«النقض» توضح أوجه قبول الطعن

كتب/ عبد العال فتحي

أوضحت محكمة النقض خلال حكمها بالطعن رقم 22044 لسنة 89 قضائية، أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفوع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفوع الموضوعية التي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليه، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .

 

الوقائـــــــــــــــــــــــع

 

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 3521 لسنة 2018 مركز كرداسة (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 524 لسنة 2018 ) بأنه في يوم 4 من مارس سنة 2018 بدائرة مركز كرداسة – محافظة الجيزة.

1 ــ ضرب المجني عليه/ ………………… عمداً مع سبق الإصرار بأنه علي أثر خلف سابق فيما بينهما بيت النية وعقد العزم علي إيذائه فتوجه إلي حيث أيقن سلفاً بتواجده وباغته بتسديد عدة ضربات إليه استقرت بمختلف نواح جسده مستخدماً في ذلك سلاح أبيض موضوع الاتهام التالي فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي فقد عظمي تربني شامل الصفيحتين الخارجية والداخلية بيسار الجبهة ومقدمة الجدارية اليسري في مساحة أبعادها 6 x 2 سم والتي تقدر نسبتها بنحو خمسة وعشرون في المائة (25./.) علي النحو المبين بالتحقيقات .

2 ــ أحرز سلاح أبيض سكين مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 12 من أكتوبر سنة 2019 عملاً بالمادة 240/1، 2 من قانون العقوبات، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل ، والبند 6 من الجدول رقم 1 الملحق ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 5 من نوفمبر سنة 2019 ، كما طعن الأستاذ / …………….. المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في 10 من ديسمبر سنة 2019 ، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى ذات التاريخ موقعاً عليها من الأستاذ/ ………….. المحامي .

 

وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة.

 

المحكمـــــة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقــــرر والمرافعة وبعد المداولة قانونــاً.

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

 

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة مع سبق الإصرار ، وإحراز سلاح أبيض سكين دون مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى ولم يورد مؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة ، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات رغم تناقض أقوالهم فيما بينهم ، ودون أن يعن ببيان مصدر تلك الأقوال التي عول عليها في إدانته ، وقام دفاع الطاعن على الدفع بخلو الأوراق من ثمة دليل على ثبوت الجريمة في حقه ، وبعدم جدية تحريات الشرطة التي استند إليها في إدانته ، وبكيدية الاتهام وتلفيقه.

وبعدم الاعتداد بوحدة الفلاش ميموري في إدانته لعدم مواجهته بما تحتويه أو عرضها عليه ، واستحالة ارتكابه الجريمة لإصابته بعجز في يده ، وهو ما لم تعن المحكمة معه بإجابته لطلبه باستدعاء الطبيب الشرعي ، بيد أن الحكم أعرض عن بعض هذه الأوجه من الدفاع ورد على الآخر منها برد غير سائغ ، كما أجبرت المحكمة المدافع عنه على الترافع في الدعوى ، وأخيراً فإنها التفتت عن طلب دفاع الطاعن باستدعاء شهود الإثبات لمناقشتهم ، كما أغفلت باقي أوجه دفاعه ودفوعه إيراداً ورداً – كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .

 

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله : ….. تتحصل في أنه وعلى أثر خلافات سابقة بين المتهم …………………. عقد العزم وبيت النية على إيذائه وتحين الظرف المناسب يوم 4/3/2018 حينما أدركه يقف مع بعض أصدقائه لا يبالي شيئا فاتجه إليه محرزاً سلاح أبيض سكين – وباغته على رأسه بضربة أصابته إصابة بالغة ثم أعقبها بثلاث ضربات أخرى أصابت كتفه وذراعه الأيمن ليلوذ بعدها بالفرار تاركاً المجني عليه في حال سيئة وقد أسفرت إصابة الرأس عن عاهة مستديمة تمثلت في فقد عظمی ( تربنی شامل الصفيحتين ) الخارجية والداخلية بيسار الجبهة ومقدمة الجدارية اليسرى تقدر نسبتها بنحو 25./.

لما كان ذلك، وكانت المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.

وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعی الطاعن بأن الحكم لم يحط بواقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها يكون لا محل له .

لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكان تناقض أقوال الشهود – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ، ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه.

ومن ثم فإن كافة ما يثيره الطاعن في شأن تناقض أقوال شهود الإثبات ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان السكوت عن ذكر مصدر الدليل أو الخطأ فيه لا يضيع أثر الدليل الذي استند إليه الحكم في قضائه بإدانة الطاعن ، ما دامت أقوال الشاهد لها أصل ثابت في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم جدية التحريات ، لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، ويكون النعي على الحكم بدعوى القصور بإغفاله الرد عليه على غير محل .

لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق الإتهام وكيديته ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى – ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن ولئن أثار في دفاعه أنه لم يتم مواجهته بما تحتويه وحدة الفلاش ميموري وعرضها عليه ، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص ، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .

لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من الأدلة وباقي عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – وكان بحسب الحكم كيما يستقيم قضاؤه أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم ، وليس ملزماً أن يتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها ، إذ مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن ما تقدم يكون غير مقبول .

لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى رأي الطبيب الشرعي ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيما انتهت إليه ، وهي من بعد غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشته في هذا الشأن ، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لهذا الإجراء ، ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أُثبت سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أُثبت بمحضر الجلسة من قيامه بالمرافعة ، فإن الزعم بأنه أُجبر على المرافعة يكون غير مقبول .

لما كان ذلك ، وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، قد استبدل نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية ، والتي جرى نصها على : … ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة ، يحدد الخصوم أسماء الشهود ، وبياناتهم ، ووجه الاستدلال بهم ، وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها .

وكان المدافع عن الطاعن وإن طلب سماع شهود الإثبات ، إلا أنه لم يكشف عن الوقائع التي يرغب في مناقشة الشهود فيها ، حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة ، وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ، ولم تجب الطاعن إليه .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفوع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفوع الموضوعية التي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليه ، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً، ولما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .

 

فلهــذه الأسبــاب

 

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .

 

أميــن الســر نائب رئيس المحكمــة

زر الذهاب إلى الأعلى