«النقض»: توضح أثر إقامة الحكم قضاءه على ما ليس له أصل في الأوراق

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 19 لسنة 74 القضائية، أنه يجب على محكمة الموضوع ألا تبني حكمها إلا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه وحصلته قائماً في تلك الأوراق.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر سبق الحكم عليه: 1- اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول بأمر الإحالة في تقليد الأوراق المالية المضبوطة محل التهمة الأولى بأن اتفقا معه على تقليدها وساعده بأن اشتريا جهازي الحاسب الآلي ومشتملاتهما فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.

2- حازا أدوات مما تستخدم في عملية تقليد بغير مسوغ قانوني على النحو المبين بالأوراق.

3- حازا بقصد الترويج سبعاً وعشرين ورقة من ضمن الأوراق المالية المقلدة محل التهمة الأولى وذلك مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالأوراق.

4-روجا خمساً وعشرين ورقة من ضمن الأوراق المقلدة محل التهمة السابقة وذلك بأن دفع بهما للتداول بتقديمها لآخر ولترويجها مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالأوراق.

وأحالته إلى محكمة جنايات ….. لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/3، 2، 41، 45/1، 46/3، 202/1، 202 مكرر، 204/مكرراً/ب من قانون العقوبات، مع إعمال وتطبيق المادتين 17، 32 من القانون ذاته، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ….. إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تقليد أوراق مالية محلية وحيازتها وترويجها وحيازة الأدوات والآلات التي تستعمل في التقليد بغير مسوغ، شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين شهادة كل شاهد تفصيلاً، واكتفى بالإحالة في بيان مضمون أقوال الشهود من الثاني للخامس إلى شهادة الشاهد الأول وذلك بالمخالفة للثابت بالأوراق لاختلاف الواقعة التي شهد عليها الشاهد الأول عن الوقائع التي شهد عليها الآخرون، إذ قرروا بالتحقيقات أن كلاً منهم كان مكلفاً بضبط أحد المتهمين السابق الحكم عليهم وأنهم لم يشتركوا مع الشاهد الأول في واقعة ضبط الطاعن والأوراق المالية المقلدة معه والعثور بشركته على الأدوات والآلات المستخدمة في التقليد، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الأصل أنه يجب على محكمة الموضوع ألا تبني حكمها إلا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه وحصلته قائماً في تلك الأوراق.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسند – عند تحصيله لمضمون أقوال الشهود من الثاني للخامس – بالإحالة إلى ما أورده من شهادة الشاهد الأول أنهم شاهدوا إجراءات ضبط الطاعن والأوراق المالية المقلدة معه والعثور بشركته على الأدوات والآلات المستخدمة في التقليد، وكان البين من الأوراق بعد أن ضُمت المفردات أن أقوال هؤلاء الشهود بالتحقيقات خلت مما حصله الحكم منها على نحو ما سلف، إذ قرروا بها أن كلاً منهم كان مكلفاً بضبط أحد المتهمين – السابق الحكم عليهم – ولم يضبط أحداً منهم الطاعن، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما لا أصل له في التحقيقات يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، ولا يغني في ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يشد بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو ما كانت تقضي به لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، وهو ما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن الأخرى.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى