«النقض» ترسخ مبدأين قضائيين بشأن تقدير وقائع الدعوى..  والحيثيات تؤكد: المبدأ الأول يتعلق بتعديل وصف الاتهام للمتهم والثاني يتعلق بإمكانية تشديد العقوبة

كتب: عبدالعال فتحي

أصدرت دائرة الاثنين «أ»- بمحكمة النقض – حكماَ في الطعن المقيد برقم 4156 لسنة 87 القضائية، برئاسة المستشار مصطفى محمد، وعضوية المستشارين هشام الشافعي، ونبيل مسعود، وحسين النحلاوي، والدكتور أحمد أبو العينين، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض أحمد عبد الفضيل، وأمانة سر خالد عمر.

رسخت فيه لمبدأين قضائيين بشأن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها، دون تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها، قالت فيه: «الأول يتعلق بتعديل وصف الاتهام للمتهم، حيث أوضحت أنه يتعين على المحكمة حال اكتشاف عدم صحة وصف الاتهام المحال به المتهم، أن ترده إلى الوصف الصحيح، والثاني يتعلق بإمكانية تشديد العقوبة، حيث أكدت أنه لا يجوز للمحكمة تشديد العقوبة على المتهم بأزيد مما قضى به الحكم المطعون».

الوقائع.. المحكمة تقضى بالسجن المشدد 3 سنوات على متهم بالإتجار في المخدرات

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23 مارس سنة 2016 بمحافظة البحيرة، أحرز بقصد الإتجار جوهر الترامادول المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناَ، وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة قضت حضورياَ في 24 من ديسمبر سنة 2017، بمعاقبته بالسجن المشدد 3 سنوات، وتغريمه مبلغ 100 ألف جنية، ومصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية، باعتبار أن الأحراز مجرداَ من القصود المسماة في القانون.

في تلك الأثناء – طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 31 من ديسمبر سنة 2016، فيما نعى الطاعن على الحكم أنه إذ دانه بجريمة إحراز عقار الترامادول المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون، وقد شابه قصور وتناقض في التسبيب، وفساد في الاستدلال، وإخلال بحق الدفاع، ذلك أن أسبابه جاءت قاصرة في بيان الواقعة، وأورد في تحصيله للواقعة وأقوال شاهد الإثبات وفى رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة، وهو الذى قدم المخدر إلى الضابط بعد أن طلب منه شرائه، وخلص إلى توافر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش، ثم انتهى إلى أن الأوراق قد خلت من الدليل اليقيني على توافر قصد الإتجار لديه، وعدلت المحكمة وصف التهمة دون تنبيه الدفاع، والتفتت عن مستندات الطاعن المؤيدة لدفاعه بانتفاء صلته بالمخدر المضبوط، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

لمحكمة النقض تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها

المحكمة في حيثيات الحكم قالت أنه يتعين على المحكمة حال اكتشاف عدم صحة وصف الاتهام المحال به المتهم، أن ترده إلى الوصف الصحيح، كما لا يجوز للمحكمة تشديد العقوبة على المتهم بأزيد مما قضى به الحكم المطعون، وأكدت محكمة النقض على قاعدة قانونية تتعلق باختصاصاتها، حيث أشارت إلى أنه للمحكمة تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها، ولكن ليس عليها تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها، تأسيسا للقاعدة لا يضار الطاعن بطعنه.

ووفقا لـ«المحكمة»- لما كانت واقعات الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه فى بيانها، وفيما أورده من أقوال شاهد الإثبات أن الشاهد انتقل إلى حيث يتواجد الطاعن، على أثر معلومات بإتجاره في المواد المخدرة، وقام بتقديم ورقة مالية له طالبًا شراء مواد مخدرة، فقام الطاعن بإخراج شريط ترامادول المخدر من جيب بنطاله لتقديمه للشاهد الذى قام بإلقاء القبض عليه، فإن ما ورد على هذا النحو إن هي إلا عملية بيع من الطاعن وشراء من الشاهد للمواد المخدرة المضبوطة، لا تحمل سوى وصفًا واحدًا، وهو أن إحراز الطاعن لتلك المواد كان بقصد الإتجار.

لا يجوز للمحكمة تشديد العقوبة على المتهم بأزيد مما قضى به الحكم المطعون

وبحسب «المحكمة»- إذ كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين اعتبر إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان مجردًا من القصود المسماة في القانون ، فإنه يتعين على هذه المحكمة ــــ محكمة النقض ــــ أن ترد ذلك الوصف لقصد الطاعن من إحراز المواد المخدرة المضبوطة الذى اسبغه الحكم المطعون فيه ــــ خطأ ـــــ إلى وصفه الصحيح، وهو الإحراز بقصد الإتجار والمؤثم بنص المادة 34/1 بدلًا من المادة 38/1 من قانون مكافحة المخدرات التي دين الطاعن بموجبها، ولما كان المحكوم عليه هو الطاعن ، فإن المحكمة لا تملك تشديد العقوبة عليه بأزيد مما قضى به الحكم المطعون فيه

لما كان الشارع بموجب نص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لم ينهى هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ عن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها، وإنما نهاها فقط عن تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها، حتى لا يضار طاعن بطعنه، بل إن القانون وقد فرض على محكمة الموضوع إضفاء الوصف الصحيح على واقعات الدعوى، فإنه فرض على محكمة النقض أن تراقب صحة إضفاء تلك المحكمة ــــ محكمة الموضوع ـــــ للوصف الصحيح على الواقعة، ولا سبيل عليها في ذلك، وإنما السبيل عليها إن هي جاوزت مقدار العقوبة المقضي بها من محكمة الموضوع.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى