«النقض» توضح الأدلة الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 2047 لسنة 91 قضائية، أن هذا الوجه من الدفاع – بشأن استخراج صورة طبق الأصل من تسلسل بطاقة الرقم القومي محل التزوير – لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حدوث الواقعة على النحو الذي اقتنعت به المحكمة بل إن الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله.

 

المحكمـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن ما ينعاه الطاعنون – بمذكرات الأسباب الأربعة – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة – مع موظف عام حسن النية – في تزوير محررين رسميين واستعمالهما مع علمهم بذلك ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ؛ ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى وظروفها بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها ، ومضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، كما لم يستظهر أركان جريمة الاشتراك في التزوير وعناصرها ودور كل طاعن فيها ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي رغم ما قام عليه دفاعه من انتفاء ركن العلم في حقه ، مستنداً في قضائه إلى توافر المصلحة وهو ما لا يكفي معرضاً عن دفاعهم القائم على انتفائها لدلالات عددوها ، ولم يستظهر الحكم ركن الضرر في جريمة التزوير.

كما أن المحكمة لم تعرض المحررات المزورة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم وهو إجراء لا يغني عنه اطلاع المحكمة وحدها عليها ، وقد التفت الحكم إيراداً ورداً عن دفاعه بعدم معقولية الصورة التي شهد بها شاهدي إثبات الواقعة ، وعول الحكم على تحريات ضابط الشرطة رغم انفراد الضابط بالشهادة وعدم صلاحيتها كدليل وكونها مكتبية ، وعلى التقارير الفنية رغم أنها لا تعدو أن تكون إجراءً كاشفاً ، كما دفع الطاعن الثاني بكيدية الاتهام وتلفيقه وبانتفاء صلته بالمحررات المزورة لعدم تواجده بمكان الواقعة إلا أن الحكم المطعون فيه رد على بعض هذه الدفوع بما لا يصلح رداً ولم يعرض بالإيراد والرد على بعضها الآخر ، فضلاً عن ذلك أن المحكمة لم تجبه إلى طلب سماع شاهدي الإثبات ولم تعرض للمستندات التي قدمها للتدليل على نفي الاتهام عنه ولم تعن بإجراء تحقيق لاستجلاء وجه الحق في الدعوى.

كما أن المتهمين لم يحظوا بدفاع جدي بل جاء الدفاع شكلياً فلم يبد الدفاع عنهم دفاع حقيقي وأكتفى الدفاع بالانضمام إلى دفاع باقي المتهمين الآخرين عما أخل بحقهم في الدفاع ومن شأنه خلق تعارض بين مصالح المتهمين جميعاً ، وأخيراً أعرضت المحكمة عن طلب دفاع الطاعنين باستخراج صورة طبق الأصل من تسلسل بطاقة الرقم القومي محل التزوير، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

فضلاً عن ذلك أن من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها ، فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد.

لما كان ذلك ، وكان لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحرر ولا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية المحرر المزور الذي يحتوي عليه الحرز ومضمونه بمحضر الجلسة بعد أن ثبت أنه كان مطروحاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الدفاع عن الطاعنين وقد اطلع عليه أن يبدى ما يعن له بشأنه في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي على الإجراءات بالبطلان لهذا المنحى على غير أساس.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها أن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن هذا الوجه من الدفاع – بشأن استخراج صورة طبق الأصل من تسلسل بطاقة الرقم القومي محل التزوير – لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حدوث الواقعة على النحو الذي اقتنعت به المحكمة بل إن الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

أمين الســـر رئيس محكمة النقض

زر الذهاب إلى الأعلى