«النقض» ترفض طعن النيابة على براءة متهمين بجريمة استيلاء.. وتوضح ضوابط تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم

كتب: أشرف زهران

حدد قانون العقوبات ضوابط تطبيق قاعدة الفانون الأصلح للمتهم حيث نصت المادة 5 منه على أنه يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها، ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره.

 

وإذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي آثاره الجنائية، غير أنه في حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها وكان ذلك عن فعل وقع مخالفا لقانون ينهي عن ارتكابه في فترة محددة فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها.

وفي الحكم الذي نحن بصدده طبقت محكمة النقض هذا المبدأ ورفضت طعن النيابة على براءة متهمين بجريمة استيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال مملوكة لجهة عملها والاشتراك في تزوير محرر إحدى شركات المساهمة لانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بين المتهمين والشركة.

الوقائع

النيابة العامة تتهم المطعون ضدهم بجريمة الاشتراك في تزوير محرر إحدى شركات المساهمة

النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال مملوكة لجهة عملها والاشتراك في تزوير محرر إحدى شركات المساهمة ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك أنه عول في قضائه بالبراءة على خروج المال بسند صحيح مغفلاً أنه خرج حيلة وهى الركن المادي للجريمة ورتب على سداد المبلغ المستولى عليه انتفاء الضرر واطرح الحكم أقوال شهود الإثبات وتحريات مباحث الأموال العامة والإقرار المقدم من المطعون ضدهما بارتكاب الواقعة ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .

 

حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف التهمة وعرض لأدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة قضى ببراءة المطعون ضدهما على سند من القول مفاده ” أن المتهمين بعملات الشركة المجنى عليها وهى شركة مساهمة وأن أحد عملاء الشركة دفع عشرين ألف جنيه ثمناً لأحد منتجات الشركة بموجب إيصال صادر من الشركة وأن المطعون ضدهما قاما بسحب المبلغ آنف الذكر برد ذات الإيصال للشركة دون سداد المبلغ للمشترى الذى قام بمطالبة الشركة بالمبلغ وتم تحصيله من المتهمين وسداده له لاحقاً واستند الحكم في القضاء بالبراءة على أن المال وإن كان من أموال الشركة إلا أنه ليس مملوكاً لها لخروجه من ذمتها بموجب إيصال صحيح مبرئ للذمة وأن الواقعة إن صحت أركانها فهي تشكل جريمة خيانة الأمانة والتي تشترط ثبوت نية تملكهما له وهو ما لم يتوافر بالأوراق ورتب على ذلك كله انتفاء أي ضرر للشركة المجنى عليها وهو شرط لازم لوقوع التزوير باعتبار أوراقها عرفية .

 

لما كان ذلك ، وكانت جريمة الاستيلاء على مال عام ( مملوك لإحدى شركات المساهمة ) يتحقق بوجود المال في ملك الجهة آنفة الذكر عنصراً من عناصر ذمتها المالية وذلك إذا آل إليها بسبب صحيح ناقل للملكية وأن تنصرف نية الموظف الجاني وقت الاستيلاء عليه إلى تملكه أو إضاعته على ربه أو تسهيل ذلك لغيره .

 

 

وإذ كان البيّن مما أورده الحكم أن المال المستولى عليه آل إلى الشركة المجنى عليها بسبب صحيح ناقل للملكية ودخل في ذمتها المالية بموجب إيصال السداد المحرر العميل وأن المطعون ضدهما تحايلا للاستيلاء على ذلك المال بتقديم أصل الإيصال وصرف المبلغ واستوليا عليه بنية تملكه وهما من العاملين بتلك الجهة بما تتوافر به أركان جريمة الاستيلاء كما هي معرفة قانوناً ، كما أن البيّن من الحكم المطعون فيه استيلاء المطعون ضدهما على المال المملوك لجهة عملهما مما أصاب الشركة المجنى عليها بإضرار تمثلت في ضياع المال والتزامها برده إلى العميل بما يتحقق به ركن الضرر في جريمة تزوير المحرر العرفي – مستندات الصرف – وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المال خرج بسند صحيح وانتفاء ركن الضرر وقضى ببراءة المطعون ضدهما ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن بنقضه والإعادة إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في العاشر من نوفمبر سنة ٢٠١٤ ببراءة المطعون ضدهما من جريمة الاستيلاء المرتبط بجريمة الاشتراك في تزوير محرر لإحدى شركات المساهمة.

 

 

وكان قد صدر من بعد القرار بقانون رقم ١٦ لسنة ٢٠١٥ في الثاني عشر من مارس سنة ٢٠١٥ بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية ، ونص في مادته الثانية على إضافة المادة ١٨ مكرراً (ب) إلى قانون الإجراءات الجنائية والتي أجازت للمتهم في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ومن بينها جريمة الاستيلاء التي ارتكبها المطعون ضدهما وحدد إجراءات التصالح ورتب على هذا التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ، وكان نص المادة آنفة الذكر يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم وواجب تطبيقه ، ما دامت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه ، لم يفصل فيها بحكم بات ، عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات ، بحسبانه قد قيد حق الدولة في العقاب ، بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم ، ولما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن وكيل الشركة المجنى عليها قرر بتصالح الشركة مع المطعون ضدهما وبراءة ذمتهما تجاه الشركة .

 

لما كان ذلك ، وكان نقض الحكم المطعون فيه وإعادته إلى المحكمة لتقضى فيه بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح يلتقى في النتيجة مع القضاء بالبراءة بما تنتفى معه جدوى النقض والإعادة ، لا يغير من ذلك تنظيم ولا يغير من ذلك أتهام المطعون ضدهما بالاشتراك في تزوير محرر الشركة المجنى عليها إذ إن انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في جريمة الاستيلاء وهى أساس الواقعة بما ينصرف أثره إلى جميع أوصاف الدعوى المرتبطة بها ، بما يتعين معه رفض طعن النيابة العامة .

زر الذهاب إلى الأعلى