«النقض» توضح شروط انعقاد الحوالة
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٠٩٥٨ لسنة ٨٠ قضائية ـ الدوائر المدنية – جلسة ٢٠٢١/٠٦/٢١، أن الحوالة طبقًا لنص المادة ٣٠٣ من القانون المدني هي اتفاق بين المحيل وبين المحال له على تحويل حق الأول الذي في ذمة المدين المحال عليه إلى الثاني، وتنعقد بمجرد تراضي المحيل والمحال له دون حاجة لرضاء المدين الذي يصبح بمجرد انعقاد الحوالة محالًا عليه، إذ الحوالة لا تنشئ التزامًا جديدًا في ذمته، وإنما هي تنقل الالتزام الثابت أصلًا في ذمته من دائن إلى آخر باعتبار هذا الالتزام حقًا للدائن المحيل.
نص الـحـكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / محمد راضي ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيثُ إنَّ الوقائعَ – على ما يبينُ مِّنَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ – تتحصل في أن المطعون ضدهما في أولًا أقاما على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم ٤٩٦٧ لسنة ٢٠٠٥ مدني كلي الإسكندرية، بطلب الحكم – وفقًا لطلباتهما الختامية – بتسليمهما صورة تنفيذية ثانية من الحكم الصادر في الدعوى رقم ٦٠٤٩ لسنة ١٩٩١ مدني كلي الإسكندرية، وقالا بيانًا لذلك: إنه صدر لصالحهما والطاعنين الحكم المذكور بإلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما بأن يؤديا إليهم المبلغ المقضي به كتعويض عن نزع ملكية العقار محل تلك الدعوى، والذي آل إليهم عن طريق الميراث، ورغم استلام الطاعنين للصيغة التنفيذية لذلك الحكم، إلَّا أنهم تقاعسوا عن تنفيذه، ومن ثم فقد أقاما الدعوى.
وجه الطاعنون دعوى فرعية بطلب الحكم – وفقًا لطلباتهم الختامية – بأحقيتهم في كامل مبلغ التعويض المقضي به في الدعوى سالفة البيان لحلولهم محل المطعون ضدهما في أولًا فيما هو مستحق لهما من مبلغ التعويض، وبإلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما بأداء كامل التعويض لهم، على سند من قيام مورث المطعون ضدهما في أولًا ببيع كامل حصته في العقار المنزوع ملكيته- موضوع دعوى التعويض رقم ٦٠٤٩ لسنة ١٩٩١ مدني كلي الإسكندرية – لمورثة الطاعنين- والدتهم – بموجب عقد البيع المؤرخ ١٦/٣/١٩٩١.
كما تنازل لها بموجب الإقرار المؤرخ ٢٥/٩/١٩٩١عن حقه في التعويض الذي قد يقضى به في الدعوى المذكورة، وبذلك لا يكون للمطعون ضدهما في أولًا أيُّ حقٍ في مبلغ التعويض المحكوم به. حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية، وفي الدعوى الفرعية بأحقية الطاعنين في كامل مبلغ التعويض المقضي به بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم ٦٠٤٩ لسنة ١٩٩١ مدني كلي الإسكندرية ورفضت ماعدا ذلك. استأنف المطعون ضدهما في أولًا هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ٩١٢ لسنة ٦٤ ق.
وبتاريخ ١٤/٤/٢٠١٠ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وفي الدعوى الأصلية بعدم قبولها لرفعها على غير ذي كامل صفة وبرفض الدعوى الفرعية. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع بصفته، وأبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرضَ الطعنُ على هذه المحكمة، في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّ مبنى الدفع المبدى من النيابة أن المطعون ضده الرابع بصفته لم يحكم عليه بشيء وأن أسباب الطعن لا تتعلق به.
وحيثُ إنَّ هذا الدفع في محله، ذلك أنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفًا في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، فإذا لم توجه إليه طلبات، ولم يُقضَ له أو عليه بشيءٍ، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الرابع بصفته لم يُقضَ له أو عليه بشيءٍ ولم تتعلق أسباب الطعن به، ومن ثم فلا يكون خصمًا حقيقيًّا في الدعوى، ويكون اختصامه في الطعن غير مقبول.
وحيثُ إنَّ الطعن – فيما عدا ما تقدَّمَ – استوفى أوضاعَهُ الشَّكليِّةَ.
وحيثُ إنَّ مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك: يقولون إنهم أقاموا دعواهم الفرعية بأحقيتهم في كامل مبلغ التعويض المقضي به في الدعوى رقم ٦٠٤٩ لسنة ١٩٩١ مدني كلي الإسكندرية نفاذًا لحوالة الحق الصادرة من مورث المطعون ضدهما في أولًا بموجب الإقرار المؤرخ ٢٥/٩/١٩٩١ بحوالة حقه في التعويض الذي قد يقضى له به في تلك الدعوى لمورثتهم، إلَّا أن الحكم المطعون فيه قضى برفضها تأسيسًا على أن القضاء لهم بطلباتهم يتعارض مع حجية الحكم الصادر بالتعويض في الدعوى المذكورة، في حين أن تلك الحجية لا تحول دون القضاء بحوالة الحق في التعويض الذي أقره ذلك الحكم، ممَّا يعيب الحكم المطعون فيه، ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعيَّ سديدٌ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحوالة طبقًا لنص المادة ٣٠٣ من القانون المدني هي اتفاق بين المحيل وبين المحال له على تحويل حق الأول الذي في ذمة المدين المحال عليه إلى الثاني، وتنعقد بمجرد تراضي المحيل والمحال له دون حاجة لرضاء المدين الذي يصبح بمجرد انعقاد الحوالة محالًا عليه، إذ الحوالة لا تنشئ التزامًا جديدًا في ذمته، وإنما هي تنقل الالتزام الثابت أصلًا في ذمته من دائن إلى آخر باعتبار هذا الالتزام حقًا للدائن المحيل.
وينتقل بها الالتزام ذاته بجميع مقوماته وخصائصه، كما تنتقل معه توابعه- ومنها الدعاوى التي تؤكده – يستوي في ذلك أن يكون الحق المحال مدنيًا أو تجاريًّا منجزًا أو معلقًا على شرط أو مقترنًا بأجل أو أن يكون حقًا مستقبلًا أو متنازعًا فيه سواءً كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي، فيكون للمحال له أن يحل محل المحيل في مباشرة دعاوى الحق المحال به وإجراءات استيفائه دون حاجة إلى إعادة ما سبق منها، إذ يكفي أن يحل محله فيها ويتابع ما بدأه المحيل منها.
وتكون حوالة الحق نافذة طبقًا لنص المادة ٣٠٥ من القانون المدني من وقت قبولها من المدين أو إعلانه بها، ويترتب على نفاذها في حق المدين حلول المحال له محل المحيل في نفس الحق المحال به بالحالة التي يكون عليها وقت قبول المدين أو وقت إعلانه بها، والذي يكفي فيه أن يكون بأي ورقة رسمية تعلن بواسطة المحضرين وتشتمل على ذكر وقوع الحوالة وشروطها الأساسية وبالتالي فإن إعلان صحيفة الدعوى التي يرفعها المحال له على المدين مطالبًا إياه بوفاء الحق المحال به يعتبر إعلانًا بالمعني المقصود قانونًا وتنفذ به الحوالة في حق المدين.
لمَّا كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق وحسبما حصله الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدهما في أولًا أحال حقه في التعويض الذي كان محل الدعوى رقم ٦٠٤٩ لسنة ١٩٩١ مدني كلي الإسكندرية إلى مورثة الطاعنين بموجب الإقرار المنسوب له والمؤرخ ٢٥/٩/١٩٩١ بعد أن باع لها حصته في كامل العقار المنزوع ملكيته موضوع دعوى التعويض المذكورة بموجب عقد البيع المنسوب له والمؤرخ ١٦/٣/١٩٩١.
ومن ثم فإن هذه الحوالة – إن صح صدورها من المورث – تكون نافذة في حق المطعون ضدهما في أولًا ويصبح الطاعنون، دونهما، هم أصحاب الصفة في اقتضاء كامل التعويض واستيفائه من الملزم بأدائه ” المحال عليه ” – بعد إعلانه بتلك الحوالة بالطرق المقررة قانونًا – وأنه ليس هناك تعارض بين القضاء للطاعنين بطلباتهم وبين حجية الحكم الصادر في دعوى التعويض سالفة البيان، إذ إن الأحكام بذاتها لا تنشئ حقوقًا جديدة للخصوم بل هي تثبت لهم حقوقهم الناشئة من قبل، وتلزم المنازع فيها باحترامها ونفاذها، فإذا كانت تلك الحقوق قابلةً للحوالة وقت نشوئها.
فإن الأحكام الصادرة بإقرارها ونفاذها تكون أيضًا قابلة للحوالة، فقيام المحيل بإحالة حقه في التعويض الصادر لصالحه بحكم نهائي في دعوى ما، ليس معناه تحويل الحكم في ذاته أو التعرض لحجيته بالإلغاء أو التعديل بل معناه تحويل الحق الذي أقره ذلك الحكم إلى المحال له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض الدعوى على سند من أن القضاء للطاعنين بطلباتهم يتعارض مع حجية الحكم الصادر بالتعويض في الدعوى رقم ٦٠٤٩ لسنة ١٩٩١ مدني كلي الإسكندرية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ولمَّا كان هذا الخطأ قد حجبه عن بحث موضوع الاستئناف ومناقشة دفاع طرفيه حول صحة أو بطلان عقد البيع والإقرار المنسوب صدورهما لمورث المطعون ضدهما في أولًا المؤرخين ١٦/٣/١٩٩١، ٢٥/٩/١٩٩١ بلوغًا إلى وجه الحق فيه، فإنه فضلًا عما تقدم يكون معيبًا بقصور يبطله، ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
لــــــــــذلـــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية وألزمت المطعون ضدهما في أولًا المصروفات ومبلغ مائتي جنيهٍ مقابل أتعاب المحاماة.