«النقض»: الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 3308 لسنة 91 قضائية، أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة والمخدر المضبوط الذي هو نفي للتهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يُستفاد الرد عليها من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن إستوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الأفيون المخدر مجرداً من أي من القصود المسماة في القانون جميعاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الإستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه اعتنق تصوير ضابطي الواقعة الضبط وعول علي أقوالهما في قضائه بالإدانة رغم عدم معقوليتها لما يتصف به تجار المخدرات من حيطة وحذر وتجهيل مكان الضبط وعدم وجود سوابق للطاعن.
وأورد الحكم في مدوناته أن الطاعن يحرز الجوهر المخدر بقصد الإتجار ثم انتهى إلي عدم توافر ذلك القصد لديه ، مما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة ، والتفت الحكم عن دفاعه القائم علي أن الحرز المضبوط ليس هو المعروض علي النيابة العامة بدلالة اختلاف وزن المادة المخدرة عند التحليل عنها لدي التحريز، وأعرض الحكم عن الرد علي دفاعه في هذا الشأن ، ولم تجر المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن بسماع أقوال شاهدي الإثبات لإستجلاء الحقيقة.
ودفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلته بالواقعة والمخدر المضبوط إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يرد عليه ، ولم تجر المحكمة معاينة لمكان الضبط ولم تقم المحكمة بتفريغ كاميرات المراقبة الموجودة بذات المكان ، كما لم تجر معاينة لمكان ضبط متهم آخر ثم ضبطه في ذات التوقيت بمعرفة الضابطين وصولاً إلي استحالة حدوث الواقعة لبعد المسافة بين موقعي الضبط ، وأخيراً فقد أخطأ الحكم حين أورد في مدوناته أسم الطاعن بدلاً من شاهد الإثبات الأول ، كل أولئك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بينّ واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الرائد/ ……………………. وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ومعاينة النيابة العامة للسيارة رقم ص م د 9846 وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها علي بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخري مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلي أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتي أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها علي عدم الأخذ بها ، وكان تجهيل مكان الضبط وعدم وجود سوابق الطاعن ـــــــ بفرض صحته ــــــــ لا ينال من سلامة أقوال شاهد الإثبات ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة وعدم معقوليتها بدعوي أن تجار المخدرات يتصفون بالحيطة والحذر وتجهيل مكان الضبط وعدم وجود سوابق للطاعن .
ينحل إلي جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتهما في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل سواء في مدوناته أو في معرض إيراده أقوال شاهدي الإثبات أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون ولا محل له.
لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوي وأحاطت بالإتهام المسند إلى المتهم ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتها في ذلك بدعوي اضطراب صورة الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة ينطوي على منازعة موضوعية مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ـــــــ محكمة النقض ـــــــ قد استقر على أنه متي كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت لذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل ـــــــ كما هو الحال في الدعوي المطروحة ـــــــ فلا تثريب عليها أن هي قضت في الدعوي بناءً على ذلك، ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه في هذا الشأن، ومن ثم فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع علي محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق معين أو سؤال ضابطي الواقعة لإستجلاء حقيقة وزن الجوهر المخدر المضبوط، ومن ثم فلا يصح له ـــــــ من بعد ـــــــ النعي عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لك يطلبه منها ول ترهي من جانبها حاجة لإجرائه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة والمخدر المضبوط الذي هو نفي للتهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يُستفاد الرد عليها من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
لما كان ذلك ، وكان لا يبين من الإطلاع علي محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد طلب من المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط وتفريغ كاميرات المراقبة الموجودة بذات المكان، كما لم يبد دفاعاً يتضمن أن ضابطي الواقعة قاماً بضبط آخر في ذات التوقيت في مكان يبعد عن مكان الضبط في الدعوي المطروحة ولم يطلب من المحكمة إجراء معاينة له للتدليل علي استحالة حدوث عملية الضبط لبعد المسافة بين المكانين ، فليس له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم ترهي من جانبها حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلي صحة الواقعة كما رواها شاهدي الإثبات .
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يخطئ في بيان أسم شاهد الإثبات الأول ـــــــ خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب الطعن، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
أميـــــن الســــــــــر رئــيــــس الدائــرة