«النقض»: القانون لم يقيد القاضي بنوع معين من الشهود
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 20521 لسنة 89 قضائية، أن القانون لم يقيد القاضي بنوع معين من الشهود ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من الأسباب التي قد تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة فإذا اسمعت المحكمة شاهداً على متهم في جناية وكان هذا الشاهد متهماً في ذات الجناية بتهم أخرى فلا تثريب عليها في ذلك طالما أن تقدير قيمة الشهادة متروك دائماً لمحكمة الموضوع تراعي الظروف التي أبديت فيها الشهادة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعي – بمذكرتي أسباب طعنه – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم استعراض القوة واستخدام العنف وترتب عليها جرائم الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري مششخن بندقية آلية وذخيرته بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه جاء في عبارات مجملة ومبهمة ، ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ومؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة في صورة وافية ، وخلا من الأسباب الكافية لحمل قضائه بالإدانة ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابه للواقعة ومستنداً في قضائه إلى فروض وقرائن ظنية لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت هذه الجرائم في حقه لا سيما وأن أوراق الدعوى خلت من شاهد رؤية.
ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي وتوافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن ، كما لم يدلل على توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين على ارتكاب الجرائم التي دان بها ، ولم يبين الأفعال التي أتاها كل منهم ، ودوره في ارتكابها ، وأنها وقعت نتيجة لتوافقهم لا اتفاقهم على ارتكابها ، لا سيما وأنه لا يوجد دافع لارتكابه الجرائم المسندة إليه وعدم معرفته للمجني عليهم أو وجود خلافات بينهم ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه / ….. الشاهد الثاني وهي لا تصلح لكونه متهم بذات الجناية.
وعلى أقوال ….. الشاهدة الثالثة رغم اختلاف رويتها بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات عما قررته بجلسة المحاكمة ، وتناقض أقوال الشهود ورغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وأنها لا تعدو خلاف على أولوية المرور ومشاجرة بين الطرفين ، وملتفتاً عن دفعه في هذا الصدد ، كما عول على أقوال الضابط / ….. رغم انحصار دوره على ضبط الطاعن ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها لشواهد عددها ، كما عول على تقرير الطب الشرعي رغم تناقضه مع الدليل القولي ودون أن تعن المحكمة برفع هذا التناقض ، فضلاً عن أنه أثبت أن المجني عليه مصاب بطلقة نارية تعذر تحديد نوعها ولم يجزم بمسئولية الطاعن عن الوفاة وجاءت نتيجته افتراضية.
والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعن بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وأن الواقعة في حقيقتها مجرد جنحة قتل خطأ المؤثمة بالمادة ٢٣٨ من قانون العقوبات ، وعدم تواجد الطاعن على مسرح الجريمة، وانقطاع صلته بها ، واستحالة حدوثها بدلالة مرضه الذي يعجزه عن الاشتراك في الواقعة ، وكيدية الاتهام وتلفيقه ، ملتفته عن ما قدمه من مستندات ، هذا وقد شاب تحقيقات النيابة قصوراً لعدم إجراء الشرطة والنيابة معاينة لمكان الحادث وعدم ضبط الدراجة محل الاتلاف ومعاينة آثار الأعيرة النارية بها وعدم توجيه اتهام لطرفي المشاجرة ، وأخيراً دان الحكم الطاعن بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن بندقية آلية بغير ترخيص رغم عدم ضبطه وفحصه فنياً ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، والتدليل على ثبوتها في حقه بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له.
كما أنه من المقرر أن القانون لم يقيد القاضي بنوع معين من الشهود ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من الأسباب التي قد تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة فإذا اسمعت المحكمة شاهداً على متهم في جناية وكان هذا الشاهد متهماً في ذات الجناية بتهم أخرى فلا تثريب عليها في ذلك طالما أن تقدير قيمة الشهادة متروك دائماً لمحكمة الموضوع تراعي الظروف التي أبديت فيها الشهادة.
ما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل توقيع عقوبة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب تصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ، إلا أنه لما كان الطعن مقدم من الطاعن وحده دون النيابة العامة فإنه يمتنع على هذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : – بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه