«النقض» توضح سبب تمييز دعوى النسب عن دعوى إثبات الزوجية
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعنين رقمي 585، 626 لسنة 73 القضائية ” أحوال شخصية “، أن دعوى النسب متميزة عن دعوى إثبات الزوجية وأن إثباتها لا يخضع لما أورده المشرع في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية – المقابلة للفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية – من قيد على سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها مما مفاده أنه لا يشترط لإثبات النسب وجود وثيقة زواج رسمية، كما أنه ولئن كان من المقرر أنه لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية إلا أن دعوى النسب مستثناة من هذه الدعاوى، ولا تخضع وفقا لما سلف بيانه من قيد على سماع دعوى الزوجية ولا تأثير على ذلك في دعوى النسب.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين – تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم ….. ملي كلي المحلة الكبرى بطلب الحكم بإثبات نسب الصغيرة ….. إليه، وقالت بيانًا لدعواها إنها زوجة للمطعون ضده بموجب عقد الزواج العرفي المؤرخ ….. ورزقت منه على فراش الزوجية بالصغيرة ……، وإذ أنكر نسبتها إليه فقد أقامت الدعوى، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ……، وبتاريخ …… قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالطعنين الماثلين، ودفع المطعون ضده ببطلان صحيفة الطعن رقم 626 لسنة 73 ق لخلوها من تاريخ إعلانها واسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها بالمخالفة لنص المادة التاسعة في فقرتيها الأولى والثالثة من قانون المرافعات، وقدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – قررت ضمهما وحددت جلسة لنظرهما معًا وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان صحيفة الطعن رقم 626 لسنة 73 ق فهو مردود، ذلك أنه من المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه إذا خلت صورة الإعلان مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها للمعلن إليه، بأن جاءت مجردة من أي كتابة بخط يد المحضر يمكن أن تتخذ أساسًا للبحث فيما إذا كانت هي صورة الإعلان الذي وجه إلى المعلن إليه، فإن المحكمة لا تعول على هذه الصورة التي سلمت فعلا إليه، فإذا بان لها من أصل ورقة الإعلان أنه اشتمل على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحته فإن الدفع ببطلانه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت من صورة صحيفة الطعن التي قدمتها الطاعنة أنها جاءت خلوًا من توقيع المحضر أو أي بيانات أخرى حررت بخط يده، بل حملت توقيعًا نسب إلى أمين عام المحكمة وآخر نسب إلى كاتبه الجدول وكان الثابت من أصل إعلان صحيفة الطعن أنه تضمن جميع البيانات المنصوص عليها قانونا فإن الدفع ببطلانه يكون على غير أساس.
وحيث أنه مما تنعاه الطاعنة في الطعنين على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إنها أقامت دعواها على سند من أن المطعون ضده قد عاشرها معاشرة الأزواج بموجب العقد العرفي المؤرخ ….. ورزقت منه نتيجة هذه المعاشرة بالصغيرة ….. وهو ما يكفي لإثبات نسبها إليه وفقا لنص المادة 106 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، وإذ جاء الحكم وأغفل الرد على هذا الدفاع وخلص إلى تأييد الحكم المستأنف بعدم قبول دعواها على سند من عدم وجود عقد زواج رسمي إعمالاً لنص المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن دعوى النسب متميزة عن دعوى إثبات الزوجية وأن إثباتها لا يخضع لما أورده المشرع في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية – المقابلة للفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية – من قيد على سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها مما مفاده أنه لا يشترط لإثبات النسب وجود وثيقة زواج رسمية، كما أنه ولئن كان من المقرر أنه لا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية إلا أن دعوى النسب مستثناة من هذه الدعاوى، ولا تخضع وفقا لما سلف بيانه من قيد على سماع دعوى الزوجية ولا تأثير على ذلك في دعوى النسب.
لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها الماثلة بطلب الحكم بثبوت نسب الصغيرة ….. إلى المطعون ضده نتيجة هذه المعاشرة وإعمالا لنص المادة 106/ 4 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس ومن ثم فإن دعواها هذه تكون – وفقًا لما سلف – مسموعة ومقبولة، وإذ جاء الحكم المطعون فيه وأيد قضاء الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من عدم قبول دعوى النسب باعتبارها ناشئة عن علاقة زوجية غير موثقة لم يتم بشأنها الإجراءات التي نصت عليها شريعة طرفي النزاع مخالفًا بذلك النظر سالف بيانه حاجبًا نفسه عن بحث دفاع وسند دعوى الطاعنة مما يشوبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكانت المادة 106/ 4 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس قد نصت على أنه ” يجوز الحكم بثبوت نسب الأولاد إلى أبيهم إذا كان الأب المدعى عليه والأم قد عاشا معًا في مدة الحمل وعاشرا بعضهما بصفة ظاهرة ” وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة والمطعون ضده قد عاشا معا وعاشرا بعضهما بصفة ظاهرة ورزقت منه نتيجة هذه المعاشرة بالصغيرة …….، وقد تأيد ذلك بأقوال شاهدي الطاعنة التي تطمئن إليها محكمة النقض مما يتعين معه القضاء في موضوع الاستئناف رقم …… بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بقبول دعوى الطاعنة وثبوت نسب الصغيرة …… إلى المطعون ضده.