«النقض» توضح عناصر قيام المسئولية العقدية أو التقصيرية

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 1054 لسنة 79، أن أن المسئولية سواء كانت عقدية أو تقصيرية لا تقوم إلا بتوفر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه.

الوقائع

تتحصل الوقائع في الطعن محل العرض في أنه في يوم 13/ 1/ 2009 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بتاريخ 19/ 11/ 2008 في الاستئنافين رقمي ٢١١٤ لسنة 63 ق و١٥٨ لسنة ٦٤ ق، وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنـــة ـــــ بصفة مستعجلة ــــ وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في الموضوع، والحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي اليوم ذاته أودعت الطاعنة مذكرة شارحة. وفي 3/ 2/ 2009 أُعلنت المطعون ضدها الثانية بصحيفة الطعن. وفي 21/ 2/ 2018 أُعلنت المطعون ضدها الأولى بصحيفة الطعن. ثم أودعت النيابة مذكرتها، وطلبت فيها: قبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا.

وبجلسة 4/ 10/ 2022 عُرِضَ الطعن على المحكمة ـــــ في غرفة مشورة ـــــ فرأت أنه جدير بالنظر؛ فحددت لنظره جلسة للمرافعة، وبجلسة 1/ 11/ 2022 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ـــــ حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها ـــــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.

المحكمــة

بعــــد الاطـلاع على الأوراق وسمـاع التقرير الذي تلاه السيــد القاضــــي المقــرر/ حبشــــي راجـــي حبشـــي نائب رئيس المحكمة ، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن الواقعات – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم ۲۱۰۸ لسنة ۱۹۹۷ عمال الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإثبات أحقيتها في حقوقها التأمينية عن مدة اشتراكها وعملها عند الشركة المطعون ضدها الثانية مع التعويض، ومحكمة أول درجة حكمت بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم الحولي بحكم استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم ٢١١٤ لسنة 63 ق الإسكندرية.

كما استأنفته المطعون ضدها الثانية أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم 158 لسنة ٦٤ ق، وبتاريخ 19/ ۱۱/ 2008 قضت المحكمة في الاستئناف الثاني برفضه وفي الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضدها الأولى في تعويض الدفعة الواحدة عن مدة اشتراك بدءًا من 1/ ٩/ 1980 وحتى 1/ ١/ 1996 بأجر يعادل 170 دولارًا أمريكيًا مقومًا بالعملة المصرية حسب سعر الصرف في تاريخه على أن يضاف إلى ذلك علاوة دورية سنوية مقدارها 7٪ وبإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية أن تؤديا إلى المطعون ضدها الأولى مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عُرِضَ الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك أنه قضى بأحقية المطعون ضدها الأولى في تعويض الدفعة الواحدة على الرغم من أن طلباتها الختامية قد خلت من هذا الطلب بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود عليه بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى، فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما أنه لم يثبت أن الطلبات التي أقيمت الدعوى على أساسها قد عدلت وحسبها أن تقيم قضاءها وفقًا للطلب المطروح عليها بما يكفي لحمله، وكانت العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها أو الألفاظ التي تصاغ بها الطلبات وإنما المقصود بما عناه المدعي أخذًا في الاعتبار ما يطرحه واقعًا وسندًا لها.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها الأولى طلبت الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدي لها مستحقاتها التأمينية كافة وكان هذا الطلب ينطوي ضمنًا على طلب صرف تعويض الدفعة الواحدة ويتسع له ولا يعد خروجًا عنه وقد خلت الأوراق مما يدل على تنازل المطعون ضدها الأولى عن هذا الطلب ولم تقدم الطاعنة رفق طعنها ما يدل على ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.

المسئولية العقدية
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول: إن الحكم قضى بإلزامها مع المطعون ضدها الثانية بالتعويض المقضي به من دون أن يبين أركان المسئولية التي استند إليها في قضائه بما يعيبه ويستوجب نقضه.

المسئولية العقدية
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المسئولية سواء كانت عقدية أو تقصيرية لا تقوم إلا بتوفر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه، وأن مفاد نص المادة ١٤١ من قانون التأمين الاجتماعي أن المشرع قد حدد تعويضًا مقدرًا كجزاء على هيئة التأمين الاجتماعي إن هي تراخت في تقدير المعاش على الرغم من استيفاء أصحاب الحقوق مستندات الصرف، فإذا لم يتقدم أصحاب الشأن بمستنداتهم أو كانت غير مكتملة البيانات الموجبة للصرف فلا موجب لإلزام هيئة التأمينات بالتعويض بصورة كافة.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بأن تؤديا للمطعون ضدها الأولى مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا من دون أن يبين عناصر المسئولية التي أقام عليها قضاءه أو يبين في أسبابه أن هيئة التأمين الاجتماعي قد تراخت في الصرف على الرغم من تقديم المستندات اللازمة لذلك وهو ما يعيب الحكم، ويوجب نقضه.

ومن حيث إن الموضوع ولما تقدم، وكانت الأوراق قد خلت من أي دليل يثبت خطأ الطاعنة أو تراخيها في الصرف، بل إن قرار لجنة فحص المنازعات جاء واضحًا في أسبابه من أن الهيئة لا تمانع في الصرف بعد استيفاء المستندات أو صدور حكم قضائي بإلزامها بالحقوق التأمينية مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا على نحو ما سيرد بالمنطوق.

لـذلـــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من تعويض مقداره عشرة آلاف جنيه، وحكمت في موضوع الاستئنافين رقمي ٢١١٤ لسنة 63 ق و١٥٨ لسنة ٦٤ ق الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف بأحقية المطعون ضدها الأولى في تعويض الدفعة الواحدة فحسب، ورفضت طلب التعويض، وأعفت الخصوم من المصاريف والرسوم كافة.
أمين الســر نائب رئيس المحكمة

73 جهة طبية في جميع أنحاء الجمهورية تتحمل نقابة المحامين قيمة العلاج بها كاملة ضمن الحد الأقصى للمحامي (للحجز والعمليات)

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى