«النقض»: النص القانوني المقضي بعدم دستورية يعتبر منعدمًا منذ صدوره ولا يجوز تطبيقه

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 3859 لسنة 77، أن مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات الإدارية والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب.

وتابعت: «مؤدى القضاء بعدم دستورية نص في القانون اعتباره منعدمًا منذ صدوره وعدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء ذاتها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى وقضى بذلك ضمنًا باختصاص القضاء العادي بنظرها فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه».

الطعن رقم 3859 لسنة 77 بتاريخ 02/08/2022
نص الحكم :

باسم الشعب

محكمــة النقــض

الدائرة التجارية والاقتصادية

ــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيـد القاضـى/ نبيــــــــــــــــــــل عمـــــــران نائــــــــب رئيس المحكمة

وعضوية السـادة القضاة/ د. مصطفى سالمان صــــــــــــــلاح عصمــــــــــت

د. محمـــــــــــد رجــــــاء نـــواب رئيس المحكمــــة

وخالد عبد العزيز

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ محمد نبيل.

والسيد أمين السر/ خالد وجيه.

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بالقاهرة.

فى يوم الثلاثاء 7 من رجب سنة 1443هـ الموافق 8 من فبراير سنة 2022م.

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 3859 لسنة 77 قضائية.

المرفوع من

السيد/ وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب.

ويعلن بهيئة قضايا الدولة بمقرها الكائن بمبنى مجمع التحرير – قسم قصر النيل – محافظة القاهرة.

حضر عنه المستشار/ محمد مصطفى شلوف.

ضـــد

السيد/ منصور زعفان همام.

ويعلن بخراطة الشيخ مبارك – الزهراء – مصر القديمة – محافظة القاهرة.

لم يحضر عنه أحد.

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/ خالد عبد العزيز والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته وآخرين بصفاتهم غير مختصمين فى الطعن بالنقض الدعوى رقم 2482 لسنة 2004 ضرائب كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلغاء المحاسبة عن نشاط الخضار والفاكهة عن سنتى النزاع واحتياطيًا ندب خبير لتقدير أرباحه الحقيقية عن هاتين السنتين. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بانقضاء الدعوى الضريبية. استأنف الطاعن بصفته والآخرين بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1650 لسنة 123ق لدى محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 27/12/2006 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه للسبب المبدَى منها، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم – إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وأن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمنى فى مسألة الاختصاص الولائى المتعلقة بالنظام العام، وكان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظره والفصل فيه باعتبار أن التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى موضوعه.

وكانت عبارة النص – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تدل على حكم فى واقعة اقتضته، ووجدت واقعة أخرى مساوية لها فى علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة فى غير حاجة إلى اجتهاد أو رأى، فإنه يفهم من ذلك أن النص يتناول الواقعتين وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما فى العلة، سواء كان مساويًا أو أولى، ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فى قضائها الصادر بتاريخ 25 من يوليو سنة 2015 المنشور فى الجريدة الرسمية [العدد 31 مكرر-ج] بتاريخ الثانى من أغسطس سنة 2015 – إلى عدم دستورية نص المادة 123 من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 – التى نظمت طريق الطعن فى قرار اللجنة ثم فى الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية فيه، والمقابلة للمادة 161 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون الملغى رقم 157 لسنة 1981 – وسقوط عبارة أمام المحكمة الابتدائية الواردة بعَجُز الفقرة الثانية من المادة 122 من القانون ذاته والتى تقابل المادة 160 من القانون الملغى بأنه [لا يمنع الطعن فى قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية من تحصيل الضريبة].

وقد أسست قضاءها على ما أوردته بمدونات حكمها من أسباب مرتبطة بمنطوقه أنه [كان المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم منذ إصداره القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة حتى صدور القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأنه مؤكدًا بنص المادة العاشرة منه فى بندها السادس الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى دون غيرها بالفصل فى تلك الطعون وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام تلك المحاكم، ولا وجه للاحتجاج بأن هذا البند السادس جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمام محاكمه، كما أن التراخى فى سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه أو فى تضمين قانون الضرائب تلك القواعد لا يعُد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة].

وليس من قيد على مباشرة المشرع سلطته فى تنظيم حق التقاضى إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغى التزامها فلم يستلزم صدور هذا القانون.

ولما كان المقرر أن مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب، وكان مؤدى القضاء بعدم دستورية نص فى القانون اعتباره منعدمًا منذ صدوره وعدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء ذاتها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل فى موضوع الدعوى وقضى بذلك ضمنًا باختصاص القضاء العادى بنظرها فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.

ولِما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة المختصة بنظرها طبقًا لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض الصادر بتاريخ 24 من يونيو سنة 2014 فى الطعن رقم 2050 لسنة 74ق هيئة عامة.

لـذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وحكمت فى الاستئناف رقم 1650 لسنة 123ق استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة لنظرها، وأبقت الفصل فى المصروفات.

أمين السر نائب رئيس المحكمة

زر الذهاب إلى الأعلى