«النقض» توضح مدى توافر القصد الجنائي في الجريمة

أوضحت محكمة النقض خلال حكمها بالطعن رقم 1242 لسنة 90 قضائية، أن جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذا الجريمة بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانوناً .

أولاً : الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث/ حمدي محمد عطية موسى دياب :

وحيث إنه لما كان من المقرر أن العبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكرة المحكمة عنه ، فلا يكون الحكم حضورياً بالنسبة للخصم إلا إذا حضر بنفسه أو بوكيله الخاص عملاً بالمادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن المذكور لم يحضر بجلسات المرافعة بشخصه أو بوكيله الخاص.

فإن ما ذهبت إليه المحكمة من وصف الحكم حضورياً بالنسبة له يكون غير صحيح في القانون ؛ لأنه في حقيقة الأمر حكماً غيابياً برغم هذا الوصف ، ولا يغير من الأمر حضور محام وإبداء مرافعة عنه ، إذ خلت محاضر الجلسات والمفردات المضمومة من سند وكالة خاصة تجيز له ذلك . لما كان ذلك ، وكانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بادئ الذكر لا تُجيز للمحكوم عليه الطعن بالنقض في الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث غير جائز .

ثانياً: الطعن المقدم من المحكوم عليها الأول / … والثاني / … .

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وحيازة وإحراز أداة فأس قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه خلا من بيان القانون الذي حكم بموجبه ، وأخطأ في فهم الواقعة حال تدليله على أركان الجريمة التي دانهما بها بركنيها المادي والمعنوي ، وفاته بيان ما أثاره الطاعنان من مستندات تدليلاً على عدم تواجدهما على مسرح الجريمة ، ودانهما باعتبارهما فاعلين أصليين في الجريمة رغم أن الإصابة الوحيدة التي نجمعت عنها العاهة أحدثها أحدهما دون بيان منه لمحدث تلك الضربة ، ولم يبين دور كل منهما في ارتكاب الجريمة ، فضلاً عن أن تقرير الطب الشرعي لا ينهض بذاته دليلاً على نسبة الاتهام مما ينم عن أن المحكمة لم تحط بعناصر الدعوى ولم تلم بها عن بصر وبصيرة ، فضلاً عن اضطراب صورتها واختلالها وعدم استقرارها في ذهن المحكمة.

والتفتت عن دفعهما بشيوع التهمة وتلفيقها وعدم معقولية الواقعة ، فلم يعبأ بدفوعهما المثارة بالجلسة تدليلاً على نفي الاتهام في حقهما ، هذا إلى أن المحكمة لم تجر تحقيقاً تستجلي به حقيقة تلك الدفوع مُلتفتة عن أقوال المجني عليه ونفي التهمة عنهما ، وقد خلا ملف الدعوى من تقرير التلخيص ، هذا إلى أنها حصلت تاريخ ارتكاب الواقعة خطأً إذ ذكرت أن الواقعة تمت بتاريخ 26 مارس سنة 2018 في حين أن الواقعة حدثت في 26 مارس سنة 2017 ، فضلاً عن بطلان أمر الإحالة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

لما كان ذلك وكان من المقرر أن أن جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذا الجريمة بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه يتحقق به مراد الشارع ، فضلاً عن أنه لا مصلحة في النعي على الحكم بشأن رده على الدفع بانتفاء أركان جريمة العاهة المستديمة ما دامت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بالمستندات المقدمة من الطاعنين للتدليل على عدم تواجدهما بمسرح الحادث يكون غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور أو الخطأ فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على إجراءاتها ، مما يكون معه نعي الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :- أولاً: بعدم جواز طعن المحكوم عليه الثالث / … .

ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليهما الأول والثاني / … و… شكلاً وفي الموضوع برفضه .

أمين السر رئيس الدائرة

زر الذهاب إلى الأعلى