«النقض»: الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعون أرقام 352، 508، 512 لسنة 73 القضائية، أن مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه، ويعتبر كأن لم يكن، فيسترد كل متعاقد ما قدم للآخر .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة الطاعنة فى الطعن رقم 508 لسنة 73 ق أقامت على المطعون ضدهم الأربعة الأول فى هذا الطعن الدعويين رقمى … ، …. لسنة …. شمال الجيزة الابتدائية طلبت فى الأولى فسخ عقد البيع المؤرخ17/ 5/ 1995المتضمن بيع الشركة المطعون ضدها الأولى لها نصف العقارات المبينة فى الصحيفة وبحل شركة المحاصة بينهما التى تضمنها عقد البيع وبرد المبلغ الذى صرفته من البنك وقدره2500000جنيه وكذا الشيكات المحررة بالثمن وإلزامها بمبلغ3000000 جنيه تعويضاً عما أصابها من أضرار وبإلغاء خطاب الضمان رقم….. الصادر من البنك المطعون ضده الثالث لصالح البنك المطعون ضده الثانى.
وطلبت فى موضوع الدعوى الثانية الحكم بصفة مستعجلة بوقف تسييل وصرف خطاب الضمان رقم ……. سالف البيان وبعدم نفاذه وإلزام المطعون ضده الأول برد هذا الخطاب وذلك على سند من أنه بموجب عقد بيع وتكوين شركة محاصة مؤرخ 17/ 5/ 1995 باعت لها الشركة المطعون ضدها الأولى حصة قدرها النصف فى العقارات المبينة بالعقد وصحيفة الدعوى مقابل مبلغ وقدره ثمانية ملايين من الجنيهات دفع منه مبلغ 2500000 جنيه بموجب شيكات مسحوبة على البنك المطعون ضده الثالث كما قدمت خطاب ضمان رقم …. لسنة ….. بمبلغ ثلاثة ملايين من الجنيهات صادر من المطعون ضده الثالث لصالح البنك المطعون ضده الثانى ضماناً لصرف شيك بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه على النحو المتفق عليه فى العقد إلا أن الشركة المطعون ضدها الأولى أخلت بالتزامها.
وباعت العقارات محل عقد البيع للمطعون ضده الرابع بصفته وقام الأخير ببيعها لآخرين فأقامت دعواها وأدخلت فيها المطعون ضده الخامس ، كما أقام المطعون ضده الثانى “بنك ….” دعوى فرعية على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الأول والثالث طالباً الحكم بتسييل خطاب الضمان رقم …. لسنة …. وادعت أيضاً الشركة المطعون ضدها الأولى فرعى ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى لها مبلغ مليونى جنيه ، ضمت المحكمة الدعويين وحكمت فى الأولى رقم ….. بعدم قبول الدعوى الأصلية لرفعها من غير ذى صفة وفى الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الثالث “المصرف …..” بتسييل خطاب الضمان رقم …. لسنة …. وأداء قيمته للمطعون ضده الثانى بصفته “بنك …….”.
وحكمت فى الدعوى الثانية رقم ….. بإثبات تفاسخ الشركة الطاعنة “شركة … للتجارة” والشركة المطعون ضدها الأولى ” شركة … ” على عقد البيع الابتدائى وشركة المحاصة المؤرخ 17/ 5/ 1995 وبإلزام الأخيرة بأن تدفع للأولى “الطاعنة” مبلغ 2500000 جنيه قيمة الشيكات التى قامت بصرفها كجزء من ثمن الصفقة وبأن ترد لها باقى الشيكات التى لم يتم صرفها وبرفض طلب التعويض وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة بالنسبة لباقى الطلبات ، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ……… لسنة …….. ق القاهرة ، كما استأنفه البنك المطعون ضده الثالث “المصرف ….” بالاستئناف رقم ….. لسنة ….. ق القاهرة كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الأولى ” شركة ……. ” بالاستئناف رقم …… لسنة ….. ق القاهرة ، ضمت المحكمة الاستئنافات وبتاريخ 19/ 3/ 2003 قضت برفضها وتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة فى الطعن رقم 508 لسنة 73 ق ” شركة …… ” فى هذا الحكم بطريق النقض ، كما طعنت عليه أيضاً بطريق النقض ” شركة …… ” بالطعن رقم 512 لسنة 73 ق وطعن عليه أيضاً بطريق النقض “المصرف …….” بالطعن رقم 352 لسنة 73 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن رقم 512 لسنة 73 ق وفى الطعنين رقمى 532، 508 لسنة 73 ق بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرضت هذه الطعون على المحكمة فى غرفة مشورة أمرت بضمها وحددت جلسة لنظرها وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز أن يختصم فى الطعن إلا من كان خصماً فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه وأن الخصم الذى لم يقض له أو عليه بشيء لا يكون خصماً حقيقى ولا يقبل اختصامه فى الطعن. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهما الرابع والخامس لم يقض لهما أو عليهما بشيء ولم تتعلق الأسباب الواردة بالطعون الثلاثة بهما ومن ثم لا يكون أىُّ منهما خصماً حقيقى فى الدعوى ويكون اختصامهما فى الطعون الثلاثة غير مقبول .
وحيث إن الطعون الثلاثة استوفت الأوضاع الشكلية .
أولاً: الطعن رقم 508 لسنة 73 ق:
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع فى خمسة أسباب حاصل ما تنعاه بالسبب الأول والثانى والشق الأول من السبب الثالث والسببين الرابع والخامس منها أن خطاب الضمان رقم ….. لسنة ….. صدر من المطعون ضده الثالث لصالح المطعون ضده الثانى ضماناً لصرف مبلغ ثلاثة ملايين جنيه قيمة الشيك المقدم كجزء من ثمن البيع فى العقد المؤرخ 17/ 5/ 1995 وأن هذا الخطاب تضمن وفقاً للظاهر من عباراته أن استحقاقه معلق على شرط وفاء المطعون ضده الأول بالتزاماته الناشئة عن العقد سالف البيان.
إلا أن الأخير قد أخل بتلك الالتزامات وقام ببيع الوحدات السكنية محل العقد المؤرخ 17/ 5/ 1995 إلى المطعون ضده الرابع بالعقد المؤرخ 16/ 7/ 1995 بما يترتب عليه انفساخ العقد الأول لاستحالة تنفيذه وصيرورة خطاب الضمان غير مستحق التسييل والصرف لعدم تحقق الشرط الذى صدر ضماناً له ولا ينال من ذلك استبدال خطاب الضمان رقم …….. لسنة ……. بخطاب الضمان الأول ذلك أن خطاب الضمان الجديد ليس مستقلاً عن سابقه لصدوره بذات القيمة ومسحوباً على ذات البنك “المطعون ضده الثالث” بتاريخ 31/ 10/ 1996 .
فإذا كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وحجب نفسه عن بحث دفاع الطاعن بشأن عدم استحقاق صرف خطاب الضمان لتعلقه بشرط نفاذ البيع والذى لم يتحقق، ولم يفطن إلى ما بين خطابى الضمان رقمى ……، ….. لسنة …. من ارتباط منتهى إلى أنه لا يجوز للبنك الامتناع عن الوفاء بقيمة خطاب الضمان لسبب يرجع إلى علاقته بالعميل الآمر واعتبار خطاب الضمان رقم …. لسنة …. غير مشروط ورتب على ذلك انتفاء صفة الطاعنة فى المطالبة بوقف تسييله فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أن خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذى صدر خطاب الضمان لصالحه هى علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل إذ يلتزم البنك بمقتضى خطاب الضمان وبمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد بالوفاء بالمبلغ الذى يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له يحكمه خطاب الضمان ما دام هو فى نطاق التزام البنك الذى تحدده العبارات والشروط الواردة فى الخطاب وحدها ، كما أن البنك مصدر الخطاب لا يعتبر وكيلاً عن العميل فى الوفاء للمستفيد بقيمة خطاب الضمان ، ذلك أن التزام البنك فى هذا الشأن التزام أصيل ويكون على المدين عميل البنك أن يبدأ هو بالشكوى إلى القضاء إذا قدر أنه غير مدين للمستفيد أو أن مديونيته لا تبرر ما حصل عليه المستفيد من البنك .
لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن خطاب الضمان رقم ….. لسنة ….. بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه قد تضمن أنه “ضمان لكتابة العقد النهائى وإصدار توكيل رسمى عام غير قابل للإلغاء إلا بموافقة الطرفين” ثم وبناء على خطاب المطعون ضده الثالث “المصرف …..” الموجه للمطعون ضده الثانى “بنك ……..” تعدل الغرض من خطاب الضمان ليصبح ضماناً لصرف الشيك رقم….. بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه استحقاق 31/ 10/ 1995 مع بقاء كافة شروط خطاب الضمان كما هى ثم بتاريخ 3/ 10/ 1995 تعدل تاريخ استحقاق خطاب الضمان بناء على طلب الطاعنة ثم مُد أجل خطاب الضمان لتاريخ 31/ 10/ 1996 ثم تم تحرير شيك جديد برقم….. حق 31/ 10/ 1996 بدلاً من الشيك رقم ….. حق 31/10/1995مع الاحتفاظ بباقى الشروط كما هى إلا أنه بمقتضى الخطاب المؤرخ 25/ 10/ 1995 أخطر المطعون ضده الثانى “بنك …..” المطعون ضده الثالث “المصرف ….” بأنه لا مانع لديه من مد أجل خطاب الضمان رقم …. لسنة …… ليصبح حق30/ 4/ 1996 بدلاً من31/ 10/ 1995 بشرط موافاته بخطاب يتعهد فيه المصرف بدفع مبلغ ثلاثة ملايين جنيه فى30/ 4/ 1996 لأمر بنك ….
وذلك بصفة نهائية لا رجوع فيها وقد وقع الممثل القانونى للشركة الطاعنة “شركة …. للتجارة العامة” على هذا الخطاب بما يفيد موافقتها وبتاريخ 29/ 10/ 1995 أخطر المطعون ضده الثالث “المصرف …..” المطعون ضده الثانى “بنك …..” بالتعديلات التى سوف تجرى على خطاب الضمان والتى تتضمن إضافة “(1) نضمن نحن المصرف ….. فرع ….. ضماناً نهائى لا رجوع فيه بدفع كامل قيمة خطاب الضمان النهائى بعاليه فى 30/ 4/ 1996وليس قبل هذا التاريخ. (2) يسلم أصل الشيك رقم….. حق 31/ 10/ 1995 لمندوب متعاملنا السيد/ ….. وذلك شرطاً لنفاذ الضمان الصادر منا. (3)
إلغاء خطابنا الصادر بتاريخ 3/ 10/ 1995 وإعادة أصل الخطاب إلينا، والخطاب مذيل بعبارة “مع بقاء كافة شروط الخطاب الأخرى دون تعديل”. إلا أنه وبتاريخ 30/ 10/ 1995 أصدر المطعون ضده الثالث “المصرف …..” والموقع على الخطاب المؤرخ 29/ 10/ 1995 خطاب الضمان الجديد رقم ….. لسنة ….. تضمن الآتي: السادة بنك ….. نتشرف بأن نضمن بموجب كتابنا هذا شركة …. للتجارة العامة “الطاعنة” فى حدود مبلغ ثلاثة ملايين جنيه بخصوص عملية ضمان لجزء من التسهيلات الممنوحة لشركة ……طرفكم …. ونتعهد بأن ندفع لكم أية مبلغ فى الحدود سالفة الذكر عند أول طلب منكم ودون الالتفات إلى أية معارضة كانت مقابل إعادة الخطاب إلينا … وليس قبل تاريخ ثلاثين من إبريل 1996 .
لما كان ذلك , وكان خطاب الضمان سالف البيان قد تضمن تعهداً نهائى بدفع قيمة خطاب الضمان وهى مبلغ ثلاثة ملايين جنيه عند أول طلب من المستفيد دون الالتفات إلى أية معارضة وخلا الخطاب مما يفيد تعلقه بنفاذ البيع محل العقد المؤرخ 17/ 5/ 1995 أو تحفظات بشأن شروط خطاب الضمان الملغى رقم …. لسنة ….. فإن ذلك يجعل خطاب الضمان سالف البيان رقم ….. لسنة….. خطاباً للضمان غير مشروط تتحدد العلاقة بشأنه بين مصدره والمستفيد منه دون العميل الآمر بإصداره ويكون الالتزام الوارد به التزاماً أصيلاً على عاتق المطعون ضده الثالث مصدر الخطاب لصالح المطعون ضده الثانى المستفيد وبذلك تنحسر عن تلك العلاقة أية صفة للشركة الطاعنة الآمرة بإصدار خطاب الضمان .
لما كان ذلك ، وكان المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع سلطة تفسير صيغ العقود والشروط المختُلف عليها ، بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفى استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ما دامت تلك الصيغ والشروط تحتمل المعنى الذى حصلته فضلاً عما لها من سلطة فى استخلاص توفر الصفة فى الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن خطاب الضمان رقم…… لسنة ….. أساس الدعوى والذى ألغى بموجبه خطاب الضمان السابق رقم…… لسنة….. هو خطاب غير مشروط تنحصر الالتزامات الناشئة عنه بين طرفيه وهما المطعون ضده الثالث والمطعون ضده الثانى بما لا تكون معه ثمة صفة للشركة الطاعنة فى طلب وقف تسييله وصرفه فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعى عليه فى هذا الصدد قد جاء على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالشق الثانى من السبب الثالث الإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن المطعون ضده الأول مستتراً وراء المطعون ضده الثانى يسعى بطريق الغش إلى تسييل خطاب الضمان وهو ما يستوجب تجميد هذا الخطاب ووقف صرفه إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً ورداً حال أنه دفاع جوهرى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرى فى الدعوى بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أنه إذا قُدم دفاع أمام محكمة الموضوع فلم تتعرض له صراحة فى حكمها ولكن كان يستفاد من بيانات هذا الحكم أن المحكمة قضت ضمناً برفضه فليس ذلك مما يعاب على الحكم .
لما كان ذلك ، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من حصول تفاسخ بين الطاعن والمطعون ضده الأول عن العقد المؤرخ 17/ 5/ 1995 لما تضمنته صورة هذا العقد والمقدمة بالأوراق من إقرار الشركة الطاعنة باعتبار العقد لاغى ولا أثر له ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن دفاع الطاعنة فى هذا الشأن والذى يرمى بالغش تصرف المطعون ضده الأول فى عقد البيع المؤرخ 17/ 5/ 1995 إذ إن فيما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن ، رفضاً ضمنى لهذا الدفاع ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن قد جاء على غير أساس متعيناً رفضه .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
ثانياً: الطعن رقم 352 لسنة 73ق:
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه طبق المادتين 355 و358 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 حين أن النزاع بخصوص عقد مؤرخ 17/5/1995وخطاب الضمان رقم….. لسنة….. الصادر تجديداً للخطاب رقم….. لسنة …… وهى جميعاً قد صدرت فى تواريخ سابقة على إعمال القانون سالف البيان إضافة إلى أن رد الحكم المطعون فيه على ما ورد بالاستئنافين رقمي….. ، ….. لسنة…. قد جاء فى عبارات عامة وغير واضحة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أنه ولئن كان قانون التجارة الملغى قد خلا من تنظيم بشأن خطابات الضمان إلا أن المستقر عليه فى ظل العمل به هو ما ضمنه قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 للمواد من 355 إلى360 فى شأن خطابات الضمان. لما كان ذلك ، فإن ما ينعاه الطاعن من خطأ الحكم المطعون فيه إذ استند فى قضائه إلى نصوص قانون التجارة الجديد فى شأن خطابات الضمان حال أن خطاب الضمان محل النزاع سابق على تاريخ العمل بالقانون الجديد ، لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية لا تصلح لتعييب الحكم ويكون النعى فى هذا الخصوص غير مقبول .
كما أن ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه رده فى عبارات “موجزة ” على موضوع الاستئنافين رقمي…. و ……لسنة …… دون أن يبين فى سبب النعى وجه القصور الذى يعزوه إلى الحكم المطعون فيه وفى ى موضع منه بما يجعل نعيه فى هذا الشق مجهلاً ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة أول درجة ومحكمة ثان درجة بدفاع حاصله أن هناك ارتباطاً بين خطابى الضمان رقمى ….. لسنة….. و…… لسنة…… وأنهما كانا مرتبطين بعقد البيع المؤرخ 17/ 5/ 1995 وأن خطاب الضمان الأخير قد صدر امتداداً للأول ومشروطاً مثله كما أن المحكمة لم تتعرض لطلبات الطاعن ودفاعه الواردين بالمذكرات المقدمة بجلسة 22/ 12/ 2002 والإعلان الموجه لبنك ….. من المطعون ضده الثانى “شركة …… للتجارة العامة” لتقديم ما تحت يده من مستندات تفيد الارتباط بين خطابى الضمان وكونها كفالة مصرفية يتبع فى شأنها أحكام القانون المدنى إلا أن المحكمة لم تبين فى أسباب حكمها ما يدل على تمحيص هذا الدفاع والرد عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ، ذلك أن المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتفسير الاتفاقات والمحررات للوقوف على حقيقة القصد منها متى كان تفسيرها بما تحتمله عباراتها ، وفى تقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وهى فى ذلك غير ملزمة بالرد استقلالاً على كل دفاع لخصم طالما أن الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها فيها الرد المسقط له .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى – على النحو المبين فى الرد على أسباب الطعن 508 لسنة 73 ق المرتبط بهذا الطعن – أن الخطاب رقم ….. لسنة …… هو خطاب ضمان توفرت له شرائطه وهو خطاب ضمان غير مشروط وكان هذا التفسير له أصله الثابت بالأوراق ولا يتضمن خروجاً على مدلول عبارات الخطاب سالف البيان ويدخل فى نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة فى تفسير مدلول عبارات المحرر المتنازع عليه ومن ثم فإن النعى عليه بسببى الطعن لا يعدو كونه جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تخرج عن نطاق رقابة محكمة النقض بما لا يجوز معه إثارته أمامها ويكون النعى بذلك غير مقبول .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
ثالثاً: الطعن رقم 512 لسنة 73ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول إن مؤدى الفسخ الاتفاقى للعقد المؤرخ 17/ 5/ 1995 بينها وبين المطعون ضده الأول أن كل طرف قد تسلم حقوقه لأنه لا يتصور أن يوقع المطعون ضده الأول على عقد تفاسخ دون أن يكون هناك تسوية كاملة وشاملة للموضوع برمته إلا أن الحكم المطعون فيه قد واجه هذا الدفاع بكونه قولاً مرسلاً وأيد قضاء الحكم الابتدائى بإلزامه برد مبلغ 2500000 جنيه ورد باقى الشيكات المحررة بالثمن والتى لم يتم صرفها إلى المطعون ضده الأول رغم أن مؤدى الفسخ الرضائى بينهما أنه قد حصل على كافة حقوقه الناشئة على العقد قبل رفع الدعوى بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أنه ولئن كان المقرر – بقضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص الماد 160 من القانون المدنى أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعى منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن فيسترد كل متعاقد ما قدم للآخر إلا أن المشرع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن فى المواعيد التى حددها القانون .
لما كان ذلك ، وكانت محكمة الاستئناف بما لها من سلطة فى تفسير العقود وتحصيل فهم الواقع فى الدعوى قد انتهت إلى التزام الطاعنة برد مبلغ 2500000 جنيه ورد ما لم يتم صرفه من الشيكات التى تسلمتها الطاعنة وفق ما هو ثابت بعقد البيع المؤرخ 17/ 5/ 1995 وكانت الأوراق قد جاءت خلواً مما يفيد استلام المطعون ضده الأول لتلك الأموال خاصة وأن التفاسخ وإن كان يفيد رجوع كلا المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد إلا أنه لا يدل بذاته على أن كلاًّ من طرفيه قد استرد ما قدمه للآخر بموجب العقد الذى تم التفاسخ عنه إلا إذا نص فيه صراحة على ذلك أو ثبت بمستند آخر فإن خلا العقد مما يفيد ذلك ولم يكن هناك سند آخر مثبت له فعلى من يدعى ذلك إثباته .
لما كان ذلك ، وكان العقد المشار إليه قد خلا من بيان تخالص أطرافه عن حقوقهم الناشئة عنه ولم تقدم الطاعنة دليلاً مثبتاً للتخالص عن الحقوق الناشئة عن العقد المتفاسخ عنه ولم تطلب وسيلة لإثباته فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إلزامها بالرد يكون له سنده بالأوراق ويكون النعى عليه لا يعدو كونه جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فى فهم الواقع وتقدير الأدلة تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويكون النعى غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض هذا الطعن أيضاً.