«النقض» توضح شروط فسخ صاحب العمل للتعاقد مع العامل حال غيابه

كتب: أشرف زهران

أكدت محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم ٢٠٥٧٩ لسنة ٨٩ قضائية – الدوائر العمالية – جلسة 20 يونيو 2021، أنه لصاحب العمل فسخ التعاقد مع العامل حال انقطاعه عن العمل عشرة أيام متصلة أو عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة دون سبب مشروع.

المحكمــة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه الســيد القاضي المقرر/ وليـــد رستــــم ” نائب رئيس المحكمة “، والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده وبعد أن تعذر علي مكتب العمل المختص تسوية النزاع بينه وبين الطاعنة – الشركة ………………… ” ……. ” أقام عليها الدعويين رقمي ۲۰۳٥، ۲۰۳٦ لسنة ۲۰۱٦ عمال الزقازيق الابتدائية ” مأمورية بلبيس الكلية ” انتهي فيهما إلى طلب الحكم بإعادته لعمله وفي حالة امتناعها إلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ ٥۰۰ ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية ومبلغ ۲٥۰ ألف جنيه عن الأضرار الأدبية، ومبلغ ١٥۳٦۳ جنيهاً مهلة إخطار، ومبلغ ١٠٤٤٣٥ جنيهاً المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية، ومبلغ ٢٧٢١٦٤ جنيهاً مكافأة نهاية خدمته، ومبلغ ۱۸۰٤۰ جنيهاً أجره عن المدة من ١/٤/٢٠١٦ حتي ٢٦/٧/٢٠١٦، والفوائد القانونية، مع تسليمه مسوغات تعيينه وشهادة خبرة. وقال بياناً لها إنه كان من العاملين لدي الطاعنة وتغيب عن عمله لعذر قهري هو حبسه علي ذمة القضية رقم ٥٥۲۷ لسنة ۲۰۱٦ جنح مستأنف بلبيس بتهمة التظاهر بدون إذن من الجهات المختصة اعتباراً من ٣٠/٣/٢٠١٦ حتي القضاء ببراءته بتاريخ ٤/٧/٢٠١٦ ومع ذلك أنهت خدمته بسبب هذا الغياب بما يعد إنهاء غير مبرر، وإذ لحقه من جراء ذلك أضراراً مادية وأدبية يستحق عنها تعويضاً، فضلاً عن عدم صرف مستحقاته المُطالب بها فقد أقام الدعوي. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقریريه، حكمت بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ۲٥۰ ألف جنيه تعويضاً عن فصله، ومبلغ ۱۱٤۹٦ جنيهاً مهلة إخطار، ومبلغ ۱۹۱۹۹ جنيهاً المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية، وتسليمه مسوغات تعيينه وشهادة خبرة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدي محكمة استئناف المنصورة ” مأمورية الزقازيق ” بالاستئناف رقم ۳۷٥ لسنة ٦٢ ق، كما استأنفته الطاعنة أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ٤١٥ لسنة ٦٢ ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ ٤/٨/٢٠١٩ بتعديل الحكم المستأنف إلي إلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ۳۰۰ الف جنيه تعويضاً عن فصله – ومبلغ ۱۳٥٦۳ جنيهاً مهلة إخطار مع إضافتها إلى مدة الخدمة الفعلية، ومبلغ ۳٥۱۱۳ جنيهاً المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية والتأييد فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن علي المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب تنعي بهم الطاعنة علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول: إنها أصدرت قرارها بفصل المطعون ضده من العمل إعمالاً للمادة ٦٩/٤ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ لتغيبه عن العمل بدون سبب مشروع لأكثر من عشرة أيام متصلة بعد انتهاء مدة حبسه رغم إنذاره علي محل إقامته الثابت بملف خدمته، ومن ثم يكون قرارها بمنأي عن التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر هذا القرار تعسفياً علي سند من خلو الأوراق مما يفيد إستلام المطعون ضده للإنذار الذي وجه إليه واتصال علمه به، وأن غيابه كان بسبب حبسه الذي أخطرها به، ورتب علي ذلك قضاءه بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذا الفصل، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة ٦٩/٤ من قانون العمل الموحد رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳- المنطبق علي واقعة الدعوي – علي أنه ” لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيماً ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الآتية ١- …..، ٢- …..، ٣- …..، ٤- إذا تغيب العامل بدون مبرر مشروع أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية علي أن يسبق الفصل إنذار کتابی من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولي وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية ” مفاده – وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع اعتبر غياب العامل بغير سبب مشروع من الأخطاء الجسيمة التي تُجيز لصاحب العمل فصله إذا تغيب أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متوالية وبشرط أن يسبق الفصل إنذار کتابي من صاحب العمل له بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وخمسة أيام في الحالة الثانية. وكان القصد من هذا الإنذار أن تستبين جهة العمل إصرار العامل علي ترك الخدمة وعزوفه عن العمل وفي ذات الوقت إعلامه بما يُراد اتخاذه حياله بسبب انقطاعه عن العمل وتمكينه من إبداء عذره قبل اتخاذ ذلك الإجراء ولم يستلزم المشرع استلام العامل الإنذار فهو ينتج أثره طالما وُجه إليه في محل إقامته الذي أفصح عنه لجهة العمل. وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا إنطوت علي عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناءه علي فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوي ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلي أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلي عدم فهم الواقعة التي ثبُتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مُناقض لما أثبتته. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق وتقرير الخبير – المُقدم صورة رسمية منه رفق أوراق الطعن – أن المطعون ضده انقطع عن العمل بعد انتهاء مدة حبسه في ٤/٧/٢٠١٦ وإخلاء سبيله بتاريخ ٦/٧/٢٠١٦ حتي ٢٧/٧/٢٠١٦ ولمدة أكثر من عشرة أيام متتالية فإنذرته الطاعنة علي محل إقامته الثابت بملف خدمته بتاريخ ١٤/٧، ٢١/٧، ٣/٨، ١٠/٨/٢٠١٦ إلا أنه لم يحضر لجهة العمل ولم يُقدم عذراً مقبولاً لانقطاعه، الأمر الذي تكون معه الطاعنة قد اتبعت الإجراءات التي نصت عليها المادة ٦٩/٤ من قانون العمل آنف البيان بما يكون معه قرارها رقم ٨٨ لسنة ۲۰۱٦ الصادر بتاريخ ٢٢/٨/٢٠١٦ بإنهاء خدمة المطعون ضده للانقطاع اعتباراً من ٢٧/٧/٢٠١٦ بمنأي عن التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بإلزامها بالتعويض عن فصل المطعون ضده تعسفياً علي سند من خلو الأوراق مما يُفيد استلامه لإنذارات الفصل أو اتصال علمه بها رغم أن المشرع لم يستلزم استلام العامل لتلك الإنذارات وأن غيابه كان بسبب حبسه الذي أخطرها به، وكان هذا الاستخلاص من الحكم غير سائغ لابتنائه علي فهم حصلته المحكمة بالمخالفة لما هو ثابت بأوراق الدعوي ويكشف عن عدم استيعاب المحكمة بحقيقة الواقع فيها وهي أن واقعة انقطاع المطعون ضده عن العمل التي ارتكنت إليها الطاعنة في إنهاء خدمته كانت لاحقة علي فترة حبسه، فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد عابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.

وحيث إنه لما كان من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه متعدد الأجزاء فنقضه في أحد أجزائه يترتب عليه نقض كل ما تأسس علي هذا الجزء من الأجزاء الأخرى ما طُعن عليه من الحكم وما لم يُطعن، ولما كانت المحكمة قد خلصت إلى نقض الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بقضائه بالتعويض عن الفصل، فإن من شأن ذلك نقض الحكم بالتبعية فيما قضي به من إلزام الطاعنة بالتعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار مع إضافتها إلي مدة الخدمة الفعلية وفوائدهما القانونية باعتبار أن ذلك قد تأسس علي الجزء المنقوض من الحكم عملاً بالمادة ٢٧١/٢ من قانون المرافعات.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ۳۷٥، ٤١٥ لسنة ٦٢ ق المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من التعويض عن الفصل وعدم مراعاة مهلة الأخطار ورفض إضافتها إلي مدة الخدمة الفعلية وفوائدهما القانونية والتأييد فيما عدا ذلك.

لذلــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضي به من تعويض عن الفصل ومهلة الإخطار وفوائدهما القانونية، وحكمت في موضوع الاستئنافين رقمي ۳۷٥، ٤١٥ لسنة ٦٢ ق المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من التعويض عن الفصل ومهلة الإخطار وفوائدهما القانونية والتأييد فيما عدا ذلك، وألزمت المطعون ضده مصروفات الطعن والمناسب من مصروفات درجتي التقاضي والمقاصة في أتعاب المحاماة وأعفته من الرسوم القضائية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى