«النقض»: تضارب الشاهد في أقواله لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته
كتب/ عبد العال فتحي
أكدت محكمة النقض خلال حكمها في الطعن رقم 11730 لسنة 89 قضائية، أن تضارب الشاهد في أقواله أو تناقض رواياته – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
نص الحكم:
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقــــرر والمرافعة وبعد المداولة قانونــاً.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي هتك عرض المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة كاملة بالقوة ، وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ومخالفة الثابت في الأوراق ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى ، وأركان الجريمتين اللتين دانه بهما ، وأدلة الإدانة ومؤداها ، واستخلص صورة للواقعة استوحاها من أقوال والد المجني عليه على الرغم من كذب أقواله وتناقضها بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة.
وعول على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وأنها جاءت ترديداً لأقوال والد المجني عليه ، واستند إلى أقوال خبير الصم والبكم رغم عدم إجادته تفسير إشارات المجني عليه ، وعول على تقرير الطب الشرعي رغم أنه لم يجزم بارتكاب الطاعن للواقعة ، فضلاً عن تزويره للشواهد التي عددها ، ودانه رغم خلو الأوراق من شاهد رؤية ، وجاءت تحقيقات النيابة العامة قاصرة لعدم قيامها بإجراء معاينة لمكان الواقعة ، ولم يحفل بدفاعه القائم على عدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه.
ولم يعرض لدفاعه القائم على عدم تواجده بمكان الواقعة والذي أيده بأقوال شاهدي النفي والمستندات ، وأغفل الرد على دفاعه ببطلان إجراءات العرض القانوني الذي أجرته النيابة العامة وأثبت أن عمر المجني عليه ثمانية أعوام وشهرين بما لا أصل له في الأوراق ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
أن تضارب الشاهد في أقواله أو تناقض رواياته – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة والأخذ بما ترتاح إليه منها والتعويل في قضائها على قول للشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت قولاً آخر له دون بيان العلة ، إذ يرجع الأمر في ذلك كله إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه.
وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال والد المجني عليه أو محاولة تجريحها على النحو الذي ذهب إليه في طعنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه بطلان عملية التعرف التي أجرتها النيابة العامة ، بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المجني عليه من مواليد ۲6 من يونية سنة 2005 ، وأنه كان يبلغ من العمر وقت حدوث الواقعة ثلاثة عشر عاماً وشهر وستة أيام ، وذلك مما ثبت من قيد ميلاده.
ومن ثم فإنه لا يعيبه من بعد خطئه – في موضع منه – في بيان عمر المجني عليه طالما أنه غير مؤثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها ، وأنه في الحالتين لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره ، لما هو مقرر بأن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .
أميــن الســر نائب رئيس المحكمــة