«النقض»: تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 7977 لسنة 92 بتاريخ 3 مايو 2023، أن تقدير الأدلة والمستندات المقدمة والإقرار غير القضائي واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها من دون معقب فمتى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه أعتبر جزءاً مكملاً لأسباب حكمها من دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة.
الوقائــــــــــــــــع
في يـــــــوم 7/4/2022 طعــــــن بطريـــــــــــق النقــــــض في حكـــم محكمــــــــــــة استئناف قنا مأمورية الأقصر الصادر بتاريخ 21/2/2021 في الاستئناف رقم 23 لسنة 39 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبـــول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكــم المطعون فيه، وأودعت النيابة مذكرة طلبت فيها قبـول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكــم المطعون فيه نقضاً جزئياً، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فـــــــرأت أنه جديـــــر بالنظـــــــر فحددت جلسة للمرافعة وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة -حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها- والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه الســيد القاضي المقرر/ وائـل فريد نائب رئيس المحكمة ، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع -على ما بين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن -فندق جولي فيل الأقصر- الدعوى رقم ۲۳۱ لسنة ۲۰۱٨ عمال الأقصر الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي له مبلغ ٥۱۳۱5۰ جنيهاً قيمة العلاوات الخاصة والدورية وحصته في نسبة 12% رسم الخدمة والأرباح والمقابل النقدي لرصيد الإجازات وراتبه ومنحة عيد العمال ومقابل مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل ومبلغ ٤٠٠٠٠ جنيه قيمة مكافأة نهاية الخدمة، وقال بياناً لها إنه كان من العاملين لدى الطاعن وأنهى خدمته دون مبرر فأقام الدعوى.
ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده لدى محكمة استئناف قنا مأمورية الأقصر بالاستئناف رقم ٢٣ لسنة ۳۹ ق، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 21/2/2022 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ ١٣٤٥۷۲,۰۸ جنيهاً، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه جزئياً، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب ينعى بهم الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان الوجه الأول من السبب الأول والأوجه الأول والثالث والرابع والخامس من السبب الثاني والسبب الثالث يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون ضده في راتبه ومقابل الخدمة والمقابل النقدي لرصيد إجازاته ومنحة عيد العمال على ما انتهى إليه تقرير الخبير، بالرغم من اعتراضه عليه وطلب ندب خبير آخر، فضلاً عن إقراره باستلام كافة مستحقاته المالية، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن تقدير الأدلة والمستندات المقدمة والإقرار غير القضائي واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها من دون معقب فمتى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه أعتبر جزءاً مكملاً لأسباب حكمها من دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة.
لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة الأسس التي أقيم عليها تقرير الخبير المقدم في الدعوى وكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وبنى عليها تقريره في خصوص أحقية المطعون ضده في راتبه ومقابل الخدمة والمقابل النقدي لرصيد إجازاته ومنحة عيد العمال فأخذت به محمولاً على أسبابه ورتبت على ذلك قضاءها بأحقية المطعون ضده في هذه المستحقات، كما أطرح الحكم المطعون فيه الإقرارات المنسوبة إلى المطعون ضده باستلام مستحقاته لعدم اطمئنانه إليها على ما أورده بمدوناته من أن تلك الإقرارات قد جاءت مجهلة من حيث تحديد المبالغ، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله معينه بالأوراق ويكفي لحمل قضائه، ولم يُقدم الطاعن ما يُخالفه أو يُدحضه، فإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه بهذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وفهم الواقع في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى هذا النعي غير مقبول.
في بيان الوجه الثاني من السبب الأول يقول إن العلاوات الاجتماعية الخاصة المقررة بموجب قوانين الزيادات المتلاحقة يقتصر صرفها على العاملين بالدولة والقطاع العام دون سواهما من العاملين بالقطاع الخاص، وأنه من أشخاص القانون الخاص ويخرج عن نطاق تطبيق تلك القوانين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضده في العلاوات الاجتماعية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثانية بدءًا من القانون ۱۰۱ لسنة ۱۹۸۷ وانتهاء بالقانون رقم ٤٢ لسنة ۲۰۱٤ بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة والقطاع العام على أن يُقصد بالعاملين في الدولة في تطبيق أحكام هذا القانون العاملون داخل جمهورية مصر العربية الدائمون والمؤقتون والمعينون بمكافآت شاملة بالجهاز الإداري للدولة أو بوحدات الإدارة المحلية أو بالهيئات والمؤسسات العامة أو بهيئات وشركات القطاع العام أو شركات قطاع الأعمال العام وكذلك العاملون بالدولة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة وذووا المناصب والربط الثابت مفاده أن العلاوات الخاصة يقتصر صرفها على العاملين بالدولة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام .
الذين ورد ذكرهم بهذه المادة فقط ولا يسري على من عداهم من العاملين بالجمعيات والمؤسسات والمنشآت الخاصة حتى بفرض صدور توصيات أو منشورات من وزارة القوى العاملة أو أي جهة أخرى تحث على صرفها طبقاً للقواعد الواردة بها متى توفر لهذه المنشآت المورد المالي لذلك إذ ليس لها صفة الإلزام. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق -وبما لا يماري فيه المطعون ضده- أن الطاعن من أشخاص القانون الخاص وبالتالي فلا يُعد من الجهات المخاطبة بقوانين العلاوات الخاصة ويكون المطعون ضده فاقد الحق في المطالبة بها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقيته لتلك العلاوات فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد عابه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وفي بيان الوجه الثاني من السبب الثاني يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون ضده في صرف الأرباح المُطالب بها، على الرغم من أن الثابت بالميزانية العمومية المعتمدة من مصلحة الضرائب تحقيق الفندق لخسائر فادحة في الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضـه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة ٤١ من القانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ بإصدار قانون الشركات المساهمة والتوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة على أن يكون للعاملين بالشركة نصيب في الأرباح التي يتقرر توزيعها تحدده الجمعية العامة بناءً على اقتراح مجلس الإدارة بما لا يقل عن 10% من هذه الأرباح، ولا يزيد على مجموع الأجور السنوية للعاملين بالشركة ، والنص في المادة ٦٣ منه على أنه مع مراعاة أحكام هذا القانون ونظام الشركة تختص الجمعية العامة بما يأتي أ-… ب … ج … د- … هـ –
الموافقة على توزيع الأرباح… ، والنص في المادة 71/2 من القانون ذاته على أنه وتكون القرارات الصــادرة من الجمعية العامة المكونة تكويناً صحيحاً والمنعقدة طبقاً للقانون ونظام الشركة ملزمة لجميع المساهمين …، وعلى مجلس الإدارة تنفيذ قرارات الجمعية العامة يدل -وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- على أن الجمعية العامة في الشركات المساهمة هي التي تملك وحدها اعتماد الميزانية التي يُعدها مجلس الإدارة وتعيين الأرباح الصافية القابلة للتوزيع، وأن حق المساهم أو غيره من ذوي الحقوق في الربح لا ينشأ إلا من تاريخ اعتماد الجمعية العامة لهذه الأرباح ومن يستحقها.
أما ما قبل هذا التاريخ فلا يكون للمساهم أو غيره من ذوي الحقوق سوى مجرد حق احتمالي لا يبلغ مرحلة الحق الكامل إلا بصدور قرار الجمعية العمومية بإقرار الميزانية وتعيين القدر الموزع من الأرباح الصافية والمستحق لها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده بالأرباح على الرغم من خلو الأوراق من صدور قرار من الجمعية العامة في هذا الشأن فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع في خصوص ما نقض من الحكم صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في الاستئناف رقم ۲۳ لسنة ۳۹ ق قنا مأمورية الأقصر بتأييد الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من رفض طلبي العلاوات الخاصة والأرباح.
لذلـــــــــــــــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من أحقية المطعون ضده في العلاوات الخاصة والأرباح وتأييده فيما عدا ذلك، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم ٢٣ لسنة ۳۹ ق قنا مأمورية الأقصر -وفي نطاق ما نقض من الحكم– بتأييد الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من رفض طلبي العلاوات الخاصة والأرباح، وألزمت المطعون ضده المناسب من مصروفات الطعن ودرجتي التقاضي والمقاصة في أتعاب المحاماة وأعفته من الرسوم القضائيـة.
أمين الســــــــــــــــــر نائب رئيس المحكمة