النقض توضح شرط الحصول على إذن التفتيش

أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن  رقم 38371  لسنة 73 القضائية، أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش، وإنما يكفى أن يكون رجل الضبطية القضائية قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت، وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن بتفتيشه وتفتيش مسكنه.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: – أحرز بقصد الاتجار عقار الفلونيترازبيام المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالته إلى محكمة جنايات…. لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 131 من القسم الثانى من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 21 لسنة 1999 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما نسب إليه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز كان مجردًا من القصود.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في…..إلخ.

المحكمة

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز أقراص مخدرة بغير قصد من القصود الخاصة المسماة وفى غير الأحوال المصرح بها قانونًا قد شابه القصور في التسبيب والتناقض والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يورد مضمون إذن النيابة العامة وما إذا كان قد استوفى شرائطه.

وكذا تقرير التحليل وما إذا كانت الأقراص المضبوطة قد جرى تحليلها من عدمه، كما قام دفاع الطاعن على بطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ورد الحكم بما لا يسوغه وأورد صورتين متناقضتين للواقعة حيث أخذ بالتحريات وأقوال مجريها في إسناد الواقعة للطاعن واطرحهما حين استبعد قصد الاتجار.

 

وقام دفاعه على تلفيق الاتهام بدلالة وجود خصومة سابقة بينه وبين ضابط الواقعة – وعول على تحريات الشرطة وشهادة مجريها فضلاً عن أنه اطرح أقوال شاهدى النفى ولم يعرض لهما. هذا إلى أنه قد دانه بموجب قرار من وزير الصحة والذى لم ينشر أيضًا خلال أسبوعين من تاريخ إصداره ولم يحدد مقدار المصاريف التي حكم بها عليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها – تنحصر في شهادة الضابط وتقرير التحليل والتي لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافيًا في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون.

 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش وإنما يكفى – وكما أورد الحكم – أن يكون رجل الضبطية القضائية قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن بتفتيشه وتفتيش مسكنه.

وكان الحكم كذلك قد أورد مؤدى تقرير المعامل الكيماوية وأبرز ما جاء به من ثبوت أن الأقراص المضبوطة تحتوى على مادة الفلونيترازبيام المدرجة بالجدول الأول من قانون المخدرات وهو بيان كاف للدلالة على أن المادة المضبوطة مع الطاعن هى لذلك المخدر.

وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، ومن ثم ينتفى عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في هذا الصدد.

 

لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئًا عن خلو تقرير المعمل الكيماوى من بيان كيفية تحليل المخدر، وكانت مدونات الحكم لا تساند بذاتها هذا الدفاع، فلا يقبل من الطاعن النعى على محكمة الموضوع قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها – ولا يجوز له إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه يستلزم تحقيقًا موضوعيًا تنحسر عنه وظيفتها.

 

لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض الدفع ببطلان إذن النيابة العامة المؤسس على عدم جدية التحريات، واطرحه في قوله “لما كان الثابت أن محضر التحريات قد اشتمل على الاسم الرباعى للمتحرى عنه ومحل إقامته تحديدًا ونشاطه المتمثل في حيازة وإحراز المواد المخدرة وأنه يتخذ من دائرة مسكنه مكانًا لمباشرة نشاطه غير المشروع وأن مصدر تلك التحريات معلومات المصادر السرية الموثوق فيها والتي تأكدت بالمراقبة الدقيقة المستمرة وكل هذه الأمور تعتبر معلومات كافية وبيانات وافية وتحريات شاملة مسوغة لإصدار إذن التفتيش لا سيما وقد ثبت من محضر الضبط أن المتهم كان هو المعنى بهذه التحريات والمقصود بها مما يضحى معه الدفع على غير سند من الواقع والقانون جدير بالرفض”.

 

وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان عدم إيراد اسم الطاعن أو صناعته أو محل إقامته تحديدًا أو بيان سوابقه في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا.

 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفى لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد من القصود المسماة دون أن يعد ذلك تناقضًا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.

 

لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ما دام الرد مستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عما أبداه في شأن مكان ضبطه المؤيد بأقوال شهود نفى، مردود بما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها.

 

ومن ثم فإن النعى في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها هى التي ناطت بالوزير المختص إصدار قرارات بحذف أو إضافة أو تغيير النسب الواردة في الجداول الملحقة بهذا القانون، وكانت نصوص القوانين – كذلك – قد خلت من ثمة جزاء على عدم نشرها خلال أسبوعين من تاريخ صدورها. وأن ما أوردته المادة 188 من الدستور لا يعدو أن يكون نصًا تنظيميًا – فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يسانده القانون خليق بالرفض.

 

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بالمصاريف الجنائية دون تحديد لمقدارها، فإنه لا يكون قد خالف نص المادة 318 من قانون الإجراءات الجنائية التي أوجبت ذلك عند القضاء ببعض المصاريف، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا. وذلك مع تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقضى بها السجن المشدد إعمالاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية باعتبار ما أوردته يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات وعملاً بنص المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

 

 

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى