«النقض» توضح أثر المراكز القانونية المكتملة في ظل قانون معين
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 10600 لسنة 91 بتاريخ، 19 فبراير 2023، المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل عام من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما ينطبق بأثر فوري مباشر على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز، وأن العبرة في هذا هي بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليست بوقت المطالبة.
الوقائــــــــــــــــع
في يـــــــوم 9/6/2021 طعــــــن بطريـــــــــــق النقــــــض في حكـــم محكمــــــــــــة استئناف بنى سويف مأمورية المنيا الصادر بتاريخ 26/4/2021 في الاستئناف رقم 584 لسنة 57 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبـــول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكــم المطعون فيه، ثم أودعت النيابة مذكرة طلبت فيها قبـول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فـــــــرأت أنه جديـــــر بالنظـــــــر فحددت جلسة للمرافعة وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة -حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها- والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه الســيد القاضي المقرر/ السيد عامـر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ۱۳۳۹ لسنة ۲۰۲۰ عمال المنيا الابتدائية على المطعون ضدها -الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي- بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها معاش الشيخوخة طبقاً للقانون رقم ١١٢ لسنة ۱۹۸۰، وقالت بياناً لها إنها من العاملات بالزراعة، وبلغت سن الخامسة والستين الموجب لصرف المعاش طبقاً لأحكام هذا القانون، وإذ امتنعت المطعون ضدها عن صرف المعاش لها فأقامت الدعوى، قضت المحكمة برفضها بحكم استأنفته الطاعنة لدى محكمة استئناف بني سويف مأمورية المنيا بالاستئناف رقم ٥٨٤ لسنة ٥٧ ق.
وبتاريخ ٢٦/٤/٢٠٢١ حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن واقعة استحقاقها معاش الشيخوخة قد وقعت واكتملت في ظل العمل بقانون التأمين الشامل رقم ۱۱۲ لسنة ۱۹۸۰ ببلوغها سن الخامسة والستين بتاريخ ٢٥/9/2014 قبل العمل بالقانون رقم ١٤٨ لسنة ۲۰۱۹ بشأن التأمين الاجتماعي والمعاشات المعمول اعتباراً من 1/1/2020 والذي لم يتضمن النص على تطبيقه بأثر رجعي، ومن ثم فلا تسري عليها أحكامه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق على واقعة النزاع القانون رقم ١٤٨ لسنة ۲۰۱۹، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل عام من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما ينطبق بأثر فوري مباشر على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز، وأن العبرة في هذا هي بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليست بوقت المطالبة.
وكان النص في المادة 2 من قانون التأمين الشامل الصادر بالقانون رقم ۱۱۲ لسنة ۱۹۸۰ والمعدل بالقانون رقم 79 لسنة ۲۰۱۳ على أن يشمل نظام التأمين الاجتماعي المقرر بمقتضى هذا القانون تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة … . والنص في المادة 9 منه على أنه يستحق المعاش متى توافر إحدى الحالات الآتية:
بلوغ المؤمن عليه من الخامسة والستين متى كانت مدة اشتراكه في التأمين ۱۲۰ شهرا على الأقل 000 ، والنص في المادة ١٨ من ذات القانون على أنه يصرف المعاش اعتباراً من أول الشهر الذي تحققت فيه واقعة الاستحقاق، واستثناء من حكم الفقرة السابقة يبدأ استحقاق المعاش بالنسبة للمؤمن عليه الذي لم يقم بالاشتراك في هذا التأمين حتى تاريخ تحقق واقعة الاستحقاق أو المستحقين عنه بحسب الأحوال اعتباراً من أول الشهر الذي يتقدم فيه يطلب الصرف.
وعلى الهيئة خصم الاشتراكات المستحقة من المعاش في الحدود ووفقاً للقواعد المنصوص عليها في المادة 22 000 مفاده أن المعاش المستحق طبقاً لتأمين الشيخوخة المنصوص عليه بهذا القانون يستحق ببلوغ المؤمن عليه سن الخامسة والستين، ويُصرف للمؤمن عليه من أول الشهر الذي بلغ فيها هذا السن إذا كان مشتركاً في التأمين لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وأما إذا لم يكن مشتركاً فيكون صرف المعاش من أول الشهر الذي تقدم فيه بطلب صرفه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من بيانات بطاقة الرقم القومي للطاعنة المرفقة بملف الطعن أنها مواليد ٢٥/9/١٩٤٩ وإذ بلغت سن الخامسة والستين في 25/9/2014 فإن واقعة استحقاقها لمعاش الشيخوخة تكون قد حدثت واكتملت في ظل العمل بقانون التأمين الشامل الصادر بالقانون رقم ١١٢ لسنة ۱۹۸۰، ويكون هذا القانون هو الواجب التطبيق على واقعة النزاع دون القانون رقم ١٤٨ لسنة ٢٠١٩ بشأن التأمينات الاجتماعية والمعاشات المعمول به اعتباراً من 1/1/2020.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض الدعوى بمقولة أن الطاعنة لم تستوف شروط صرف معاش الشيخوخة وفقاً للقانون رقم ١٤٨ لسنة ۲۰۱۹ رغم عدم انطباقه على واقعة النزاع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقـه، وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى استيفاء الطاعنة شروط صرف معاش الشيخوخة وفقا لأحكام قانون التأمين الشامل رقم ۱۱۲ لسنة ۱۹۸۰، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالـة.
لذلــــــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بنى سويف مأمورية المنيا للفصل فيها، وألزمت المطعون ضدها بمصروفات الطعن، ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفتها من الرسوم القضائية.
أمين الســــــــــــــــــر نائب رئيس المحكمة