“النقض” تعيد محاكمة متهم بقتل طفل بعد هتك عرضه.. والحيثيات تؤكد: إلغاء الإعدام بناء على بطلان المعاينة التصويرية باعتراف المتهم
كتب/ عبدالعال فتحي
أصدرت الدائرة الجنائية الإثنين “د”، بمحكمة النقض، بإلغاء حكم أول درجة بإعدام متهم بقتل طفل بعد خطفه وهتك عرضه، وإعادة محاكمته، مستندة على بطلان المعاينة التصويرية باعتراف المتهم دون محاميه أو انتداب محامي، وذلك طبقا للمادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 6101 لسنة 84 القضائية، برئاسة المستشار رضا محمود القاضي، وعضوية المستشارين محمد عيد، وعاطف خليل، والنجار توفيق، عبد الحميد دياب، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمود شمس، وأمانة سر أشرف سليمان.
الوقائع.. الحكم على متهم بالإعدام لقتله طفل بعد خطفه وهتك عرضه
اتهمت النيابة العامة الطاعن في الجناية رقم 9210 لسنة 2013 قسم أول مدينة نصر، لأنه في الأول من يوليو سنة 2012 بدائرة قسم أول مدينة نصر – محافظة القاهرة – قتل المجنى عليه “حازم.ع”، عمداَ مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله، ونفاذا لمخططه الإجرامي استدرج المجنى عليه إلى مكان غير مؤهول لإقصائه عن أعين الأهالي وما أن ظفر به حتى طوق عنقه بسلك كهربائي، وضغط عليه وبقطعة من الخشب قاصداَ من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته – على النحو المبين بالأوراق – كون المجنى عليه طفلاَ لم يجاوز 15 سنة ميلادية من عمره، وقد تقدمت تلك الجريمة جناية أخرى هي:
1-أنه في ذات الزمان والمكان خطف بطريق التحايل المجنى عليه سالف الذكر بأن استدرجه إلى مكان غير مؤهول لإبعاده عن ذويه مستغلاَ صغر سنه وضعف إدراكه موهماَ إياه بتقديم طائر ليلهو به، وقد اقترنت بهاتين الجنايتين جناية أخرى هي:
أنه في ذات الزمان والمكان هتك عرض المجنى عليه سالف الذكر بأن حسر عنه ملابسه ولامس بعضوه الذكرى دبره حتى آمنى، وسرق بواسطة الطفل عديم الأهلية المبلغ المالى المبين قدره بالتحقيقات والمملوك للمجنى عليه “ع.ه”، وإحراز بغير ترخيص أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص “سلك كهربائى، قطعة خشبية”.
وأحالته النيابة العامة إلى المحكمة الجنائية طبقا للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة، وأدعى والد المجنى عليه مدنياَ، والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الأراء وبجلسة 17 يوليه سنة 2013 إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتى الجمهورية، لإبداء الرأي فيما نسب إلى المتهم وحددت جلسة 16 سبتمبر 2013 للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياَ وبإجماع الأراء عملاَ بالمواد 230، 231، 234/2، 268، 288، 289/4، 318 من قانون العقوبات.
النيابة تجرى المعاينة التصويرية للجريمة مع المتهم دون محاميه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن البين من مطالعة المفردات أن وكيل النيابة المحقق أجرى المعاينة التصويرية، واعترف المتهم في محضرها بقتل المجنى عليه، ومثل كيفية ارتكابه الجريمة، ونصت هذه المعاينة دون أن تنتدب النيابة العامة له محامياَ، ولما كان ما تقدم وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 الصادر في 18 يونيو 2006 والمعمول به اعتباراَ من 15 يوليو 2006 قد نصت: وتنص المادة 124 على:
“لا يجوز للمحقق فى الجنايات وفى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبا، أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذى يثبته المحقق فى المحضر”.
وجاء فى المادة: “وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب فى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، أو يخطر به المحقق، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار، وإذا لم يكن للمتهم محامى، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه، أن يندب له محاميا، وللمحامى أن يثبت فى المحضر ما يعنى له من دفوع أو طلبات أو ملاحظ”.
ما هو الهدف من نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية؟
وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباَ هي وجوب دعوة محاميه أن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة، فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وذلك تضميناَ للمتهم وصوناَ لحرية الدفاع عن نفسه وللتمكن من دعوة محامى المتهم تحقيقاَ لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الاقرار والإعلان ولم يتطلب القانون لهذه الدعوة شكلاَ معيناَ فقد تتم بخطاب أو على يد محضر أو أحد رجال السلطة العامة، وإذا لم يكن للمتهم محامياَ أو لم يحضر محاميه معه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن ينتدب له محامياَ.
لما كان ذلك – وكان البين من المفردات وعلى السياق المار ذكره أن المحكوم عليه لم يكن معه محامياَ وقت إجراء المعاينة التصويرية والثابت بمحضرها اعترافه بقتل المجنى عليه وتمثيله لكيفية ارتكاب الواقعة، كما لم يندب له المحقق محامياَ تطبيقاَ للأثر الفوري للقانون رقم 145 لسنة 2006 وهو ما يترتب عليه بطلان المعاينة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة ضمن ما أستند إليه من أدلة إلى المعاينة التصويرية، فإنه يكون معيباَ بما يبطله ولا تغنى بشأن ما تقدم ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة تكمل بعضها بعضاَ ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو أستبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذى انتهت إليه المحكمة ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
المحكمة تلغى حكم الإعدام لبطلان المعاينة التصويرية باعتراف المتهم دون محاميه أو انتداب محامي
ووفقا لـ”المحكمة” – لا يقدح في ذلك أن المحكوم عليه لم يقدم أسباباَ لطعنه أو مذكرة أو أن مذكرة النيابة العامة لم تشر إلى ما اعتور الحكم من بطلان ذلك بأن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه: “مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراَ حضورياَ بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة رأيها في الحكم، وذلك في الميعاد المبين بالمادة 24 وتحكم المحكمة طبقاَ لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين والثالثة من المادة 39.
وبحسب “المحكمة” – مفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية، وأن تقضى بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذى تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام، وذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة /39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار بيانه.
ولما كان ذلك، وكان البطلان الذى انطوى عليه الحكم والسالف بيانه يندرج تحت الحالة الثانية من المادة /35 التي أحالت إليها الفقرة من المادة /39 وكانت المادة 46 من القانون ذاته قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة، ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة.