوردت هذه التسجيلات وما حوت من حوارات ضمن أدلة الثبوت التى ركنت إليها عقيدتها استخلصت منها عبارات جلية واضحة تتطابق مع باقى أدلة الثبوت التى عولت عليها بحيث كانت العبارات التى استخلصتها فيها الكفاية لتستمد منها المحكمة مصدرًا من مصادر تكوين عقيدتها فى الدعوى وبذا يضحى هذا الدفع مرفوضًا “، وهو من الحكم رد سائغ وكاف، لما هو مقرر من أن تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك.

ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول بصدد الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية يتمخض جدلاً موضوعيًا فى وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن مجلس القضاء الأعلى بالمراقبة والتسجيل والقبض والتفتيش لافتقاره لدعامات جدية تحمله، ورد عليه بقوله: ” الدفع الرابع ببطلان الإذن الصادر من مجلس القضاء الأعلى بالمراقبة والتسجيل والقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات الصادر ابتناء عليها وهو دفع ليس أحسن حظًا من سابقيه وآية ذلك أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر.

أو الإذن بالقبض والتفتيش والمراقبة والتسجيل هو من المسائل الموضوعية التى يوكل أمرها إلى سلطة التحقيق أو الجهة المنوط بها قانونًا إصدار الإذن تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن إذن مجلس القضاء المؤرخ… لم يصدر استنادًا إلى ما تضمنته تحريات مباحث الأموال العامة فقط بل أيضًا إلى ما تضمنته الأوراق من إجراءات التحقيق التى باشرتها النيابة العامة وما حوته من إجراءات المراقبة والقبض والاستجواب التى تمت حيال المتهم الثانى واعترافه بالسعى لدى شاهد الإثبات الأول بتكليف من المتهم الأول بطلب وأخذ مبلغ الرشوة لقاء إصدار الحكم له بطلباته فى دعوى التعويض المرفوعة منه مما أسفرت عنه تلك التحريات وهذه التحقيقات يعد كافيًا لاستصدار الإذن بالمراقبة والتسجيل والقبض والتفتيش والتحقيق حيال المتهم الأول والمحكمة توافق الجهة التى أصدرته على جدية وكفاية مسوغات إصداره “.

وذلك من الحكم رد سائغ وكاف، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الإذن لعدم ابتنائه على دعامات جدية ويكون نعى الطاعن الأول فى هذا الوجه فى غير محله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة وما بنى عليها من إجراءات وما تولد عنها من أدلة لحصولها قبل صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى واطرحه فى قوله: “وهذا الدفع مردود ذلك أنه من المقرر قانونًا وفقًا لنص المادة المشار إليها يقصد المادة 96 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972 المعدل بالقانون رقم 35 سنة 1984 – أنه فى غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على القاضى وحبسه احتياطيا إلا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها فى المادة 94 من ذات القانون.

وأضحى الاختصاص معقود لمجلس القضاء الأعلى بموجب التعديل الصادر بالقانون رقم 35 سنة 1984 فيلزم الإذن فقط لاتخاذ الإجراءات الماسة بشخص المتهم (القاضى) بما فيها حرمة المسكن فلا يجوز القبض عليه أو تفتيش شخصه ومسكنه أو استجوابه أو حبسه احتياطيا قبل الحصول على الإذن بذلك أما الإجراءات الأخرى غير الماسة بشخصه وبحرمة مسكنه فيجوز اتخاذها قبل الإذن دون أن يترتب على ذلك بطلان إذ إن الحظر قاصر على القبض والحبس وما فى حكمهما من إجراءات.

وغنى عن البيان أنه لا مجال فى تلك الحالة تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية والتى تستلزم الإذن لرفع الدعوى العمومية فلا يجوز بموجبها اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى قبل الحصول على هذا الإذن فنص المادة 96 هو الواجب التطبيق باعتباره نصًا خاصًا يقيد الحكم الوارد بنص المادة 9/ 2 أ.ج بوصفها نصًا عامًا فإذا كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن كافة الإجراءات التى بوشرت فى الدعوى قبل المتهم الأول لم تتخذ إلا بعد صدور إذن مجلس القضاء الأعلى بتاريخ….. وحسبما يتطلبه القانون ومن ثم يضحى الدفع لا سند له من الواقع والقانون جدير بالرفض….”.

لما كان ذلك، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حينما استبعد إعمال حكم الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية وقصر الحظر على الإجراءات التى تمس شخص القاضى أو حرمة مسكنه ذلك أن نص المادة 96 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية لا يفيد تخصيص عموم نص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية بقصر قيد الإذن على الإجراءات الجنائية الواردة بالمادة 96 إذ أن المشرع قصد بما نص عليه فى الفقرة الأولى من المادة 96 سالفة الذكر من عدم جواز القبض على القاضى أو حبسه احتياطيا وكلا الإجراءين من إجراءات التحقيق.

وأخطرها وما نص عليه فى فقرتها الأخيرة من عدم جواز اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضى أو رفع الدعوى التأكيد على عدم جواز اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضى أو رفع الدعوى عليه أما ما عدا ذلك من الإجراءات الغير ماسة بشخص القاضى فيظل محكومًا بعموم نص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية فلا يجوز اتخاذها إلا بعد صدور الإذن بها من اللجنة المختصة.

والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التى تغياها الشارع من قيد الإذن وهى حماية شخص القاضى والهيئة التى ينتسب إليها لما فى اتخاذ إجراءات التحقيق المتعلقة باتهام يدور حول القاضى فى غيبة من جهة الاختصاص من مساس بشخص القاضى واستقلال الهيئة التى ينتسب إليها. كما أن عدم النص صراحة فى المادة 96 سالفة البيان على عدم جواز اتخاذ الإجراءات الغير ماسة بشخص القاضى دون إذن اللجنة يعنى أن المشرع المصرى لم يرد الخروج على الحكم الوارد فى الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية.

غير أنه لما كان البين من المفردات المضمومة أن تحقيقات النيابة العامة التى تمت قبل صدور إذن مجلس القضاء الأعلى تتعلق بالاتهام المسند إلى الطاعن الثانى وحده وكان الطاعن الأول لا يدعى أن تلك التحقيقات أسفرت عن دليل استند إليه الحكم فى قضائه بإدانته ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن الأول نعيا على الحكم من خطأ فى الرد على الدفع، لما كان ما تقدم فإن الطعنين يكونا على غير أساس متعينًا رفضهما موضوعًا.

محكمة النقض: تقرير الخبير عنصر من عناصر الإثبات

زر الذهاب إلى الأعلى