«النقض» تبرئ متهمًا بعد الحكم عليه بالإعدام.. وتؤكد الاعتراف يكون باطلًا حال صدوره وليد قبض باطل وإكراه مادي ومعنوي

قضت محكمة النقض ببراءة متهمين حكم عليهما بالإعدام،  وأكدت في حيثيات الحكم أن: «المحكمة لا تطمئن إلي الاعتراف المعزو للمتهمين لكونه كان وليد إكراهاً فضلاً عما سبقه من إجراءات باطلة».

وأكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن المقيد برقم 13136 لسنة 2003، وبجدول المحكمة برقم 23136 لسنة 72 قضائية، أن الشرعية الإجرائية سواء ما اتصل منها بحيدة المحقق أو بكفالة الحرية الشخصية والكرامة البشرية للمتهم ومراعاة حقوق الدفاع جميعها ثوابت قانونية أعلاها الدستور والقانون.

وتابعت: «وحرص على حمايتها القضاء ليس فقط لمصلحة خاصة بالمتهم، وإنما بحسبانها في المقام الأول تستهدف مصلحة عامة تتمثل فى حماية قرينة البراءة، وتوفير اطمئنان الناس إلى عدالة القضاء، من أجل ذلك نص الدستور على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة ولا تمس، وفيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع».

اتهمت النيابة العامة كل من «عادل محمود بشتا، وجرجس عيد عطية»، لأنهما في ليلة 6 مايو 1996 بدائرة قسم الوراق- محافظة الجيزة – قتلا عمداَ عبد الصادق أبو بكر مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله، بأن توجها بمخزنه وما أن ظفرا به حتى عاجله الأول بقطعة حديد استقرت في رأسه، بينما لف الثاني سلكاَ نحاسياَ حول رقبته قاصدين من ذلك قتله، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، كما سرقا المبلغ النقدي المبين بالتحقيقات.

محكمة جنايات الجيزة، قررت بجلسة 17 من مارس سنة 1999 بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة المفتى لإبداء الرأي فيها، وحددت جلسة 18 من إبريل سنة للنطق 1999 بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياَ بإجماع الآراء عملاَ بالمواد 230، 231، 317/ 2،4،5 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 17، 32 من ذات القانون أولاَ وبإجماع الآراء بمعاقبة عادل ممدوح بشتا شنقاَ بالإعدام، ثانياَ: بمعاقبة جرجس عيد عطية بالأشغال الشاقة المؤبدة.

طعن المحكوم عليه الأول عادل ممدوح بشتا في هذا الحكم بطريق النقض، وقيدت بجداولها برقم 16465 لسنة 1999، كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها ومحكمة النقض قضت بجلسة 13 من إبريل سنة 2000، أولاَ: بقبول عرض النيابة العامة للقضية، ثانياَ: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاَ وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الأخر، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.

محكمة الإعادة قضت بجلسة 27 من إبريل سنة 2002 بهيئة مغايرة أولا: بإجماع الآراء بالإعدام شنقاَ للأول، بينما للمتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة، فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض – للمرة الثانية – في 8 من مايو سنة 2002، وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن الأولى في 22 من يونيه سنة 2002 موقعاَ عليها من الأستاذ إبراهيم صالح والثانية في 24 من الشهر ذاته موقعاَ عليها من الأستاذ عاطف حنا المحامى، وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي موقعاَ عليها من رئيس بها، ومحكمة النقض قضت بجلسة 2 من مارس سنة 2003 بقبول من عرض النيابة العامة وطعن المحكوم عليه شكلاَ وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الأخر وتجديد جلسة 4 مارس 2003 انظر الموضوع وعلى النيابة العامة إحضار المتهمين من السجن.

وبجلسة المحاكمة أرفقت النيابة العامة بالإتهام قائمة بأدلة الثبوت ركنت فيها إلى شهادة الرائد عهدي شكري محمد، رئيس مباحث قسم الوراق من أن تحرياته دلت على وجود خلافات سابقة بين المتهمين والمجني عليه بسبب نشوء علاقة غير شرعية بين المتهم الأول وزوجة المجني عليه وسابقة اتهام الأخير للمتهم الثاني بالسرقة، فأتفق المتهمان وعقدا العزم وبيتا النية على قتله إلى أخر ما تم ذكره، فضلاَ عن شهادة الشهود واعتراف المتهمين.

محكمة النقض قالت أن مجريات الإبلاغ والتحقيق في الدعوى حسبما استقر في يقين المحكمة من ضمن أوراقها أن شقيق المتهم وهو محام أرسل للسيد المحامى العام لنيابة شمال الجيزة يوم 6/5/1996 الساعة 20 ما يقرب من 17 برقية يبلغه فيها أن مباحث قسم الوراق قبضت على شقيقه – المتهم الأول – وزوجته نبيلة سق وجيد صباح ذلك اليوم وتحتجزهما وتعذبهما وتكرههما على الاعتراف بجريمة لم يرتكبوها، كما أن المتهم الثاني قرر بالتحقيقات أنه قبض عليه مساء 6/5/1996، وقرر محاكم كل من المتهمين بتحقيقات النيابة أنهما تعرضا للضرب والتعذيب بقسم الشرطة وأنهما اكرها أمام الضابط، وطلبا توقيع الكشف الطبي عليهما.

وفقا لـ«المحكمة- لما كان ذلك – وكانت الشرعية الإجرائية سواء ما اتصل منها بحيدة المحقق أو بكفالة الحرية الشخصية والكرامة البشرية للمتهم ومراعاة حقوق الدفاع جميعها ثوابت قانونية أعلاها الدستور والقانون وحرص على حمايتها القضاء ليس فقط لمصلحة خاصة بالمتهم، وإنما بحسبانها في المقام الأول تستهدف مصلحة عامة تتمثل فى حماية قرينة البراءة، وتوفير اطمئنان الناس إلى عدالة القضاء، من أجل ذلك نص الدستور على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة ولا تمس، وفيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع.

ولما كان ذلك – وكان إسناد الاتهام في الدعوى قائم على الدليل القولي وهو اعتراف المتهمين أمام الشرطة واعتراف المتهم الثاني أمام تحقيقات النيابة، وقد نعى الدفاع ببطلان هذا الاعتراف لصدوره وليد قبض باطل وإكراه مادي ومعنوي، وإذ تطمئن المحكمة إلى هذا البطلان لما أوردته عن مسار التحقيق بدأ بالقبض على المتهمين يوم 6/5/1996 قبل صدور الإذن بذلك من النيابة العامة بأكثر من 24 ساعة على وأن «المحكمة لا تطمئن إلي الإعتراف المعزو للمتهمين لكونه كان وليد إكراهاً فضلاً عما سبقه من اجراءات باطلة».

الحكم

ولهذه الأسباب قضت محكمة النقض ببراءة المتهمين مما أسند إليهما من اتهامات .

زر الذهاب إلى الأعلى