«النقض» توضح تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني
أوضحت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 5096 لسنة 65 القضائية، إنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية، بل يكفي أن يكون جماع الدليل
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الشروع في قتل المجني عليه وإحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص وإطلاقه داخل قرية شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه التفت دون رد عما تمسك به الطاعن من عدم صحة ما قرره ضابط المباحث من أنه تحدث مع المجني عليه في المستشفى في الوقت الذي أثبت في أوراق علاجه أنه لا يمكن استجوابه، ورد الحكم بما لا يصلح على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس.
وعلى الدفع ببطلان محضر تحقيق النيابة العامة لعدم توقيع الكاتب عليه، وأعرض عما أثاره الدفاع من وجود تعارض بين قول شهود الإثبات أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه في مواجهته وهما يقفان على أرض مستوية وبين ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من ميل إصابة المجني عليه إلى أسفل، واتخذ الحكم من مجرد ارتكاب الطاعن للفعل المادي دليلاً على ثبوت نية القتل في حقه، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الجرائم التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة استقاها من أقوال المجني عليه وشاهدين آخرين مما دلت عليه تحريات المباحث ومما تضمنه التقرير الطبي الشرعي، وإذ كان الحكم لم يعول في قضائه بالإدانة على شيء مما أسفر عنه القبض والتفتيش أو ما دار من حديث بين ضابط المباحث وبين المجني عليه أثناء علاجه بالمستشفى فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يصادف محلاً.
لما كان ذلك ولئن كانت المادة 73 من قانون الإجراءات الجنائية – والتي تسري على التحقيق الذي تجريه النيابة العامة – نصت على أن يستصحب قاضي التحقيق في جميع إجراءاته كتاباً يوقع معه المحضر، إلا أن مجرد عدم التوقيع على كل صفحة لا يترتب عليه بطلان الإجراءات، وما دام أن الطاعن لا يدعي أن شيئاً مما دون في محضر التحقيق قد جاء مخالفاً لحقيقة الواقع، فلا يقبل منه التمسك ببطلان إجراءات التحقيق تأسيساً على مجرد عدم التوقيع من الكاتب على صفحات محضر التحقيق ويكون نعيه على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ذلك وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيان كيفية إصابة المجني عليه أخذاً من أقواله وأقوال شاهدي الإثبات أنه تدخل لفض مشادة بين ابنه وبين الطاعن فأطلق الأخير النار على المجني عليه وأحدث إصابته، وما ساقه الطاعن من أن هؤلاء الشهود قرروا أن الضارب كان في مواجهة المضروب على أرض مستوية.
كل ذلك لا يتعارض مع ما نقله الحكم عن التقرير الطبي الشرعي من أن العيار الناري الذي أصاب المجني عليه أطلق باتجاه أساسي من الأمام واليمين للخلف واليسار وبميل لأسفل بالنسبة للوضع الطبيعي القائم، ذلك بأن جسم الإنسان متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج لخبرة خاصة، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن عول على هذين الدليلين القولي والفني، مما يغدو معه النعي على الحكم في هذا الشأن على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل لدى الطاعن من وجود خصومة بينه وبين ابن المجني عليه انصرف الطاعن على أثرها إلى مسكنه وعاد يحمل سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته وأطلق عياراً نارياً على المجني عليه أصابه عن قرب وفي مقتل من جسده فسقط أرضاً ولولا مداركته بالعلاج لتوفى من أثر هذه الإصابة، فإن ما قاله الحكم في ذلك يكفي للتدليل على توافر هذه النية، ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.